الكتاب
A Letter to a Young Poet
المؤلف
دار النشر
Read & Co. Classics
الطبعة
(1) 2021
عدد الصفحات
30
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
02/27/2025
التصنيف
الموضوع
رأي أديبة في الشعر الحديث
درجة التقييم

A Letter to a Young Poet

في خريف 1931، تبدأ الأديبة الإنجليزية (فرجينيا وولف 1882 : 1941) بالعمل على مسودة خصصتها للرد على سؤال شاعر شاب يُدعى (جون ليمان 1907 : 1987) كان أحد قرائها الذي همّه رأيها حول الشعر الحديث .. المسودة التي حملت رأي ثاقب رغم قصرها، فخرجت للنور في نهاية المطاف كمقالة تحمل عنوان (رسالة إلى شاعر شاب A Letter to a Young Poet).

لذا، تفصّل فيرجينيا -والتي عُرفت كنسوية لا تتملق أحد- في طرحها عن الشعر والنثر والرؤية الشخصية لكل شاعر فيما يكتب، متضمناً تأملاتها الخاصة حول الشعر كفن، والغرض منه، ومكانته في الأدب الحديث، والتحديات المنوطة به!

تتضمن هذه الطبعة المنقحة للكتاب مقالة بعنوان (الاحترافية Craftsmanship) والتي بثّتها ابتداءً هيئة الإذاعة البريطانية عام 1937، والتي تكشف فيها فيرجينيا عن تعقيدات اللغة المجردة ودور الكاتب في تشكيلها بملكته وأسلوبه الخاص، وهي من ناحية أخرى تعكس رؤية الأديبة الفلسفية تجاه الكلمة المكتوبة، وقدرتها المتفرّدة في تناول النص الأدبي تحليلاً وتعبيراً.

إنها أبرز أديبات القرن العشرين اللاتي انخرطن مبكراً في حركة تحرير المرأة الأوروبية، وتركت إرثاً من الأعمال الفكرية والأدبية والروائية بعد أن انتحرت غرقاً في نهر أوز في نورث هامبتون، وقد تعرّضت لصدمات قاسية في حياتها القصيرة. تعمد فيرجينيا إلى طرح آرائها وأفكارها وانتقاداتها كذلك، في الأدب والرواية والنثر والشعر، من خلال أسلوب أدبي لا يثبت على لون واحد، فأحياناً يأتي غامضاً وأحياناً استفزازياً وأحياناً جريئاً وأحياناً موضوعياً وأحياناً جدلياً وأحياناً ساخراً …، كان له كبير الأثر في حركة الأدب الأوروبي الحديث.

لا تخلُ المقالة الكلاسيكية من صعوبة، لا للغة التي جاءت مباشرة، لكن للمعنى المنطوي في ثناياها. ومنها، أقتبس ما راق لي من الجزئين، وباجتهاد شخصي في الترجمة (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

من (A Letter to a Young Poet)

I admit that the age we live in makes this difficult. For the first time in history there are readers-a large body of people, occupied in business, in sport, in nursing their grandfathers, in tying up parcels behind counters-they all read now; and they want to be told how to read and what to read; and their teachers-the reviewers, the lecturers, the broadcasters- must in all humanity make reading easy for them; assure them that literature is violent and exciting, full of heroes and villains; of hostile forces perpetually in conflict; of fields strewn with bones; of solitary victors riding off on white horses wrapped in black cloaks to meet their death at the turn of the road. A pistol shot rings out. “The age of romance was over. The age of realism had begun”-you know the sort of thing. Now of course writers themselves know very well that there is not a word of truth in all this there are no battles, and no murders and no defeats and no victories. But as it is of the utmost importance that readers should be amused, writers acquiesce. They dress themselves up. They act their parts. One leads; the other follows. One is romantic, the other realist. One is advanced, the other out of date. There is no harm in it, so long as you take it as a joke, but once you believe in it, once you begin to take yourself seriously as a leader or as a follower, as a modern or as a conservative, then you become a self-conscious, biting, and scratching little animal whose work is not of the slightest value or importance to anybody. Think of yourself rather as something much humbler and less spectacular, but to my mind, far more interesting-a poet in whom live all the poets of the past, from whom all poets in time to come will spring.

وهي تعني بقولها:

اعترف بأن العصر الذي نعيش فيه يجعل هذا الأمر صعباً. فلأول مرة في التاريخ نجد القراء -مجموعة كبيرة من الناس، منشغلون بالأعمال التجارية، وبالرياضة، وبرعاية جدودهم، وبربط الطرود خلف المناضد- يقرؤون جميعاً الآن، ويرغبون لأن يتم إرشادهم نحو كيف وماذا يقرؤون، ويتعين على -أساتذتهم، النقاد، المحاضرين، والمذيعين- أن يجعلوا القراءة سهلة بالنسبة لهم، أن يؤكدوا لهم على أن الأدب عنيف ومثير، ومليء بالأبطال والأشرار، وبالقوى المعادية التي تخوض صراعاً دائماً، وبالحقول المليئة بالعظام، وبالمناضلين العزّل الذين يمتطون جياداً بيضاء ملفوفة بعباءات سوداء ليواجهوا حتفهم عند منعطف الطريق. وهنا تنطلق طلقة مسدس. “لقد انتهى عصر الرومانسية وبدأ عصر الواقعية” ـ وأنتم تعلمون هذا النوع من الأشياء. وبالطبع فإن الكتّاب أنفسهم يدركون تمام الإدراك أنه لا توجد كلمة حق في كل هذا .. فلا توجد معارك، ولا جرائم قتل، ولا هزائم، ولا انتصارات. ولكن بما أن تسلية القراء من الأمور البالغة الأهمية، فإن الكتّاب يرضخون. إنهم يرتدون ملابسهم ويؤدون أدوارهم .. أحدهم يقود والآخر يتبع، أحدهم رومانسي والآخر واقعي، أحدهم متمدن والآخر رجعي .. ولا ضرر في ذلك ما دمت تعتبره مزحة، ولكن ما إن تؤمن به، وما إن تبدأ في أخذ نفسك على محمل الجد كقائد أو تابع، كشخص متحضّر أو محافظ، فإنك تصبح واعياً بذاتك، مخلوق صغير حاد ومؤذي لا يمثل عمله أدنى قيمة أو أهمية لأي شخص. فكر في نفسك كشيء أكثر تواضعاً وأقل إثارة للإعجاب، ولكن في رأيي، شاعر أكثر إثارة للاهتمام، يعيش فيه جميع شعراء الماضي، وسيخرج منه جميع الشعراء في المستقبل.

 

من (Craftsmanship)

Most of the faults in the poems I have been reading can be explained, I think, by the fact that they have been exposed to the fierce light of publicity while they were still too young to stand the strain. It has shrivelled them into a skeleton austerity, both emotional and verbal, which should not be characteristic of youth. The poet writes very well; he writes for the eye of a severe and intelligent public; but how much better he would have written if for ten years he had written for no eye but his own! After all, the years from twenty to thirty are years (let me refer to your letter again) of emotional excitement. The rain dripping, a wing flashing, someone passing-the commonest sounds and sights have power to fling one, as I seem to remember, from the heights of rapture to the depths of despair. And if the actual life is thus extreme, the visionary life should be free to follow. Write then, now that you are young, nonsense by the ream. Be silly, be sentimental, imitate Shelley, imitate Samuel Smiles; give the rein to every impulse; commit every fault of style, grammar, taste, and syntax; pour out; tumble over; loose anger, love, satire, in whatever words you can catch, coerce or create, in whatever metre, prose, poetry, or gibberish that comes to hand.

وهي تعني بقولها:

إن أغلب العيوب في القصائد التي قرأتها يمكن تفسيرها، في اعتقادي، بحقيقة تعرضها لضوء الدعاية العنيف وهي لا تزال حديثة للغاية بحيث لا تستطيع تحمل هذا الضغط. وقد أدى ذلك إلى انكماشها عاطفياً ولفظياً، وهو ما لا ينبغي أن يكون من سمات الشباب. إن الشاعر يكتب بشكل جيد للغاية .. إنه يكتب لعين جمهور صارم وذكي، ولكن كم كان ليكتب بشكل أفضل لو أنه لم يكتب لمدة عشر سنوات لأي عين سوى عينه! ففي نهاية المطاف، فإن الأعوام من العشرين إلى الثلاثين هي أعوام (اسمح لي بالإشارة إلى رسالتك مرة أخرى) الإثارة العاطفية. فالأمطار التي تتساقط، والأجنحة التي تومض، ومرور شخص ما .. كل هذه الأصوات والمشاهد العادية، لها القدرة على دفع المرء -كما أتذكر- من ذروة النشوة إلى أعماق اليأس. وإذا كانت الحياة الحقيقية متطرفة إلى هذا الحد، فإن الحياة الخيالية لابد وأن تكون متاحة لاتباعها. لذا، اكتب الآن وقد أصبحت شاباً، رزمة ورق من الكلام الفارغ. كن سخيفًا، كن عاطفيًا، قلد شيلي، قلد صامويل سمايلز .. أطلق العنان لكل دافع، ارتكب كل خطأ في الأسلوب والقواعد والذوق والنحو .. اسكب، انقلب، أطلق العنان للغضب والحب والهجاء، في أي كلمات يمكنك التقاطها أو إكراهها أو إنشائها .. في أي وزن، أو نثر، أو شعر، أو هراء يأتي في متناول اليد.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (5) ضمن قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025 .. وقد حصلت عليه من موقع (أمازون) في سبتمبر الماضي ضمن مجموعة قيّمة من الكتب باللغة الإنجليزية .. وهو آخر ما قرأت في يناير ضمن خمسة كتب!

من فعاليات الشهر: كعادة كل عام، تزدحم الأعمال في نهايته لتمتد إلى العام الذي يليه .. وهذا ما حدث في هذا الشهر، فلم أتمكن من قراءة سوى خمس كتب …… حتماً سأعوض ما فات!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: The Art of Being ALONE / Lies My Doctor Told Me / المبدأ الأنثوي الأبدي: أسرار الطبيعة المقدسة

ملاحظة على هامش المراجعة: كما يُقال في العربية “رب ضارة نافعة” .. فمع جرعة الخيبة التي منيت بها بعد قراءة الكتاب في ترجمته العربية، جاءت جرعة التحفيز نحو قراءة الكتاب في نصّه الأصلي .. أكبر!

تسلسل الكتاب على المدونة: 605

تاريخ النشر: فبراير 6, 2025

عدد القراءات:60 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *