الكتاب
استعباد النساء
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
The Subjection of Women - By: John Stuart Mill
المترجم/المحقق
ياسر شعبان
دار النشر
كنوز للنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2019
عدد الصفحات
165
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/17/2019
التصنيف
الموضوع
دعوى لتمكين المرأة مع طلائع الحركة النسوية
درجة التقييم

استعباد النساء

كتاب يُقرأ من عنوانه، نشره الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل (1806 : 1873) عام 1869 لينتقد من منظور فلسفي وبموضوعية وضع المرأة المتدني آنذاك، في أوروبا عموماً وفي إنجلترا على وجه الخصوص!. وهو بهذا يُعتبر من طلائع الكتب التي تصّدرت دعوى تمكين المرأة في تاريخ الحركة النسوية، ومن أبرزها في مدرسة النسوية الليبرالية التي استهلت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين .. وهو الكتاب الذي يُقال إن زوجة الفيلسوف هاريت تايلور ميل قد شاركت في تأليفه!.

يقول الفيلسوف ابتداءً قولاً يصف فيه الوضع الذي كان سائداً حين إصداره للكتاب، نحو النظرة الدونية للمرأة وإلزامية تبعيتها للرجل، إذ: “ووضع النساء في اليوم الراهن، هو الحالة الوحيدة التي لا يزال ينظرون فيها إلى التمرد ضد القواعد المقررة بنفس النظرة السابقة التي ينظرون بها إلى حق الرعايا في التمرد ضد الملك: فالمرأة التي تنضم إلى حركة لا يوافق عليها زوجها تجعل من نفسها شهيدة، حتى لو كان في وسعها أن تكون رسولاً يبشر بالمبادئ، إذ في وسـع الزوج، قانوناً، أن يوقف هذا التبشير، فلا يمكن أن نتوقع من النساء أن يكرسن أنفسهن لتحرير المرأة، قبل أن يكون الرجال، وبأعداد وفيرة، على استعداد للانضمام إليها في هذا الموضوع”.

يتفرع الكتاب (The Subjection of Women – By: John Stuart Mill) في مناقشة الموضوع القديم-الحديث إلى أربع فصول رئيسية، أعرضها تباعاً مع تسليط الضوء على أبرز ما جاء فيها، وقد حظي معها الكتاب بثلاث نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، كما يلي:

الفصل الأول: قانون القوة: ويتحدث عن قانون الغاب الذي اتخذ من طبيعة المرأة حجّة لحصرها في ثالوث البيت والزواج والإنجاب، وحرمانها مما عداه من الأعمال في نطاق المجتمع.

وما يلي مقتطفات مما ورد في الفصل:

  • يستهل الفيلسوف بعرض فكرة غاية في العُجب والأهمية، إذ يرى أن موضوع البحث ينطوي على كثير من الصعوبة، لا لقلة البراهين العلمية، بل للأثر العاطفي الراسخ في اعتقاد البشر!. ففي حين يتأصل شعور اللامساواة بين الجنسين عند شعب ما، تصبح عملية مقاومة البراهين العلمية ضده أكثر ضراوة، إذ أن دحض الأفكار بالحجج العلمية تؤتي أكلها على عكس دحض المشاعر بذات الحجج، حيث تأتي بنتائج عكسية وتصبح مقاومة الشعب لها أكثر صلابة، في قناعة أن مشاعرهم أقوى من أي برهان.
  • يعيد الكاتب الوضع الحالي من اللامساواة إلى جذوره، حيث تشهد طلائع المجتمع البشري خضوع المرأة للرجل انطلاقاً من قيمتها لديه مضافاً إلى ضعفها البنيوي. ومع بداية ظهور المجتمعات المدنية، عملت السياسة على إقرار ما تعارف عليه أفراد المجتمع من علاقات وتقاليد وأنظمة عرفية، وعليها سُنت القوانين المرعية!. نتيجة لذلك، أصبح العبيد -ومن ضمنهم النساء- ملزمين عُرفاً وقانوناً بالرضوخ، بعد أن كانت علاقة السيد والعبد تحكمها أعراف العشيرة فقط.
  • احترام الإنسان، وملكيته، وكرامته، وسعادته إنما هي قيم يحظى بها الفرد على قدر ما يملك من قوة لفرضها على الآخرين .. وهذا من أقسى الصور التي يعكسها التاريخ في طبيعة النفس البشرية.
  • يشهد التاريخ البشري في إحدى فتراته انقسام المجتمع إلى طبقتين رئيسيتين: (السلطة) وتتمركز في قلة قليلة، (العبيد) وهم الأغلبية الساحقة .. وعليه فقد كان يُعتبر استعباد النساء مظهراً طبيعياً. لقد كان هذا الفكر سائداً بل وقد نادى به أصحاب العقول النيّرة، ومن بينهم الفيلسوف الإغريقي أرسطو، الذي كان يعتقد يقيناً أن البشر يختلفون في طبائعهم والتي تتم التفرقة بينهم بناءً عليها، فهناك من يتحلى بطبائع الأحرار كاليونانيين، ومنهم من يتحلى بطبائع العبيد كالأسيويين. وعلى هذا الأساس، جاءت التفرقة الطاغية لصالح الرجل ضد المرأة.
  • يعتقد الفيلسوف أن العوامل الاجتماعية وطبيعة تنشئة المرأة تحول دون تمرد النساء الجماعي في وجه الطغيان الذكوري، حيث إن الرجل لم يعمل على إخضاع المرأة لطاعته فحسب، بل وقد جعلها تخضع في طواعية واختيار ذاتي، وذلك من خلال السيطرة على عقلها. ففي حين استخدم هؤلاء قوتهم الذاتية أو العنف الديني في إخضاع العبيد، جاء استعباد المرأة في أبسط ما يكون، حيث تنشئ منذ نعومة أظفارها على السلبية والتبعية وإنكار الذات، وبالاعتقاد الخالص أن المرأة المثالية هي التي يضاد سلوكها سلوك الرجل، فلا تملك الإرادة الحرة ولا تعيش لعاطفتها المتدفقة، ولا ُيسمح لها بالتعبير عنها إلا في حدود ما يرتضيه المجتمع، بل وعليها أن تسخّرها بالكلية لزوجها ولأطفالها.
  • يتحدث الفيلسوف عن فرضية الرجال التي تزعم بأن الرسالة الطبيعية للمرأة هي في أن تصبح زوجة وأم، غير أنه يبدو -وعلى النقيض- أن تلك الرسالة الطبيعية قد تكون الأكثر نفوراً لها، بمعنى أنه لو أعطيت المرأة الحرية في اختيار وضعها وعملها وكسبها لاختارت أوضاعاً مغايرة لما يزعمه الرجال. بدوره، يطالب الفيلسوف أن يعلنها الرجال صراحة في أن زواج المرأة وانجابها ضروري للمجتمع، وإنه يجب إرغامها عليه لأنها لن تقوم بهذا من تلقاء نفسها.

الفصل الثاني: أوضاع الزواج: ويتحدث عن الوضع الجائر للمرأة المتزوجة والأشبه بالرق، ليس فقط من خلال التنشئة الأسرية والأعراف الاجتماعية القائمة على تسخير المرأة للرجل، بل بما يناصر هذا الأخير من تشريعات وقوانين متحيزة، تصب في صالحه.

وما يلي مقتطفات مما ورد في الفصل:

  • في المجتمعات البدائية، كان للأب الحق في تزويج بناته أو حتى بيعهن، ويشهد تاريخ أوروبا القريب تلك السلطة الأبوية في تزويج الابنة دون الاعتبار لرأيها، غير أن الكنيسة كانت تمارس شيء من الاعتبار في طلب موافقتها الرسمية حين عقد القران -وإن كانت موافقة إجبارية-، غير أنها تستطيع التملص في حال نذر نفسها للدير.
  • على الرغم من أن القوانين الإنجليزية القديمة كانت تطلق على الزوج لقب (سيد) في تأكيد رسمي لعبودية الزوجة، فأن الحضارة لم تنصفها بالشيء الكثير وإن ادعت ذلك، فقد استمر الحال على ما هو عليه من معاملة الزوجة كأمة، وتعهدها بالطاعة طوال عمرها، واستحالة القيام بأمر ما دون إذنه، وعدم التملك، فهي وما تملكه له. يضيف الفيلسوف معقباً أن وضع الرقيق كان يشوبه شيء من الرحمة إذ كان يُسمح له بوقت يعمل به ما يشاء، ويتملك ما يشاء، أي لم يكن عبداً طول الوقت لسيده كحال الزوجة.
  • ومن المفارقات أن يلاحظ الفيلسوف في وقته المعاصر وضع الزوج الأكثر سوءاً ما إذا عامل زوجته بالحسنى، إذ تبدأ الزوجة التي اعتادت على التهميش في جميع أمور الحياة من التدخل على غير بينة، ونصب عينيها مصلحتها وعائلتها فقط وما يجلب لهم من منافع مادية ومعنوية.
  • ينتقد الفيلسوف الكنيسة في محاولة تغليف الطاعة بغلاف ديني، إذ يرد على لسان القديس بولس أمره للنساء بأن: “أيتها الزوجات أطعن أزواجكم”. وعليه يجيب الفيلسوف مضطراً ليذّكر بما قاله القديس: “أيها العبيد أطيعوا سادتكم”، في إشارة إلى رفض الطاعة العمياء، رغم تأييده بتحسين الأنظمة القائمة من حين لآخر. وعند هذا يتطرق الفيلسوف في نقد “ديانات الشعوب المنحطة” -كما أسماها- كالإسلام والبرهمية، إذ تحافظ بجمود على أنظمة الحكم والمجتمع القائمة دون مساس، وذلك عكس ما ترمي إليه المسيحية، والذي جعلها ترتقي كديانة “للقسم التقدمي من البشر” على حسب تعبيره.
  • ومن جميل الرأي الذي أورده الفيلسوف أن مشاركة المرأة في ترشيد إنفاق كسب الزوج على الأسرة بالإضافة إلى أعبائها الجسدية من حمل الأطفال وتربيتهم لهو بمثابة حصولها على “نصيبها العادل”. ويرى أن مساهمة المرأة في الدخل غير مرغوب فيه طالما أن الظروف ملائمة، إلا أنه يعتقد بأن مساهمتها ترفع من قيمتها في نظر زوجها أو سيدها كما يعتبره القانون. غير أن الوضع قد يعود بنتيجة عكسية عندما يستغله الزوج لصالحه وينطلق في اشباع ملذاته تاركاً مسئولية المنزل والانفاق على زوجته.

الفصل الثالث: عمل المرأة: ويتحدث عن قدرة المرأة وكفاءتها في ممارسة الأعمال التي يمارسها الرجل، مؤكداً على أن الخسائر لن تكون جسيمة على المرأة وحدها فحسب بل على المجتمع ككل، في حال حرمانه من مشاركة المرأة الفعّالة فيه، هذا فضلاً عن التطرق لذعر الرجل من منافسة المرأة له كند، آتية من قناعته الداخلية بأهليتها وكفاءتها.

وما يلي مقتطفات مما ورد في الفصل:

  • على الرغم من تعدد الأسباب التي تحول دون المرأة وعملها، فإنها تصب جميعاً في هدف الرجل النهائي بحصرها في الأعمال المنزلية وخشية منافستها له كند، حيث إن شعارات برّاقة مثل “مصلحة المجتمع” تعني بالأصح “مصلحة الرجال”.
  • لم تعد المبررات (الساذجة) كانخفاض قدرات النساء الذهنية، ولا (الناعمة) كسعادة المرأة ونجاحها في منزلها تنطلي على ذوي العقول، إذ أن تجارب الحياة السابقة والمعاصرة تثبت كفاءة المرأة في القيام بكافة ما يقوم به الرجل من أعمال بلا استثناء، بل وبصورة مشرّفة.
  • يوضح الفيلسوف خطر منع المرأة من ممارسة الأعمال، ليس فيما يعود عليها وحسب، بل والمجتمع ككل، إذ يُحرم أفراده من اختيار الطبيب المناسب أو المحامي أو عضو البرلمان …، في حال حصر المهن بين عدد قليل من المنافسين.
  • يأخذ الفيلسوف على عاتقه مهمة اثبات حق المرأة من ثلاث أوجه، والتي ستكفل عند تحقيقها حق المرأة في امتهان أي من المهن، وهي:
    1. حق التصويت أو الاقتراع: إذ أن للمرأة حق اختيار من سيحكمها.
    2. الوظائف العامة: ويضمن حق المرأة في شغل أي وظيفة عامة طالما أنها مؤهلة لها.
    3. الفروق العقلية: لا تأتي مثل هذه الفروق طبيعياً، غير أن التنشئة الاجتماعية تحدّ من استخدام المرأة لقدراتها العقلية، وهي في حقيقتها تنتج وتبدع كنظيرها الرجل على حد سواء.
  • يتحدث الفيلسوف عن ملكة الحدس التي تختص بها المرأة، التي لو أضيفت إلى قدراتها العقلية فيما يناط لها من أعمال لتفوقت على الرجل بمهارة واقتدار. لا تتأتى الحكمة الحدسية إلا من خلال التعلم من تجارب الغير، وبما أن المرأة ترى وتحلل مباشرة ما هو ماثل أمامها، فإن هذه الحساسية نحو الواقع هي ميزة رئيسية في القدرة على ممارسة الأعمال. فالرجل عادة في استخدامه للعقل النظري يكّون أفكاره من مجموع العلوم والنظريات والحقائق، من غير ملاحظة عملية، في حين أن المرأة تضفي عليها الكثير من الواقعية حين يستعين الرجل بها وبخبراتها.
  • وفي تعطيل العمل والسعي والحركة، يقارن الفيلسوف بين نساء الطبقة الراقية والنساء العاملات في إنجلترا، فيشبّه الأوائل بنباتات الزجاج اللاتي ينشأن بعيداً عن تقلبات المناخ مع نمو الجهاز العصبي وبالتحديد العاطفي وباضطراد، لدرجة يعرضهن للإصابة بشيء من الاضطرابات كالجنون، مع فشلهن في مزاولة أي عمل مهما كان صغيراً. أما العاملات منهن فينشأن بدنياً وعصبياً بصورة طبيعية، وقد حصلن على قدر كاف من الهواء والحركة والنشاط، ويكنّ قادرات على العمل والعطاء، وفي منأى عن التقلبات العصبية.
  • يورد الفيلسوف معلومة مهمة في قدرة أصحاب المزاج على انجاز الأعمال بسهولة ومثابرة ونجاح، إذ أن هذا المزاج يولّد نوع من المشاعر القوية والتي قد يطلق عليها (الروح أو الطاقة) يستثار من خلالها الإنسان، ويندفع نحو ما هو مطلوب إنجازه، مع قدرة عالية في ضبط النفس. وقد أثبتت الملاحظة أن صلابة الشخصية تتأتى من خلال تدريب انفعالاتها، كالقاضي الذي يميل عاطفياً نحو الطرف الذي يصدر ضده الحكم العادل، فمن هذه المشاعر يستمد الإحساس بالمسئولية نحو كبح مشاعره وإحقاق الحق.

عليه، فإذا مُنعت المرأة ذات المزاج العصبي من ممارسة بعض الأعمال لحجة كهذه، فلم لا يُمنع الرجل ذو المزاج نفسه؟

  • يتحدث الفيلسوف عن الهبة الطبيعية للمرأة في قدرتها على نقل تفكيرها من موضوع صعب لآخر، والعودة له بعد حين، دون التشبث به بغية حله في اللحظة، ومن غير الإخلال بنشاط العقل الإيجابي. يعزو الفيلسوف مرونة النساء وحكمتهن في هذا النشاط المباغت والسريع، لعقولهن المرنة والمميزة لهن بدرجة كبيرة، على عكس ما يوجه لهن من اتهام.
  • تختلف الاعتقادات الشائعة عن طبيعة المرأة باختلاف الثقافات، وتفيد المشاهدات من غير تحليل علمي لها أن الرجل الشرقي -والهندي كمثال- ينظر للمرأة على أنها شهوانية، في حين ينظر لها الرجل الإنجليزي باردة، كما أن فكرة تقلب مزاج المرأة فرنسية الأصل، في حين ظهرت الإنجليزية ثابتة إذ اعتبر المجتمع ذاك التقلب عيباً.
  • هنالك الكثير من الأفكار التي تراود أصحابها دون التمكن من إثباتها علمياً، فتبقى حبيسة إلى أن يتمكن أحدهم من إثباتها علمياً بما أوتي من مؤهلات وخبرة. ينسحب هذا على النساء اللاتي لم يتمكن من عرض أفكارهن كحقائق علمية لغياب الزوج أو الرفيق أو الرجل عموماً والذي قد يتمكن من إبرازها للعوام، رغم أنه قد ينسبها لنفسه في حال تمكنه من نشرها. وكنماذج تاريخية، كان اليونان يُصنف شاعرتهم سافو ضمن العظام من شعرائهم، كما أن سقراط قد أقر بالنهل من إسبازيا رغم أن التاريخ لم ينسب لها شيء في الفكر الفلسفي.
  • يرى الفيلسوف أن المرأة تبقى في مستوى أدنى من الرجل حتى في الأعمال المتاحة لهما بالتساوي، ويعدد أسباباً في ذلك أبرزها أن وقت المرأة المزدحم يكاد يكفيها لشئونها وشئون عائلتها، حتى وإن تم استئجار من ينوب عنها في حمل تلك الأعباء المنزلية، سيقع على عاتقها مهمة الإشراف واليقظة الدائمة وحل المشكلات المترتبة، والكثير من تكاليف العلاقات الاجتماعية.

الفصل الرابع: تحرير المرأة من قيودها: في إيجابية، يتصور وضع المجتمع في حال تكافؤ الفرص الممنوحة للجنسين، فضلاً عن تطور العلاقة بينهما على أساس شريكين يكمل أحدهما الآخر، لا على أساس سيد وعبد.

وما يلي مقتطفات مما ورد في الفصل:

  • يعتقد الفيلسوف أن الزواج هو حالة العبودية الوحيدة التي لا تزال مقننة في إنجلترا على الرغم من إبطال كافة أشكال الرق وعلى رأسها رق الزنوج، حيث إنها الحالة التي يرضخ فيها كائن بشري يسمى (ربة منزل) تحت رحمة كائن بشري آخر ينبغي ألا يستعمل سلطته إلا لخير عبده.
  • يتطرق الفيلسوف إلى النزعة النرجسية وتضخم الأنا لدى الذكر حين يُنشئ على أنه أسمى من أي امرأة وإن كانت أعظم منه علماً ومكانة، وإن كان هو حقير الشأن جاهل سفيه، وإن كانت أمه التي يكن لها الاحترام .. وإن كان غير حقيقياً، فيحظى دائماً بمكانة الملك الذي يُنعم على من اختارها شريكة حياته بالشرف.

وهنا يطرح الفيلسوف تساؤلاً مهماً: ما مدى الأثر الذي يطبعه هذا الانحراف في تنشئة (الرجل) منذ صغره على شخصيته وعلى نده في الحياة (المرأة)؟

  • يخلص الفيلسوف إلى أن العلاقة الزوجية القائمة على توافق الأهداف والآراء والملكات والمساواة ككل هو الشكل النموذجي للعلاقة الزوجية، وما عداه من آراء وادعاءات لهي “آثار باقية من همجية بدائية”.

بالإضافة إلى ما ورد ابتداءً من اقتباس في مقدمة هذه المراجعة، أقتبس في نص نسوي رائد ما جاء في الكتاب عن كفاءة المرأة في الأعمال والإنجاز متبوع بتساؤل منطقي من كاتبه الفيلسوف (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، كما يلي:

“والآن فإن أكثر الناس كراهية للنساء لن يجرؤ على إنكار أنه عندما نضيف تجربة العهود الحديثة إلى تجربة العصور الماضية، فسوف نجد أن النساء، وليس مجرد عدد قليل منهن بل كثيرات، أثبتن قدرتهن على القيام بكل شيء يقوم به الرجال، وربما بغير استثناء واحد، وهن يقمن به بنجاح وبطريقة مشرفة. وأقصى ما يمكن قوله هو أن هناك أشياء كثيرة لم تنجح امرأة في القيام، مثلما قام بها بعض الرجال، ولم تصل فيها إلى المرتبة العليا. وهناك أشياء قليلة جداً لا تعتمد إلا على القدرات الذهنية لم يصلن فيها إلى الدرجة التي تتلو المرتبة العليا. ألا يكفي ذلك بالأكثر مما يكفي بكثير، لجعل عدم السماح لهن بالمنافسة مع الرجال في القيام بهذه الوظائف طغيانًا عليهن وضررا على المجتمع؟! أليس من البديهي أن نقول إن أمثال هذه الوظائف كثيراً ما يشغلها رجال أقل صلاحية لها من العديد من النساء؟”.

وعن القالب الفني، فإن الترجمة التي جاءت على مستوى جيد ككل، فقد ظهرت في بعض أجزاء الكتاب حرفية، مما صّعب من عملية الاستيعاب بشكل تلقائي!. كما يؤخذ على الكتاب كثرة الأخطاء اللغوية والمطبعية، حيث لا تكاد تخلو أي صفحة منها، أذكر على سبيل المثال: عقوق الغالبية (عقول) / ع ن المبادئ (عن) / بداية مؤسساتنا (بدائية) / لن كلمات (لأن) / قمت الكنيسة (قامت) / العم الأغلب (الأعم/العام) / فإن المر (الأمر) / يشتركن فيه بإرادتهم (بإرادتهن) / تناقض صاروخ (صارخ).

وللفيلسوف، قرأت كتاب آخر هو (مذهب المنفعة) والذي لم أتمكن من إنهائه لرداءة الترجمة، فأسعى لاقتنائه عن طريق دار نشر أخرى، مع كتاب آخر له هو (عن الحرية).

ختاماً، وإن كانت المرأة الغربية قد قطعت أشواطاً واسعة في نيل الكثير من حقوقها، إلا أن وضع المرأة الشرقية الذي ترزح فيه تحت أغلال من عقائد وقوانين وأعراف لا يزال يحتل الصدارة في تمثيل الصورة النمطية للتخلف، لا سيما الإنساني .. ولا يزال الكتاب الذي وضعه مؤلفه الفيلسوف في منتصف القرن التاسع عشر، يجسّد صورة حية لاستعباد المرأة الشرقية في مجتمع رجعي يحيا ضمن البشرية في ألفيتها الثالثة وفي زهرة القرن الواحد والعشرين!.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (79) في قائمة ضمت (85) كتاب، قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط .. وهو سادس كتاب اقرؤه في شهر ديسمبر من بين اثنا عشر كتاب. وقد حصلت عليه في نفس العام من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى الحماس منقطع النظير الذي يصل أوجه عادة مع نهاية كل عام في استكمال خطة القراءة التي أعددت لها مسبقاً.

تسلسل الكتاب على المدونة: 187

تاريخ النشر: مايو 12, 2022

عدد القراءات:842 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *