كتاب في أدب الرحلة، يقص رحلة ناصر الدين القاجاري ملك إيران إبان حكمه في الفترة ما بين عامي 1848 و 1896، والتي ابتدأها من طهران عام 1873 نحو أوروبا في موكب مهيب، استمرت مدة خمسة أشهر، قطع فيها تسعة دول تباعاً، وتم استقباله وحاشيته بحفاوة رسمية من قبل ملوك تلك الدول. يذكر التاريخ بأن ناصر الدين هو أول من قام بمثل هذا النوع من الرحلات إلى غرب العالم، مسطّراً بقلمه تفاصيل رحلته اليومية والتي نُشرت فيما بعد كما خطّها.
جاءت ترجمة الكتاب جيدة وبمفردات واضحة، تساعد على انسيابية القراءة واستيعاب المحتوى، على الرغم من وجود (لحن) طفيف في بعض المفردات. وقد حمل غلاف الكتاب عبارة: “الكتاب الحائز على جائزة ابن بطوطة للترجمة عن عام 2017 – 2018”. وعن نسخته باللغة الإنجليزية، فتحمل عنوان (Diary of H. M. the Shah of Persia, During His Tour Through Europe in A. D. 1873 – By: Naser al-Din Shah Qajar)
يعرض فهرس الكتاب القصير نسبياً مقارنة مع الكتاب ذو الثلاثمائة وواحد وخمسين صفحة الآتي:
- استهلال
- مقدمة المراجعة
- إشارة
- المقدمة
- الرحلة
- شرح المفردات الفارسية
حوى الكتاب لمحات من مشاهد ومناظر جيدة، مثل ألعاب الخفة في فرنسا، عروض الباليه في روسيا، حديقة الحيوان في لندن، بالإضافة إلى أجواء زيارة بعض المتاحف والقصور والأماكن الأثرية. يقول الرّحالة في إحدى يوميات رحلته ما اقتبسه في نص ترابي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
“الأربعاء 23 ربيع الأول 1290 (21 مايو 1873): بعد استيقاظنا هذا الصباح، قمنا بنزهة بالعربة وسط المدينة. أدت فرق الإطفاء بعض التمارين، ثم ذهبنا إلى متحف الإثنيات، وهو عمارة جد فاخرة. تمت صناعة دمى من الشمع الاصطناعي بقامة طبيعية، تجسد شعوب روسيا كلها، مكتسيات بزي كل قبيلة أو كل جنسية. يكاد المرء أن يحسبها بشراً حقيقياً، حيث لا يوجد أي فرق. أدوات أخرى جلبت من مساكن المتوحشين في أمريكا أو أفريقيا معروضة هنا. أخبروني أن خزانة الكتب هنا تضم أكثر من مائتي ألف كتاب”.
لم أستسغ الكتاب، لا سيما وأني قد اطلعت من قبل على عدد من الرحلات التي سطرّها أصحابها في أسلوب أدبي بديع، يثريه ابداع الأماكن والمشاهد، وحال الأحياء بها، وما جال بها من طرائف ومواقف. على سبيل المثال: كتاب/ حكايات مسافر للدكتور مصطفى محمود، وكتاب/ سائح في دنيا الله للصحفي عبدالوهاب مطاوع، وكتاب/ حول العالم في 200 يوم وكتاب/ أعجب الرحلات في التاريخ للكاتب أنيس منصور .. (رحمهم الله).
في عجالة، أسرد مثالب الكتاب الذي لم يحظ بأي نجمة من رصيد أنجمي الخماسي، كما يلي:
- يفتقر إلى أحد العناصر المهمة لأدب الرحلات كمصدر لمعلومات توثيقية، جغرافية وتاريخية وحضارية وثقافية، إذ اكتفى الكاتب بحشد وصف تفصيلي عن مناظر يومية، عابرة أو متكررة، كوصف الجو والمطر والذباب والخيول والأزهار، بالإضافة إلى تفصيل لأحداث رتيبة -شخصية في طابعها الإجمالي- كالوعكات الصحية التي ألمت به، ونومه وسهره … وغيرها من سرديات لا تثري القارئ بحقائق أو ملاحظات أو مواقف، ذات نفع أو امتاع أو تشويق.
- حشو كم من الأسماء والشخصيات من غير إضافة قيمة حقيقية لمادة الرحلة.
- تكديس عدد من الكلمات الأجنبية لأشخاص أو مناطق مع ترجمتها للغة العربية.
- كثرة حواشي الكتاب في نهاية كل صفحة، مما يشتت عملية القراءة بشكل عام.
- على الرغم من أن الرحلة قد تمت في زمن بعيد، إلا أنها لم تحمل ما كان يميز تلك الفترة الزمنية من مظاهر وأحداث ومواقف وأجواء، كما أنها لم تتعرض لطقوس وأعراف وتقاليد شعوب تلك الدول، لا سيما أنها تختلف كلية عن ثقافة المجتمع الشرقي.
- وبما أن الرحلة قد تمت في زمن يخلو تماماً من التكنولوجيا، فقد كانت آلة التصوير آنذاك هي العين وآلة التوثيق هي القلم .. بطبيعة الحال. عليه، فقد كان من المتوقع أن يشحذ الرحّالة أقصى همة (لتصوير وتوثيق) تفاصيل تلك الرحلة الممتدة، وليس الاقتصار على ما هو أشبه بتدوين يوميات وملاحظات، لا سيما أنها رحلة قد سارت في أراضٍ غربية مختلفة الطبع والطابع عن الأراضي الشرقية، والتي نادراً ما كانت تتم في ذلك الحين ناهيك عن طريق ملك ذو مكانة ونفوذ.
إجمالاً، كتاب لا يعدو عن كونه سرداً مطولاً وفارغاً، وفاقداً لعناصر التشويق والمتعة والإبهار، والحافزية كذلك للاستمرار في قراءته، ما يثير ملل القارئ الذي قد تراوده نفسه في التوقف عن قراءته قبل إنهائه.
وعلى مستوى شخصي، لم أكن لأستمر في قراءة الكتاب وهو على هذا القدر من السطحية لا سيما مع ضخامته الذي استنفد ساعات أطول، غير أنني أتممته من أجل تقديم نقد أدبي عنه لجهة كنت قد تعاقدت معها، تعمل في هذا المجال. وللمصداقية، فقد قرأ أحد العاملين بتلك الجهة الكتاب بعد تقديم تقييمي المتدني عنه، ولم يجده “بهذا السوء” الذي ذكرت، بل “كان لا بأس به” حسب تعبيره!.
فليكن! أما أنا .. فلأبحث عن كتاب آخر في أدب الرحلات، أو لأبدأ في تسطير مذكراتي عن الرحلات التي توجهت فيها إلى أوروبا أيضاً .. وهي عديدة! ستكون مفيدة وممتعة معاً، بلا شك!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (25) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو خامس كتاب اقرأه في شهر ابريل من بين سبعة كتب.
ومن فعاليات الشهر: كنت أحاول قراءة ما أمكنني من الكتب وذلك لحلول شهر رمضان المبارك في الشهر التالي له، وهو الشهر الذي انقطع فيه لما ينبغي له من طاعة بعيداً عن أية ملهيات، والتي اعتبر القراءة من ضمنها في هذا الظرف الروحاني تحديداً.
تسلسل الكتاب على المدونة: 9
من الواضح ان الكاتب لم يكن صاحب امكانيات كافية تؤهله لخوض تجربة الكتابة. اعتقد انه لم يملك القدرة على التصوير الزمني والجغرافي و تحويل صوره الى لوحات مقروءة ….. فليس كل من كتب كاتب ..
نعم .. أعتقد وبشكل أكبر أنه “لم يملك القدرة على التصوير الزمني والجغرافي” … ضيق أفق!!
فلو كان يملك لكتب بأي لغة، ثم أمكن تنقيحها.
كانت قراءة محبطة.