كتاب يتحدث بلغة علمية عن أمور متفرقة تتعلق جميعها بالدماغ .. الدماغ الذي يتقوقع بداخله (المخ) وقد نصّبه أبو قراط كمسئول أول عن الأفكار والمشاعر معاً، لا القلب، كما كان متعارفاً! غير أن هذا العضو له نصيب من أمراض لا مفر له منها، وحروب أخرى تستهدفه، كما أنه يرتبط وبشكل كبير بالشخصية الاجتماعية وأنماطها، ويتعلق كذلك بعلم الأنثروبولوجيا من ناحية أخرى … وغيرها الكثير من أمور. عليه، يعرض فهرس الكتاب أربعة فصول رئيسية -أذكرها تالياً- تتشعب منها عدة مواضيع ذات الصلة، مثل: (الدماغ-الكمبيوتر / فسلجة الدماغ كهربائياً / الأمراض العقلية والنفسية / زراعة الدماغ جراحياً)، بالإضافة إلى صفحتي (مقدمة ومدخل) في البداية و (المصادر) في النهاية:
- الفصل الأول: مقاربات
- الفصل الثاني: البحوث المعاصرة
- الفصل الثالث: أمراض الدماغ
- الفصل الرابع: البحوث المستقبلية
رغم هذا، فإن الكتاب يعرض مادته في قالب علمي صرف تبدو وكأنها موجّهة إلى ذوي الاختصاص وحسب، بحيث تستعصي بشكل ما على فهم القارئ العادي في عدد من المواضع، الأمر الذي وجدته يؤثر على جودة القراءة وما يشوبها من شعور بالملل والرتابة نتيجة لذلك! وبالإضافة إلى هذا المأخذ، وعلى الرغم من تطرق الكتاب لعدد من الأمثلة العملية، فقد جاءت في مجملها بسيطة لا تتفق والخبايا التي يُفترض أن يتصدى لها الكتاب كما اتضح من فهرسه، ولا هي كذلك تُشبع نهم القارئ، خلافاً لتوقعاته!. أيضاً، لا يخلو الكتاب من أخطاء املائية ولغوية على امتداده .. من جانب آخر.
على هذا، لا يحظى الكتاب سوى بنجمتين من رصيد أنجمي الخماسي، والذي أسرد منه في شذرات مما علق في ذهني بعد القراءة، وباقتباس في نص كاكي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، كما يلي:
- الدماغ مادة والعقل لا مادة .. لقد كانت تلك معضلة علمية وفكرية وفلسفية عبر التاريخ حتى الوقت الحاضر، رغم تطور علم الأعصاب وجراحتها، وفسيولوجيا الدماغ وبرمجيته.
- يقرر مؤسس فسيولوجيا الأعصاب الحديث (تشارلس شرنغتون) فرقاً جذرياً بين الحياة والعقل، فبينما تكون الأولى خليط بين فيزياء وكيمياء، فإن الأخير -حقيقة- لا هذا ولا ذاك.
- للأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من شاشات التلفاز والحواسيب الآلية تأثير ضار على صحة الإنسان، لا سيما في حال تعرضه لها لفترات طويلة، حيث ربطت نتائج الأبحاث العلمية التي أجريت في أوائل الثمانينات بين النساء العاملات تحت شاشات العرض في كندا وأمريكا، وبين تعرضهن لحالات إجهاض.
- تقنية (النانو تكنولوجي) ستساهم بشكل عملي في حل المعضلات التي على الإنسان مواجهتها مع التطور المضطرد، سواء كانت صحية، نفسية، اجتماعية، اقتصادية … الخ، وذلك من خلال “دعم الطب الاستباقي” وإمكانية التكهن بأفكار الفرد ونواياه وعواطفه، الأمر الذي يمكّن بالتالي إلى التحيّن لمواجهتها وعلاجها. ويضرب الكتاب كمثال استخدام تلك التقنية في التركيز على الاضطرابات النفسية والسلوكية لدى الأطفال، كفرط النشاط وتشتت الانتباه، بحيث يتم إتاحة المجال نحو “تقديم وصفات كيميائية استباقية لعلاجها”.
- ومع الفصل الرابع والأخير، يطرح الكتاب تساؤلاً عميقاً عن المدى الذي قد تصل إليه عبقرية الثورة التكنولوجية في الألفية الثالثة للبشرية، فيقول: “واليوم ونحن في مدخل القرن الحادي والعشرين، وبعد إنجازات استنساخ الحيوانات وزراعة القلوب، يُطرح السؤال الكبير: هل يمكن زراعة دماغ رجل في جسد شاب تعرض لموت الدماغ، سواء كان فيزيائياً عبقرياً مثل اينشتاين الذي جعلته مجلة التايم الأمريكية في عام 2000 نجم القرن بلا منازع، أو مصلحاً اجتماعياً مثل غاندي؟”.
أخيراً .. وكنوع من الاستحسان، فقد جاءت المؤلفات والمراجع العالمية لهذا العلم الحديث والتي استعان بها الكتاب، على قدر جيد من الإفادة، بحيث تتيح المجال للقارئ المهتم التوسع في موضوع الدماغ البشري وبرمجيته، والاستعانة بدوره بتلك المصادر.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (12) في قائمة ضمت (52) كتاب قرأتهم عام 2018 تتضمن كتابين لم أتم قراءتهما! وهو ثاني كتاب اقرؤه في شهر مارس من بين ست كتب .. وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2017 ضمن (55) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
استرجع -وأنا أخط هذه المراجعة- لحظات شراءي للكتاب وأنا في معرض بإحدى المدن العربية عام 2017، ولقد أخذ مني الحماس مأخذاً حينما أجزم البائع -وهو يروّج للكتاب- بأن القارئ لابد وسيتيقن بمدى البرمجة الدماغية التي هي عليها كل حكام العرب، والتي تصل إلى درجة تسييرهم عماء بجهاز الريموت كنترول، وبأيد خفية!. غير أن الكتاب لم يكن كذلك على الإطلاق! وحتى فيما لو حاول القارئ إجراء نوع من التحليل والاستنباط، فلن يتجاوز حد التخمين والاجتهاد الشخصي.
تسلسل الكتاب على المدونة: 79
التعليقات