الكتاب
ER Nurses: True stories from the frontline
المؤلف
دار النشر
Penguin Random House - UK
الطبعة
(1) 2021
عدد الصفحات
292
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
08/31/2024
التصنيف
الموضوع
الوجه الآخر لمنقذي الأرواح
درجة التقييم

ER Nurses: True stories from the frontline

تأتي هذه المجموعة القصصية عن وقائع ومواقف وأحداث جرت حقيقة في ردهات المستشفيات، يرويها أبطالها الحقيقيون من طاقم التمريض كخط دفاعي أول في تلك الصروح المعنية بإنقاذ الأرواح، لا سيما في غرف الطوارئ المضاءة بالنيون الأحمر على الدوام، ووحدات العناية المركزة الأشد حرجاً .. وهي المجموعة التي لم تخلُ من خواطر وهواجس وتأملات وجدانية جادت بها مكنونات القلوب البشرية التي لم يبالِ أصحابها في معاينة الموت وجهاً لوجه في كل لحظة، من أجل كل إنسان .. ليحيا!

يضع هذه المجموعة (جيمس باترسون James Patterson 1947) وهو أحد أشهر الكتاب الأمريكيين وأكثرهم مبيعاً على الإطلاق، حيث فاقت مبيعات كتبه أربعمائة مليون نسخة حول العالم، والتي تتضمن أعمالاً فكرية وروائية إضافة إلى أدب الأطفال واليافعين. تذكر الفقرة التعريفية في نهاية الكتاب كذلك، تبرعه بملايين الدولارات على شكل منح لمتاجر الكتب المستقلة، وقد كان الأكثر استعارة في مكتبات المملكة المتحدة على مدار السنوات الثلاث عشرة الماضية. يعيش حالياً في فلوريدا مع عائلته، بعد تقاعده من الجيش الذي أمضى في خدمته عشرين عاماً.

ومن المجموعة التي تنال ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي، وتنقسم إلى أربعة أجزاء (المناوبة الصباحية، المناوبة الليلية، مناوبة الطيران، الامتنان)، أقتطف ما علق في خاطري وأدونه فيما يلي، وباقتباس في نص شجي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • تشترك (أنجيلا باروان) مع الكثير من زملاء مهنتها في المشاعر التي يخفونها تحت مظهر الثبات، إلا إن لدى كل واحد منهم قلب أكثر مما يظهر في العلن. وفي حين يستفسر الأستاذ الجامعي الذي تم تشخيصه بسرطان البنكرياس، عن مدى قدرتها التوفيق بين دراستها الصباحية وعملها الليلي، تعلّق قائلة: “تذكر! لا شيء يستحق العناء في الحياة يأتي بسهولة”.
  • لا تختلف (جينيفر) عن زميلتها السابقة، فهي تقول كممرضة في غرفة الطوارئ تحديداً: “عندما تكوني ممرضة في غرفة الطوارئ، ليس لديك وقت للتعبير عن مشاعرك، ناهيك عن التفكير فيها. ما لديك من مشاعر، عليك عزلها والتحكم فيها. امض قدماً واستمري. إذا لم تتمكني من القيام بذلك، فلن تنجحي كممرضة في غرفة الطوارئ”.
  • أما (آمبر ريتشاردسون) فتنصّب الممرضة كأول من يرى المريض! إنها تقيس المؤشرات الحيوية وتقيّم الحالة الصحية وتقترح الفحص اللازم وأكثر، وكل هذا قبل معاينة الطبيب التي تتم عادة لبضع دقائق! إنها تستمر في مراقبة المريض بعد ذلك وتكتشف خطأ الطبيب في الدواء أو في جرعاته، لذا تجدها تقول: “لا أعتقد أن عامة الناس يعرفون مقدار ما تفعله الممرضات”.
  • وبعد عملية إنعاش مريض شاركت فيها (شانين كين) وتطلّب منها ضغط صدره يدوياً، وأصوات طقطقة الغضاريف تلك التي خيّل لها أنها أضلاعه التي تكسّرت تحت يدها، يبدو لها كم هو مشهد سريالي وهي تعترف “في تلك اللحظة أدركت أنني ممرضة في غرفة الطوارئ”. تزوره فيما بعد ليشكرها من خلال دموعه التي سالت استجابة لدموعها، وهو لا يزال يعاني من آلام في صدره. فتعقّب على هكذا تجربة لم تشهد مثلها أبداً فيما بعد: “إن تجربة إنعاش شخص ما، ثم التمكن من مقابلته والتحدث معه فيما بعد، أمر نادر للغاية كما تعلمت”.
  • وفي الوقت الذي كانت فيه (مارجريت كارمان) على وشك مغادرة عملها للاحتفال بعيد ميلاد طفلها الثاني، يتم استدعاؤها من قبل كامل فريق العمل لمعاينة نوبة قلبية لطفلة ابتلعت على غفلة مضاد الاكتئاب لجدتها بأكمله، والتي تَوافق تاريخ ميلادها مع تاريخ ميلاد طفلها. تعمل ما في وسعها لإعادتها للحياة وقد كانت والدتها في طريقها نحو المستشفى لتوديع طفلتها كما كان مفترضاً. تتوارد لها تلك التساؤلات أثناء عودتها للمنزل تتعلق بمدى قدرتها الفعلية في تقديم خدمة إنسانية وإن كانت ضئيلة، وما إذا كانت موجودة في الحياة من أجل شخص ما؟ فتقول: “أعتقد أن الله خلقني لمساعدة الناس. أعلم أن هذا قد يبدو مبتذلاً لكن التمريض هو رسالتي. لا أفعل الكثير من الأشياء الجيدة ولا أتبرع بمئات الدولارات للجمعيات الخيرية، ولكن والله، أنا موجودة من أجل الناس”.
  • تتحدث (كيلي جبسون) عن تجربتها كممرضة وكمريضة أثناء وباء كوفيد، وعن المشاعر المختلطة فيما واجهت من حالات بائسة، لا سيما وقد كانت مستجدة في وحدة العناية المركزة! فتقول: “يتم فصل مرضى كوفيد عن الجميع، لذا فهم لا يواجهون المرض فحسب، بل والعزلة أيضاً. أحاول قصارى جهدي لمساعدة مرضاي على إعداد اجتماعات FaceTime أو Zoom مع عائلاتهم، لكن الأشخاص المصابين بكوفيد يمكن أن يتحولوا بسرعة إلى الأسوأ، ولا يوجد دائماً الوقت الكافي”. رغم ذلك، فإنها تصرّح بأن “مساعدة المرضى وعائلاتهم ليست ميزة وحسب، إنها مكافأة”.
  • أما (فيكتوريا لندسي) التي تعمل كممرضة في جراحة القلب والأوعية الدموية، فإنها لا تعتقد بأن كل من يحصل على قلب جديد يعتني به حقاً! فقد لاحظت كم من عمليات زرع القلب قد فشلت بسرعة رهيبة جراء عدم تمكن المرضى من التحكم في مرض السكري لديهم، حيث انتهى بهم الأمر إلى تدمير ذلك القلب! توبّخ أحدهم حين أخبرها بأنه امتنع عن تناول أدوية تثبيط المناعة قائلة: “هل تدرك أن شخصاً ما مات من أجلك، أليس كذلك؟ وأن هذا القلب الذي تملكه كان من الممكن أن يذهب إلى شخص أكثر صحة أو أصغر سناً؟ شخص كان بإمكانه أن يفعل شيئاً أفضل في حياته. ولكن تم منحه لك، والآن لا تريد تناول أدويتك اللعينة؟”.
  • وبينما ينهي (بوب هيسي) حديثه عن مهنته وهو محاضر في الطب القتالي ويعمل في تدريب الأطباء العسكريين، قائلاً: “لا يتملكني أي ندم في حماية الأرواح”، يعبّر (أندرو فيستا) عن أساه بعد أن فقد مريضاً على جهاز التنفس الصناعي وقد أعطاه وزوجته الكثير من الأمل، وهو يعمل في شركة تختص بتعيين الممرضين وبدوام جزئي في غرفة الطوارئ، ويقول: “أحياناً، يكون الأمل هو كل ما نملك”. أما (جون أنتونيل) الذي عمل في الجيش قبل أن يلتحق كممرض في غرفة الطوارئ، فيقول: “لقد جئت من الجيش ومن وحدات إنفاذ القانون، وهناك وصمة عار حول إظهار المشاعر! من المفترض أن تكبح جماح مشاعرك .. أنت الرجل القوي! ومع أن عليك التعامل مع المشاعر كجزء من الوظيفة، فإن دفن المشاعر في أعماقك ليس جزءاً من الوظيفة، إذ عليك أن تتحدث إلى شخص ما، سواء كان قساً أو فرداً من الأسرة أو صديقاً أو مستشاراً. إذا لم تفعل ذلك، إذا احتفظت بها في عقلك، فسوف تأكلك حيّاً! لن تدمر حياتك المهنية فحسب، بل ستدمر شخصيتك أيضاً. أنا الآن في دور قيادي حيث أقوم بتدريس الكثير من الممرضين الجدد، وأؤكد باستمرار على أهمية الشعور بمشاعرك. لا بأس أن تكون ضعيفاً .. لا بأس أن تتألم .. أن تبكي .. لا بأس أن تشعر بالخسارة. في بعض الأحيان، أقول لهم، إنكم تصبحون جزءاً من معجزة، وفي أحيان أخرى -بغض النظر عن مدى جودة أداء وظيفتكم- فإن الأمر لا ينجح ببساطة، فالناس سوف يعيشون، والبعض الآخر سوف يموتون، وليس لديكم أي سيطرة! كل ما عليكم فعله هو أداء وظيفتكم وحسب”.
  • وبينما تجري (ميجان أوتينباتشر) إنعاش قلبي رئوي لطفل ويموت، يتعين عليها الذهاب لرؤية مريض آخر مصاب بالتهاب في أسنانه وغاضباً غضباً شديداً لاستغراقها وقتاً طويلاً في إحضار المسكنات! لقد تعلمت بمرور الوقت أن تضع الأمور في نصابها الصحيح، فلا تدع للمآسي طريقاً لقلبها، وأن تبقى حاضرة في اللحظة، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن الضريبة العاطفية التي يفرضها كل هذا أعظم بكثير! تعود يوماً إلى المنزل منهكة من عملها فتحاول تخفيف شيء من ذلك الضغط بالحديث إلى زوجها، فيصدمها بردّه وهو جندي مشاة بحرية خدم مرتين في العراق: “أنت لا تعرفين التوتر لأنك لم تخوضي حرباً أبداً”. وبينما تتفهم قوله، تود أن تحدّثه عن تجربتها، فيقول لها من جديد وهو يوصيها بالصبر: “عليك أن تتحملي الأمر يا ميجان! لم تمسحي دماغ شخص ما من على نافذتك قط! حسناً، هل تعلمين ماذا؟ لم تحملي طفلاً ميتاً قط، ولم تضطري أبداً إلى إعطاء ذلك الطفل الميت لأمه. هذه ليست مسابقة تفوق. أنا لا أحاول تبادل قصص الحرب معك، أنا فقط أحاول أن أخبرك بمدى صعوبة يومي! هذا ما أريد قوله. بدلًا من ذلك، أخفي الأشياء في قواي”
  • وكمسك ختام لتلك الحالات الإنسانية التي تطلب بعضها تجرداً من الإنسانية لإنقاذها، تعمد (لوري باليمبو) إلى التعامل بشكل يومي مع فوضى محيطة وبوتيرة سريعة في غرفة الطوارئ والحوادث وما يصاحبها من موت محتم، فتجمع كل حالة وفاة في صندوق وتركنها فوق رف حتى حين معاينتها من جديد، كأنها صناديق لمجرد أشياء وكأنها مختلة عقلياً أو ما شابه. لكنها تخلص قائلة بقول مفعم بالإيمان: “لكن الشيء الرئيسي الذي تعلمته بصفتي ممرضة، أنه بإمكانك القيام بكل شيء على النحو الصحيح، لكن في النهاية، الله ينتصر! فإذا كان ذلك الوقت هو وقت رحيلك، لا يهم ما نقوم به نحن جميعاً في غرفة الطوارئ”.

 

تم نشر مقالة عن المجموعة القصصية في جريدة الشرق

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل المجموعة القصصية (80) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهي آخر ما قرأت في شهر يوليو! وقد حصلت عليها من مكتبة جرير مع كتاب آخر في فبراير الماضي، يصب في نفس الواقع، هو (A Matter of Life and Death – By: Kelly Critcher).

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة القراءة ليلاً نهاراً .. وكأنه حلم تحقق!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: محمد كريشان يروي: وإليكم التفاصيل / أعمدة الحكمة السبعة / علم رواية القصص / إعجام / من يهودية الدولة حتى شارون / العشق الإلهي: تعاليم من التقليد الصوفي

وعلى رف (مجموعة قصصية) في مكتبتي، عدد قليل .. أذكر منها: (بعد منتصف الليل) – تأليف: عبدالوهاب السيد الرفاعي / (تسع عشرة امرأة: سوريّات يروين) – تأليف: سمر يزبك / (العواصف) – تأليف: جبران خليل جبران / (تدابير القدر) – تأليف: محمود شيت خطاب / (اعترافات رجل وقح) – تأليف: وفاء مليح / (يعني إيه راجل؟) – تأليف: د. رشا سمير / (الآن نفتح الصندوق) – تأليف: د. أحمد خالد توفيق / (غزة بلوز) – تأليف: إتغار كيريت / (بيت تسكنه الأشباح وقصص أخرى) – تأليف: فيرجينيا وولف / (رجال بلا نساء) – تأليف: إرنست همنغواي / (حكايات أندلسية) – تأليف: خوان إجناثيوبيريث / (الباب وقصص أخرى) – تأليف: فرناندو بيسوا / (أقاصيص من الأساطير اليونانية) – تأليف: جيمس بالدوين 

تسلسل المجموعة القصصية على المدونة: 530

تاريخ النشر: أغسطس 3, 2024

عدد القراءات:159 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *