الكتاب
سقوط الإمام
المؤلف
دار النشر
دار الساقي
الطبعة
(2) 2000
عدد الصفحات
158
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
01/24/2019
التصنيف
الموضوع
رمزية الطغيان الذكوري في الإمام الحاكم
درجة التقييم

سقوط الإمام

تجدد الكاتبة الجريئة طرح أفكارها الأكثر جرأة من خلال رواية رمزية، تفتح فيها أبواب الجحيم على كل سلطة فوقية والتي تتمثل عادة في هيئة ذكورية، كسلطة الأب وسلطة الحاكم وسلطة رجل الدين، وما تفرزه هذه من سياسات وشرائع وأعراف وتابوهات وقانون غاب تذهب المرأة ضحيتها في أغلب الأحوال .. الطرف المغلوب على أمره في معادلة (البقاء للأقوى).

إنها د. نوال السعداوي (1931 : 2021) الرائدة في مجال حقوق الإنسان، وحقوق المرأة على وجه الخصوص. تخرجت في كلية الطب جامعة القاهرة عام 1955 وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة. وبالإضافة إلى ممارسة مهنة الطب، تقلّدت مناصب مرموقة في بلادها، كمنصب الأمين العام لنقابة الأطباء، ومنصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة، ورئاسة تحرير مجلتي الصحة والجمعية الطبية، وساهمت في تأسيس الجمعيات الحقوقية، كما حصدت جوائز عالمية، وتُرجمت أعمالها العلمية والفكرية والروائية إلى أربعين لغة.

قد تُصنف هذه الرواية ضمن الأدب النسوي الذي تكاد تخلو منه المكتبة العربية، والتي على الرغم من إصدارها عام 1987 إلا أنها لا تزال تحاكي الواقع المرّ حتى الساعة، لا سيما في الطغيان السياسي والشوفينية الذكورية! تزخر الرواية بالكثير من التشبيهات والاستعارات والإسقاطات وقد اختارت الكاتبة لنفسها اسم “بنت الله” عبر أحداثها، فهي تارة الأنثى المضطهدة، وتارة الأم الخصبة، وتارة الطبيعة المعطاءة، لكنها واقعياً ابنة غير شرعية لأم قضت نحبها بعد ولادتها رمياً بالحجارة، بعد فرار أباها .. في مقابلة غير متكافئة مع كل مظاهر الظلم والجبروت والاستبداد التي يمارسها رجل الدولة أو رجل الدين أو رجل ذو القربى يعلوهم الزوج، في إسقاط مباشر للرهاب الذي يعتمل في نفوسهم أجمعين ضد أي بوادر تفوّق تحرزه المرأة، تُغذّيه ثقافة مشبعة بالميسوجينية.

برأيي، قد لا يُصنّف هذا النوع من الأدب كرواية، بل هو أشبه بسيرة ذاتية جاءت محمّلة بجملة من خواطر أدبية ومكنونات وجدانية اعتملت في نفس الكاتبة المتمردة أبداً منذ طفولتها وقد تفتّحت عيناها على الأوضاع الجائرة في مجتمعها والمجتمع العربي ككل، وازدواجية معاييره بين الذكر والأنثى تحت وصاية دينية وسياسية لا تضل ولا تحيد.

تمتد قائمة المحتويات على صفحتين وتحمل من العناوين الثائرة ما قد يُثير بالفعل حفيظة البعض، أذكر منها: أطفال الله / الله مع الإمام / الزوجة الشرعية لا تدخل الجنة / خيانة مشروعة / الإمام متنكراً / بنت الله مع الإمام / الإفاقة بعد النشوة / لقاء الزوجة الأخيرة والابنة غير الشرعية / الحب المحرّم. ومن أرجاء مملكة الإمام قبل سقوطه، أقتبس أول كلمات المقدمة في نص ثائر (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) وقد حصدت الرواية نجمتين من رصيد أنجمي الخماسي:

وأنا طفلة كنت أرى وجه الله في أحلامي كوجه أمي شديد العدل وكوجه أبي شديد الرحمة، لكن زميلتي فاطمة أحمد في المدرسة كانت ترى وجه الله في أحلامها كوجه أبيها شديد القسوة وكوجه عمها شديد الظلم. واكتشفت وأنا طفلة أن وجه الله يتراءى لزميلاتي الأطفال كوجه الأب أساساً وكوجه الأم أحياناً. فالمشكلة أن الله لا يرى بعين الأطفال ولا الكبار وما من وسيلة لرؤيته إلا في النوم وبالوجوه التي نراها لأقرب الناس لنا”.

رغم هذا، تظهر الرواية مفككة الأحداث رغم وضوح المعنى المقصود منها في العموم، فتفاصيل الحوادث التي جرت لبنت الله تتبعثر هنا وهناك ما يؤدي إلى نوع من التشتت أثناء القراءة، فضلاً عن التكرار لبعض التصوّرات. وقد تكون موجة الإقبال على الرواية مؤدّاه جرأة عنوانها أو رد فعل فضولي بعد مصادرة الأزهر لها، لا سيما وأن شخصية الرئيس المصري السابق أنور السادات كانت محل شبهة تجسيد الإمام في الرواية، اللذان تتقاطع نهاية كلاً منهما بالاغتيال.

وضمن أرفف مكتبتي الغرّاء، أخصص رفّاً كاملاً لإصدارات الكاتبة المبدعة من كتب فكرية وروائية، وأكتفي بعرض ما أقتني من روايات ضمن هذه الرواية: زينة / إنه الدم / مذكرات طفلة / الأغنية الدائرية / موت معالي الوزير سابقاً .. بالإضافة إلى: مذكراتي في سجن النساء / مذكرات طبيبة / أوراقي حياتي .. المذكرات التي تعرض من خلالها جانباً كبيراً من سيرتها الذاتية.

تبقى د. نوال السعداوي العلامة الفارقة والند الأصعب في حلبة الصراع الأزلي بين الفطرة السوية ومحاولات مسخها من قبل (الإمام) ومن والاه .. لا سيما عربياً.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الرواية (5) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019، رغم أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط، وقد تضمنت القائمة أربعة كتب لم أتم قراءتها .. وهي خامس ما اقرأ في شهر يناير من بين ستة كتب، وقد التقطتها من مكتبة العائلة التي وصلت إليها من إحدى المكتبات العربية في مدينة لندن، حيث الكتب الممنوعة والمصادرة والمطاردة أو (المغضوب عليها) في وطننا العربي الفسيح.

ومن فعاليات الشهر: لا شيء محدد سوى حماس يتجدد مع بداية كل عام نحو قراءة المزيد وإثراء الحصيلة المعرفية، وبناء أفق فكري أكثر اتساعاً وشمولية.

تسلسل الرواية على المدونة: 129

تاريخ النشر: أبريل 16, 2022

عدد القراءات:792 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *