ماذا أقول بحق الجحيم؟!
لم تكن فلسفة المؤلف هي السبب! إذ ليست هي المرة الأولى التي اقتحم فيها أبواب مقفلة بشمع التابو الأحمر، قديمة وحديثة .. أو الغوص عميقاً في بحور فكرية متلاطمة الأمواج، ما قد يمس منها السماء وقدسيتها وما يفضح منها مكنونات النفس البشرية! غير أن ترجمة الكتاب جاءت سميّة بقدر لعنت فيها سماسرة الأدب، بينما كان الكتاب يئن منكفئاً بعد أن تركته وحيداً فوق الأريكة، وأنا لم أصل بعد إلى منتصفه!.
فعلى سبيل المثال وأنا أجاهد في فك الشفرات، اعتقدت بأن المؤلف كان يوجّه نقداً حول عدم تدريس الثقافة الجنسية بين الطلاب في سن مبكّرة، بل وتأتي التنظيمات الداخلية بشكل يعزز الفصل بين الجنسين، وذلك من خلال نظرة على مدارس المرحلة الإعدادية في القرن الثامن عشر. فأقتبس ما جاء ابتداءً منه (مع كامل الاحترام لحقوق النشر): “فبكيفية إجمالية، يمكن أن يكون لنا انطباع بأن ليس هناك فيها عملياً أي كلام عن الجنس. ولكن يكفي إلقاء نظرة سريعة على المركبات المعمارية، على قواعد النظام وعلى كل التنظيم الداخلي: ففي كل ذلك لم يكن الأمر يتعلق إلا بالجنس. فقد فكر فيه البناؤون، وبصراحة. وأخذه المنظمون بعين الاعتبار بكيفية دائمة. بل إن كل الذين يملكون جزءاً من السلطة وضعوا في حالة استنفار دائم، وهي حالة كانت التنظيمات، والاحتياطات المتخذة، ولعبة العقوبات والمسؤوليات، تنعشها وتعيد إطلاقها دون توقف. ففضاء قاعة الدرس، وشكل الطاولات، ونظام فترات الاستراحة، وتوزيع المراقد (بالفواصل أو بدونها، بالستائر أو بدونها)، والتنظيمات المقررة لمراقبة الرقاد والنوم، كل هذا كان يحيل بالكيفية الأكثر إطناباً على جنسانية الأطفال”.
ونظراً لعراقة الكتاب (Histoire de la sexualité 1. La Volonté de savoir – By: Michel Foucault) الذي يُعد من أمهات الكتب في مجاله، ومؤلفه الفيلسوف الفرنسي الأشهر في القرن العشرين (ميشيل فوكو 1926 : 1984)، فقد دفعني الحماس لشراء مجموعة (تاريخ الجنسانية) كاملة بأجزائها الثلاث، وهي: (إرادة العرفان / استعمال المتع / الانشغال بالذات) .. ويا للخسارة!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (68) في قائمة احتوت على (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو رابع ما قرأت في شهر أغسطس من بين عشرة كتب. وقد حصلت عليه من متجر جملون الإلكتروني للكتب في ديسمبر من عام 2019، ضمن (35) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!
لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.
وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (أغسطس)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:
“لا جديد غير القراءة .. ويستمر الحجر الصحي“.
تسلسل الكتاب على المدونة: 247
التعليقات