كتاب يضرب المثل فيما (قل ودل) .. إذ لا يعرض سوى سبعة كنوز من ميراث السنة النبوية الصحيحة، كل كنز في حد ذاته عبارة عن منهج أخلاقي متكامل، لو تم تطبيقه لساد أتباع الدين الأمم!.
تعرض صفحة المحتويات كل منهج خُلُقي وما يقابله من حديث شريف! فالأول (نزاهة الحياة السياسية) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. لقى الله يحمل بعيراً” فيحثّ على عفة اليد، والثاني (دور المرأة في المجتمع والعسكرية) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. ادع الله أن يجعلني منهن” فيتطرّق إلى جهاد المرأة العسكري لا التبعّلي كما يريد لها فقهاء وأد المرأة، أما الثالث (قواعد الإثبات ضمانة الحقوق) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. أمهله حتى آتي بأربعة شهداء” فيصوّر الشرف على ما فيه من هشاشة في مجتمعات الشرف، ثم الرابع (حرمة الحياة الشخصية) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. لطعنت به عينيك” يؤكد على أن الخصوصية خط أحمر يراق على جوانبه الدم، وعن الخامس (جمعيات الرفق بالحيوان الإسلامية) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. أمة من الأمم تسبّح” فيتحدث عن الحيوان كأمة كأمثال الأمم الأخرى، وفي السادس (تنظيم النسل) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. نعزل والقرآن يُنزّل” فيصوّر النسل في عالم اليوم بغثاء السيل، وأخيراً في السابع (تحريم العذاب بأشكاله وأنواعه) والذي يأتي في نص الحديث المتعلق به: “.. إن الله يعذّب الذين يعذبون في الدنيا” فيعرض صوراً من عذاب المعذّبين.
يضع الكتاب الثوري د. غازي بن عبدالرحمن القصيبي (1940 : 2010) .. الأشهر من نار على علم! عُرف كدبلوماسي سعودي بارز وقد تقلّد مناصب وزارية بعد حصوله على درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية من جامعة لندن، غير أنه ذاع صيته كذلك كشاعر وكاتب وأديب، وله من الإصدارات الأدبية والروائية والشعرية الكثير.
يحرز الكتاب القصير الثمين أربع نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، والذي أعرض منه اجتهاد الكاتب في الحديث الثاني الذي جاء تحت عنوان (دور المرأة في المجتمع والعسكرية)، وباقتباس لتعليقه في نص نسوي مكين (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
في صحيح مسلم عن أنس بن مالك: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يَدْخُلُ علَى أُمِّ حَرَامٍ بنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَوْمًا، فأطْعَمَتْهُ، ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهو يَضْحَكُ، قالَتْ: فَقُلتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: نَاسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً في سَبيلِ اللهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هذا البَحْرِ، مُلُوكًا علَى الأسِرَّةِ، أَوْ مِثْلَ المُلُوكِ علَى الأسِرَّةِ، يَشُكُّ أَيَّهُمَا، قالَ: قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهو يَضْحَكُ، قالَتْ: فَقُلتُ: ما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: نَاسٌ مِن أُمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ، غُزَاةً في سَبيلِ اللهِ، كما قالَ في الأُولَى، قالَتْ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: أَنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ. فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بنْتُ مِلْحَانَ البَحْرَ في زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عن دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ”.
يبدأ الكاتب تعليقه بالتأكيد على أن الخلاف القائم في مواصفات زي المرأة الشرعي بين فقهاء وعامة، ليس هو خلافاً جوهرياً، إذ أن للرأي القائل بوجوب ستر كامل الجسد باستثناء الكف والوجهين وللرأي القائل بالستر الكامل، ما يدعمه من حجج دينية، مع ترجيح كفة الرأي الأول. بيد أن “الخلاف الأساسي، المسكوت عن طبيعته هو بين الذين يعتقدون أن النساء شقائق الرجال، لهن حقوق وعليهن واجبات، شأنهن شأن الرجال، وأن القوامة تكليف للرجل وليست حطاً من قدر المرأة، من جانب، وبين الذين يرون أن النساء مخلوقات دون الرجال، ليس لهن من دور سوى الإنجاب، لا يجب أن يتحركن من دار الأب أو الزوج إلا إلى القبر «ودفن البنات من المكرمات». وفي تراثنا بيت شائع، كثيراً ما يستشهد به المستشهدون، يذهب إلى أنه ليس للمرأة من حق سوى أن تجعل الرجل «ينام على جنابة». هنا، يحلل الكاتب موقف الفريقين الذي يحكّم الأول منه العقل والقلب معاً في شئون الحياة متضمنة شأن المرأة، والثاني الذي يحكّم الفرج في هذا حيث مركز التفكير لديه! فيقول: “الذين يرون الرأي الأول يذهبون إلى أنه من حق المرأة أن تتعلم إلى أقصى درجات التعلم، وأن تمارس وجوه الإبداع الفكري والعلمي كافة، وأن تكون عضواً فعالاً في حياة المجتمع الثقافية والسياسية. أما الذين يرون الرأي الثاني – جماعة الجنابة – فينزعون إلى أن يحرموا عقل المرأة من كل علم، وفكرها من كل ثقافة، وأن يشلوا كل ما منحها الله، سبحانه وتعالى، من طاقات وإمكانيات ومواهب، لتبقى تمارس دوراً يتيماً يبدأ بالجنس وينتهي بالجنس”. ثم يستمر في تحليله الذي يأخذ منحى نفسي، ويقول: “والجدال بين الفريقين، بخلاف ما يتصور الكثيرون، ليس جدالاً فقهياً بقدر ما هو نزاع نفسي/ سياسي/ اجتماعي / حضاري، بين رجال يرون في الاعتراف بحقوق المرأة إثراء لرجولتهم، ورجال يرون في هذا الاعتراف إلغاء لفحولتهم. ومثل هذا الخلاف لا ينتهي، ولا يمكن أن ينتهي، بمحاورات أو مناظرات”. ثم يختم تعليقه بقول فصل، إذ أن “النص الذي أوردته يبين بوضوح ما بعده وضوح، كيف نظر إمام الهدى، عليه الصلاة والسلام، إلى دور المرأة في المجتمع (والعسكرية!) فرأى أنه يشمل الغزو في البحر مع الرجال، وأنا به، عليه السّلام، من المقتدين، ولو رغمت أنوف” … وللكاتب رحمه الله أشهد: أنك رجل والرجال قليل.
بعيداً عن المقصد الواضح للكتاب، ينكأ الكاتب جراح أمة ابتُليت بقوم يبدون وكأنهم يقولون ما لا يفعلون .. وكأن الهدي النبوي لا يتعدى حدود الرسائل النصية المتداولة صباحاً ومساءاً على وسائل التواصل الاجتماعي، لا بأنه دستور حياة قولاً وعملاً …….. إلا من رحم ربي برحمته!.
وأختم بدعاء “اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق”
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (75) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو ثاني كتاب اقرؤه في شهر ديسمبر من بين اثنا عشرة كتاب .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2019 ضمن (80) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى الحماس منقطع النظير الذي يصل أوجه عادة مع نهاية كل عام في استكمال خطة القراءة التي أعددت لها مسبقاً.
تسلسل الكتاب على المدونة: 183
التعليقات