الكتاب
حوار حول الأنوثة والذكورة والدين والإبداع
المؤلف
دار النشر
شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
الطبعة
(1) 2014
عدد الصفحات
195
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
09/05/2017
التصنيف
الموضوع
حقوق المرأة بعيداً عن زيف ذكور الدين والسياسة
درجة التقييم

حوار حول الأنوثة والذكورة والدين والإبداع

كتاب رائع من نفحات الرائعة الراحلة د. نوال السعداوي، يتضمن حواراً مطولاً أجرته معها د. عايدة الجوهري، وهي كاتبة وباحثة وأستاذة جامعية لبنانية، حائزة على درجة الدكتوراه في اللغة والأدب من جامعة السوربون في باريس، ومستشارة تربوية وإعلامية. صدر لها عدد من الأبحاث المنشورة في مجلات وصحف مهمة.

كإنسانة حرة ونسوية رائدة ومفكرة غير عادية، توجّه د. السعداوي رأيها إلى من يؤمن بالفكر الحر ويحترم الرأي والرأي الآخر، وإلى كل من يؤمن بمساواة المرأة بالرجل إنسانياً (في المقام الأول) بعيداً عن زيف ذكور الدين والسياسة، وهما صنوان!.

ونظراً لما تحمله د. السعداوي من فكر حر لا سيما فيما يتعلق بالأديان على تعددها واختلاف خيرها وشرها، تطرح بجرأة قضايا لا تزال تعتبرها الثقافة العربية الشرقية الذكورية -وهي تعيش ألفيتها الثالثة مع البشرية جمعاء- بمثابة (تابو) تصطف بقدسية إلى جانب المسلمات الكونية الأزلية، يُكفّر فيها الفرد الحرّ لمجرد طرح تساؤلاته البديهية حولها .. فلا فكر ولا حوار، بل السمع والطاعة .. وإلا الويل والثبور!.

تؤكد د. السعداوي وبكل إصرار على مكانة المرأة كأصل للجنس البشري لا الرجل، ودور هذا الإجرامي تاريخياً في تهميش دورها الرئيس في الحياة، من خلال تحجيب عقلها مع جسدها في آن واحد، بحجج شرائع دينية واهية، وأعراف مجتمعية طبقية ذكورية، ودساتير سياسية إقطاعية.

لا تقل المحاورة د. عايدة الجوهري عن محاورتها د. نوال السعداوي وعياً وفكراً وموضوعية، وقد استخلص نقاشها عصارة ما آمنت به وحاربت لأجله خلال مسيرة حياتها الشخصية والعملية، إلى آخر رمق. تقول في مقدمتها: “ذات يوم توجهت مجلة «الإكسبرس» الفرنسية إلى الفرنسيات قائلة: « Femmes , vous lui devez tout ، أي أيتها النساء أنتن مدينات لها بكل شيء». أعتقد من جهتي أن اللواتي قرأن نوال السعداوي مدينات لها بالكثير، ولم لا بعض الرجال. أنا معجبة أيضا بقوة عزيمتها التي لم تقهرها الاضطهادات الملحمية، وبوفائها لأفكارها وقناعاتها، وحماستها التي تذكر بنضارة الثوار الأوائل، وبطموحاتها التي لا تهدأ”. ثم تؤكد بأن من يقرأ لها يتيقن بأن الكتابة التي لا تصدر عن عقل وقلب معاً إنما هي كتابة غير مجدية “بل قل عقيمة”. تؤكد بدورها د. السعداوي على أن الفن الاستثماري القائم على الربح لا يُعتبر فناً حقيقياً، كـ فن السوق الذي يحصد الجوائز والأموال .. فن هوليود والصناعة الأميركية المبهرة الرخيصة القيمة“. عليه، تقول كمن لا يعي الحاضر فقط بل ويستقرئ المستقبل بأنه لا يكرّم المبدع الحقيقي الصادق إلا نادراً .. لا تكرّم المبدعة الحقيقية الصادقة إلا بعد موتها بسنين أو قرون!. لا تنال المرأة المبدعة الصادقة في حياتها إلا التعب والألم، هذا إن لم تدخل السجن أو تتعرض للقتل“.

يعرض فهرس الكتاب بعد المقدمة الطويلة ثلاثة محاور رئيسية ارتكز عليها الحوار، هي:

  1. صراع الذكورة والأنوثة
  2. الدين وقضايا المرأة
  3. الإبداع والتمرد

يستنفد الكتاب رصيد أنجمي الخماسي كاملاً ولا يُبق .. أعرض منه ما علق في ذهني بعد قراءته، وفي اقتباس بنص ثوري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:

ملاحظة: عادة، يعتمد أسلوبي في التدوين على التعبير بـقلمي عن محتوى الكتاب ككل بعد قراءته، مع القليل من الاقتباسات بما يخدم عرض محتواه بشكل جيد. رغم هذا، أستثني الكتب التي تجمع بين موضوعية الرأي وبديع الأسلوب في قالب واحد، بحيث يصبح نقل النص كما ورد هو الخيار الأمثل، بدلاً من التعبير عنه وفق أسلوب آخر. لذا، تدفعني بعض الكتب لاقتباسات أكثر مما اعتدت عليه، وهذا قلّما يحدث في مراجعاتي! جاء هذا الكتاب ضمن هذا الاستثناء، لذا وجب التنويه.

ملاحظة أخرى: ترد بعض التعليقات في نص أزرق .. لا تعبّر سوى عن رأيي الشخصي.

  • قبل البدء، تلقي د. الجوهري الضوء على العداء المقدّس الذي شنّه رجالات الدين على د. السعداوي، فتوضح ماهية العداء وأسبابه وتوابعه وحقيقة مقصده ومقصد المعتدى عليها، فتقول: “أثارت د. نوال السعداوي حفيظة رجال الدين ووصموها بالكفر والإلحاد، وأدرج اسمها ذات مرة على لائحة الموت، غير أنها لم تمس مباشرة المعتقدات الدينية وركائزها، بل هي عنيت بكيفية توظيف الدين في صراع الرجل ضد المرأة وفي تثبيط سلطته الأبوية وفي صراع الحاكم ضد المحكوم والقوي ضد الضعيف. كما عنيت في كشف النقاب عن دور رجال الدين في تهديد صحة الأفراد النفسية، وحتى في تشويه صورة الذات الإلهية، وتحريف مقاصد الدين العليا بتقديم تفاسير دينية غبّ الطلب”. وفي نموذج عن التوظيف المعني لمقاصد الدين، يتأنق ذكر دين حديث السن من أذناب فقهاء وأد المرأة بـ (ستايل) سينمائي هوليوودي متى ما دُعي لشاشة تلفزيونية، يتقيأ من خلالها وهو يوصي رجال أمته بتأديب زوجاتهم تحت التهديد! بسلاح الضرب، وبسلاح الزواج التربيعي إن لم يجد الأول نفعاً!.
  • لا تذهب د. السعداوي بعيداً عن الواقع المعاش الذي أفقده التعود ما هو عليه من خطورة وقبح وزيف! الواقع الذي إن تم مسّه فهمساً .. جُبناً أو خبثاً أو حفظاً للسمعة والمكانة الاجتماعية أو تحاشياً لأي استفزاز محتمل يعقبه مواجهة! تقول د. الجوهري عن محاورتها: “انتهجت التمرد أسلوباً للتفكير والتخيل والعيش، منطلقة من فكرة أن الطاعة للسائد هو إنكار للإرادة والعقل والأنا الفردية، وأن المرء إنما يجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما: إما العبودية وإما الحرية، فوجدت نفسها على تماس مع ثالوث المحرمات العربية: الدين والسياسة والجنس”.
  • تستمر د. الجوهري لتتطرق إلى الخطاب النهضوي الحديث وروّاده، لا سيما أولئك الذين نادوا بالتحرر من “أغلال عصر الحريم” و “تقييد تعدد الزوجات ووضع حد للطلاق المتسرع والكيفي” وطالبوا بخروج المرأة للتعلم والعمل والمشاركة الفعّالة في المجتمع. ففي حديثها عن (نوال السعداوي كنهج نسوي مغاير) تعرض طرفاً من نهج الشيخ رفاعة الطهطاوي وتقول: “أدرك الطهطاوي باكراً أهمية الدور الانتاجي للمرأة بقوله إن التعليم يساعد المرأة لأن تجد لنفسها مكاناً في الحياة، يعودها على العمل، فالعمل في الحقيقة يصون المرأة ويدنيها من الفضيلة، وإذا كانت بطالة الرجل مدانة، فإنها عار كبير بالنسبة للمرأة”. أما قاسم أمين الذي يعتبر الاحتجاب عن المجتمع بمثابة قتل لكل فضيلة تتحلى بها النفس البشرية، يرى أن عمل المرأة هو سبباً في توفيقها وتنظيمها لحياتها بينها وبين أسرتها. تنقل د. الجوهري عنه قولاً يأسى فيه “لو تبصّر المسلمون لعلموا أن إعفاء المرأة من أول واجب عليها وهو التأهيل لكسب ضرورات الحياة بنفسها هو السبب في ضياع حقوقها. فالرجل لما كان مسؤولاً عن كل شيء استأثر بالحق في التمتع بكل حق، ولم يبق للمرأة حظ في نظره إلا كما يكون لحيوان لطيف يوفيه صاحبه ما يكفيه من لوازم تفضلاً منه على أن يتسلى به”. وكما طالب قاسم أمين برفع النقاب عن وجوه المصريات، طالبت نظيرة زين الدين برفعه عن وجوه اللبنانيات، رافضة اختزالهن في نظرة مادية وككائنات بيولوجية!.
  • لا تتوقف استراتيجيات الرجال في قمع المرأة عند حد المقدّس وما يستلزم من طاعة لا تقبل نقاشاً، بل ترى د. السعداوي تغلغله في الجنس مستدلّة في هذا على ما تزخر به الأدبيات العربية من تفرّده بالرجل الذي يكتب عنه وعنها، في حين تغيب أدبيات المرأة عنه في اللامسمى. إذ “من كتب في هذا الموضوع استند إلى ملاحظاته وخبراته والمعلومات المتداولة، ولم يعالج الموضوع كقضية اجتماعية، وجلّ همه كيف يشبع الرجل شهوته وشهوة امرأته زوجته أو جاريته أو أمته كي يرضي غروره ويشبع رغباته من جهة، ويضمن إخلاص زوجته الجنسي له من جهة أخرى”.
  • تتفق د. السعداوي مع التوجهات الحديثة في “تعديد المناهج” نحو استيعاب أشمل للظاهرة الواحدة! فتنتقد الأطباء وهم يتعاملون مع مهنتهم بـ “أسلوب ميكانيكي” لا يأبهون بما قد يكمن وراء المرض من أسباب عقائدية أو اجتماعية أو سياسية، وتعيب على الأطباء النفسيين تحديداً “تعاملهم مع الخارجين عن النظام أو الرافضين له كمرضى بالعصاب أو الجنون، لظنهم أن الشخص العادي المتكيف مع النظام أكثر صحة من الشخص المصاب بالعصاب والتي تمزقه الصراعات والعذابات. ويصبح العلاج في نظر هؤلاء الأطباء هو أن يتكيف المريض نفسياً مع المجتمع، ولا يكون ذلك إلا بقتل البقية الباقية من ضميره وتفكيره الحر المستقل عن طريق غسيل الدماغ بالصدمات أو الحقن المهبطة للتفكير أو الأقراص المنومة”.
  • الجسد والنفس مكملان لماهية الإنسان، فلا انفصال ولا طغيان بينهما! هكذا يعتقد الفيلسوف سبينوزا، وهكذا تقول د. السعداوي في (سبينوزا ونيتشه ومارلو بونتي): “هذ الفصل بين الروح والجسد تجاوزه سبينوزا ليؤكد أن الإنسان واحد لا فرق فيه بين الأشكال الذهنية والأشكال الجسدية والمظاهر العقلية والمظاهر الانفعالية، فالجسد يفعل ويرغب في الوقت نفسه الذي تفعل فيه النفس وترغب! لأن رغبة الإنسان واحدة هي رغبة الجسد والنفس معاً .. لأن نظام الجسد وأهوائه تتوافق مع أفعال النفس وأهوائها”.
  • يشوّه المجتمع الذكوري منذ الطفولة جسد الأنثى وروحها، فجسدها بعملية الختان وروحها بتمييز أخاها، ثم لا يعتقها حين تكبر فيقرن “الشرف الإنساني بالشرف البيولوجي” فيما يسمى بالعذرية متجاهلاً “الاستعمالات الاجتماعية الرمزية لمفهوم الشرف. فشرف الرجل منوط بأخته وزوجته وقريباته لا بسلوكه الشخصي وأفعاله”. استحضر هنا حديث زميل عربي متفرنج -لم يزل شبقاً حتى الثمالة بشقراوات أوروبا- حين أراد امتداح أخلاق والد زوجته فقال “محجّب كل بناتو”، حتى عرفت بعد حين أن والد زوجته الهرم لم يكن سوى (زير خادمات) وابنه (نزيل مواخير تايوان)، وبناته (المحجّبات) قد أجبرن عليه كشرط مسبق للزواج، وقد صنف مجتمعهن الشرقي الواحدة منهن كـ (خطّافة رجالة)!. فعن هذه الازدواجية تضرب د. السعداوي مثلاً وتقول: “هذا المجتمع يكيل بمكيالين! يبيح للرجل ما ملكت أيمانه والزواج بأربع وأكثر طالما يملك حرية التطليق، بينما تحاصر المرأة ما حييت”.
  • وفي الحديث عن التشويه الآثم، ترى د. السعداوي في (تشويه جسد المرأة كتشويه لجسد الرجل) بأن تشويه حياة المرأة بجريمة الختان وتأثيم الجنس، ينعكس مردوده في تشويه حياة شريكها بالمثل “فما يلحق بالمرأة من قيود وأغلال ينعكس سلباً على شريكها، أي إن الذكور يحصدون ما جناه نظامهم التاريخي”. يظهر المردود جنسياً بشكل أكبر، حيث تسوء العلاقة الجنسية نتيجة تهتك العضو الأنثوي وبرود الزوجة المصاحب وبطء الاستثارة، الوضع الذي يدفع الزوج لبذل ما أمكن دون طائل!. وعن وصم المرأة الدائم بالبرود الجنسي، فهو حقيقة لا يعود إلى طبيعتها الوراثية “بل إلى عقدة الكبت والخوف والإثم والذنب التي تستبطنها والتي تجعلها تستجيب للزوج من باب الواجب الديني أو الزوجي لا أكثر” فضلاً عن غياب “أعضاء الإثارة أصلاً” التي قد تكون بُترت بالكلية في حالة الختان الكامل.
  • بالإضافة إلى الأعراف الاجتماعية والإباحية الشرعية أو البغاء المقدّس، تتصدى د. السعداوي إلى النظريات العلمية، فـ “لم تتوان عن مناقشة بعض النظريات الفرويدية كنظرية (حسد القضيب) التي فسّر بها فرويد شعور المرأة المزعوم بالنقص الفطري، وعن مناقشة فرضيته حول مصادر اللذة الأنثوية”، بالإضافة إلى تسفيه رأيه عن الأنا العليا للمرأة والذي زعم أنها لا ترقى إلى ما هي عليه عند الرجل من “الصرامة والموضوعية والاستقلال”. هكذا تستمر د. السعداوي وقد “توجّت جهودها لتخليص المرأة من شوائب النظريات (العلمية) الذكورية بتوكيد أن الأنثى هي الأصل بيولوجياً” …. غير أنني عرفت من بنات جنسي من عرفت باختلاف مرجعياتهن الثقافية، ولم أجد بينهن من تصرّح لا همساً ولا جهراً بحلم امتلاك العضو المذكور، لترقيع نقص مزعوم جاء به فرويد كإسقاط لنقص نفسي لديه!.
  • كان إسهام د. السعداوي ملحوظاً في إحداث تغيير نوعي في الوعي الجمعي لدى المجتمعات الشرقية، تحديداً “تعديل الوعي التقليدي الخرافي والبياني بقضايا المرأة والرجل وتحويله إلى وعي عقلي وعملي وواقعي. ولعل هذا التبديل في الوعي هو وراء الصدمة التي لم يشف منها حتى الآن بعض الرجال أو حتى النساء الساكنات”. وقد كان منطلق حديثها في (الرجل كموضوع لبحث أنثوي) عن السيطرة على المرأة وتحجيم مكانتها كـ “حجر الزاوية في النظام الأبوي الذي تحول معه المجتمع إلى مجتمع ذكوري لا وظيفة فيه للأنوثة إلا بتأكيد تفوق الذكر وتثبيت هيمنته. وهذه الذهنية تتمثل في نزعة السلطة الشاملة التي ترفض النقد ولا تقبل بالحوار أسلوباً إلا لفرض سيطرتها”.
  • في الأسر التقليدية التي يرتبط أفرادها بروابط الدين والقرابة، تقوم سلطة الأب على نظام العقاب التي لا ترتكز على “أخلاقية الحرية والمساواة” بل على “أخلاقية الطاعة”، فيصبح الرجل الخاضع لهذه السلطة “غير مستقل ورهين قيم عليا متعالية .. أناه مقموعة، ولن يقبل بالتالي صعود أنا أخرى”. غير أن هذا النظام يهب هذا الرجل الخاضع إزاء المرأة “سلطة الجلاد والوصي والسيد المزيّف .. سلطة سنّتها له القوانين والأعراف لا الحقيقة الموضوعية أو الحاجة الذاتية الذكرية بالذات”.
  • ولاعتبارات جنسية بيولوجية متطرّفة، وكمبالغة في تغليظ الخطوط الحمراء أمام العفة الجسدية، يتحول النظام السلطوي إلى “رهاب يقضي بالفصل التام بين الجنسين، أي بحظر الاختلاط مجرد الاختلاط بالجنس الآخر”. تعقّب د. السعداوي قائلة: “هو إذاً مجتمع يحّرم على الرجل التعرف إلى النوع الإنساني الأنثوي واكتمال معرفته بالحياة نفسها”.
  • تتطرق د. السعداوي في (عقدة النقص) إلى المجتمعات الأبوية التي تقوم على التفرقة بين الذكور والإناث منذ الصغر، حتى يسودها الرجل لاحقاً بذكوريته وسلطته، “فالطفل الذي يلّقن منذ البداية كيف يؤكد ذاته كذكر يعد لحياة الرجل حيث الإيجابية والمسئولية والسيطرة والقوة. أما البنت فهي تلّقن منذ البداية كيف تنطوي وتنكمش وتخفي ذاتها لأنها أنثى تعد لحياة المرأة حيث السلبية والخضوع والاعتماد على الرجل”. تستمر لتؤكد أن المبالغة في إشعار الابن بذكورته وصلابته، يصيبه تالياً بـ (عقدة نقص) يبذل معها جهداً جبّاراً ليقترب من النموذج المرسوم له، في الوقت الذي يكون مقتنعاً في أعماقه بأنه ليس كذلك!. كما أن المبالغة في حثّ الابنة الظهور بسلبية وانكماش تحت اسم الرقة والأنوثة، تصيبها مستقبلاً بـ (عقدة عظمة) لأنها تظن بنفسها خيراً أكثر مما يظنون .. “تصيبها بعقدة العظمة لأنها تحس في أعماقها أنها أفضل مما يتوقعونه منها، والولد الذي يشعر بعقدة النقص يشعر في الوقت نفسه بعقدة العظمة كتعويض”.
  • تأسف د. السعداوي لحال الرجل في تلك المجتمعات الواقع بين تقاليد بالية ومفاهيم زائفة .. تتناقض فتبيح الجنس تارة وتؤثمه تارات أُخر، حتى تولّد لديه شعور بالذنب والعار وتربك علاقته بشريكته! تستمر فتقول: “أي أن هذا النظام الذي تأسس واستمر لخدمة أغراض الرجل انقلب عليه، تماماً كما ينقلب السحر على الساحر، مولداً تناقضات بين الإنسان والإنسان .. بين الإنسان الذكر والإنسان الأنثى .. وبين الإنسان وحاجاته ونوازعه الذاتية، مؤخراً نموه النفسي السوي، مربكاً علاقته مع ذاته ومع الآخرين ومع الأخريات”.
  • وعن مفهوم الشرف في الحضارة الذكورية المرتبط بالأعضاء الجنسية وجسد المرأة الذي يُعد من مقتنيات الرجل الخاصة .. أباً كان أو زوجاً أو أخاً أو حتى ابناً، تفضح د. السعداوي تناقض القوم فتقول: “فالرجل الفاسق شريف إذا كانت زوجته لا تخونه مع رجل آخر، والرجل المنافق شريف طالما أن ابنته تحافظ على عذريتها قبل الزواج، والصحفي الذي ينشر الأكاذيب لحماية حاكم ظالم شريف طالما أن نساء أسرته يحافظن على فروجهن وعذريتهن!. شرف الرجل يتعلق بسلوك امراته في البيت ولا يتعلق بسلوك هذا الرجل أو قدرته على العمل الخلّاق أو الصدق أو الدفاع عن الحق والعدالة والحب والحرية”. ومن المشاهد التي تتكرر في شوارعنا العربية، نساء متشحات بالسواد الدامس من قمم رؤوسهن حتى أخامص أقدامهن، يرافقهن رجل العائلة الذي طالت لحيته وطالت نظرته الأولى المكفولة له شرعاً نحو النساء الأخريات يميناً وشمالاً! توضح د. الجوهري موقف د. السعداوي من مفهوم الشرف ذاك، فقد أرادت: “أن تنقل مفهوم الشرف من الحيز البيولوجي الجنسي إلى الحيز العلائقي الاجتماعي، أي التفكير في منزلة الفرد وسمعته ومجده، وعدم حصر قيمة الفرد في مدى التزامه بالمنظومة الأخلاقية الخاصة بالحياة الجنسية، التي هي أصلاً غير أخلاقية لأنها تقوم على التمييز الجوهري بين الرجال والنساء”.
  • تستمر د. السعداوي بعرض المفارقات الأخلاقية في المجتمعات الذكورية، من ضمنها “تبرئة الرجل الذي يقيم علاقات مع المومسات خارج إطار الزواج، في حين تتعرض شريكته في الفعل الجنسي إلى شتى أنواع الإهانة والتهميش”. وتخصّ في مثال لها المجتمع المسلم الذي “يطالب المرأة بصيانة جسدها بأي ثمن ورهنه بعقد زواج يفسخه الرجل العربي المسلم ساعة يشاء، ولا يطالب هو ذاته بالمثل”. وتُكمل “وتخوّله أحكام الزواج بالزواج بأربع يطلق منهن من يشاء ليتزوج بأخريات، ولا يُمس شرفه”. ومرة أخرى، تصيب كبد الحقيقة وتقول: “هذا المجتمع نفسه يشرّع البغاء ويقوننه، أي يشرّع الابتذال من أجل اشباع حاجات الرجل الجنسية، ثم يعود ويحتقر المومسات (الشرعيات) وينبذهن دون شريكهن، فهن شرعيات وغير مشروعات .. في مفارقة عقلية وأخلاقية”.
  • تتطرق د. السعداوي إلى مكانة المرأة التاريخية-الدينية، حيث تشير إلى أن “اضطهاد المرأة الرمزي الأيديولوجي بدأ مذ أخرجت المرأة من دائرة الدين، مذكّرة أن الآلهة كانت قبل تكريس المجتمع الأبوي أنثوية: (إيزيس) وغيرها من الحضارة الفرعونية، و (اللات) و (العزى) و (مناة) في الحضارة العربية”. وتذكر حواشي الكتاب بعض الأمثلة في تمجيد الأنثى عند حقبة الأديان الوثنية السابقة لحقبة الديانات التوحيدية، كالفراعنة الذين لم يعرفوا التفرقة بين الذكر والأنثى، بل “كانت ديانتهم تمجّد الحياة والإخصاب والجسد والولادة والمطر والزرع والخير”، كما أن العلاقة الجنسية لم تكن عيباً ولا عاراً ولم يتملّك الرجل لا النساء ولا الأطفال “بل كانت المرأة التي تلد الأطفال ويُنسب الأطفال إليها، ينتقل الميراث أيضاً إليها”.
  • لا تُستثنى المرأة العربية من الانتكاسة التي طالت مكانتها التاريخية كما سبق الإشارة إليها، مقابل سيطرة الرجل الدينية والاقتصادية والسياسية، غير أن سجلات التاريخ العربي تعكس صورة مشرّفة لما كانت عليه المرأة سابقاً. تقول د. السعداوي: “لقد احتشد التاريخ العربي قبل الإسلام وفي المراحل الأولى لظهوره بأسماء نساء إيجابيات شجاعات قويات واثقات بأنفسهن، منهن المقاتلات اللواتي قاتلن إلى جانب النبي أو ضده، ومنهن الواثقات بأنفسهن وبقدرتهن على المحاججة كزوجات النبي خديجة وأم سلمى والعامرية وزينب بنت جحش وعائشة، اللواتي كن يحاججن النبي وغيره من الرجال”.
  • ومع القيم التي تعتنقها د. السعداوي من عدل وصدق وحق ومساواة وتوازن وسعادة ما تحقق للإنسان (ذكراً وأنثى) التكامل الجسدي والنفسي والعقلي .. التكامل الذي يجعل منه كيان كامل و “أول المقدّسات”، تستنتج بـ “أن تكون المرأة إنسانة أولاً .. أن تكون كاملة العقل والجسد!. وطالما أنها كائن مقدس بُطل أي اتهام لها بالنقصان العقلي، ولم يعد يجوز انتهاك جسدها .. تحقيره أو تطويعه”.
  • في نظرتها نحو الإنسان، ومن المنطلق الفلسفي الذي يقول بوحدة النفس والجسد، تؤسس د. السعداوي رأيها في الجنس على “نبذ الثنائية القائمة على شطر الكينونة البشرية بين جسد ونفس يتشكل كل منهما وينمو مستقلاً عن الآخر، بحيث لا ترتبط صحة كل منهما بالآخر ولا سويته! تلك الثنائية التي أدت إلى بنيان أيديولوجي يخاطب النفس والعقل كوحدة مستقلة، فيناشدها أو يأمرها بتطويع الجسد بصفته موئل الزلات والارتكابات والتجاوزات والخطايا”. وبناء على هذا الرأي، تفاضل د. السعداوي بين الأسوياء جنسياً وغير الأسوياء، فترى أن أولئك “المعقدين جنسياً” المصابين بخلل ما في علاقتهم مع أجسادهم “يعجزون بالطبع عن أن يظهروا أنفسهم على حقيقتها، وبهذا يتوارون خلف قناع من البرودة أو التكبر أو الاكتئاب أو الابتعاد عن أي محاولة للاقتراب. أما هؤلاء الذين عرفوا سعادة الحياة الجنسية وسعادة الجسد فإنهم لا يخشون العلاقات الحميمة، وهم أقل حذراً في إقامة علاقات مع الناس سواء كانت فكرية أو عاطفية أو جسدية”. إن أولئك اعتادوا على احتقار الوظائف الجنسية للجسد بعد شطرهم وظائفه إلى نبيلة وأخرى غير نبيلة، انطلاقاً من النظرة التاريخية الساحقة التي تفصل بين النفس والجسد، باعتبار أن الأولى تُنسب إلى “السماوي والمثالي” والآخر إلى “الأرضي والدنيوي”. ومع هذا الرأي، يتضح جلياً وضع المرأة الشرقية لديها، فترى “أن المرأة التي تربت على احتقار جسدها وترويضه، وأهلّت للخوف منه وعليه، ودربت على الاحتراس من كل رجال الأرض بوصفهم منتهكين محتملين لهذا الجسد، لن تحسن التصالح يوماً لامع جسدها ولا مع نفسها كوحدة متكاملة، ولا في الانخراط السليم في الحياة العامة”. لذا، تظهر شخوص الأنثى في رواياتها كارهة للجنس، وقد وصفت إحداهن العلاقة الجنسية في روايتها (كانت هي الأضعف) بـ “الفحيح الذكري العدواني والأنين الأنثوي الذليل”. وعودة على ذي بدء، تكمل قائلة: “أي إن هذا الجسد لا يحيا ويتفاعل بمعزل عن النفس .. يفعل فيها وتفعل فيه .. يرتبك بارتباكها وترتبك بارتباكه، أو على العكس! يتفتح بتفتيحها وينضج بنضجها .. إلى ما هنالك من تفاعلات تجعل النضوج الجنسي والعاطفي متلازمين والعلاقة الجنسية سوية” وبين النضوج الجنسي والنضوج العاطفي علاقة طردية، “أي إن النضوج الجنسي لا يتم بغير النضوج العاطفي، وهذا النضوج يساعد الإنسان على إقامة علاقة مستقرة مع الجنس الآخر مشبعة نفسياً وفكرياً وجسدياً (حيث تشكل العلاقة الجنسية الوسيلة الأساسية للتعبير عن الحب إن لم تكن الوسيلة الوحيدة)”.
  • في حديثها عن (صحة المرأة النفسية والعقلية)، ترصد د. السعداوي حال النساء اللواتي وقعن فريسة للعصاب نتيجة ما واجهن من صراعات وصعوبات في تحقيق طموحاتهن ونيل حرياتهن الشخصية “خلافاً للنساء العاديات اللواتي يتكيفن مع الأمر الواقع ويستسلمن للقيود الاجتماعية والشخصية. فأكثر أنواع العصاب انتشاراً هو بين المتعلمات، وهذا معناه أن التعليم يجعل المرأة أكثر وعياً بوجودها ومن ثم أكثر وعيا بالصراع”. إن ما يُسمى بالقلق النفسي إنما هو قلق على الوجود، لذا فإن المرأة التي لا تعي قيمة وجودها لا يُصيبها القلق! غير أن “الانقطاع عن التعليم والعمل يسبب للمرأة وخاصة الذكية عصابا وألما نفسية بسبب إحساسها بضياع مستقبلها وعدم قدرتها على تحقيق ذاتها كإنسانة لها طموح فكري في الحياة”.
  • تتساءل د. الجوهري عن الاستفزاز الذي قد تؤول معه تأكيدات د. السعداوي حول “أن الأنثى في الحياة البشرية هي الأصل”، وتاريخية خضوع الرجل للمرأة في الأزمنة الساحقة، الأمر الذي صاحب خوفه منها ومن ثم شعوره نحوها بالكراهية فيما يُسمى بـ (Women Envy) أو (حسد المرأة)، وذلك حين قامت د. السعداوي بإعادة قراءة علم الأنثروبولوجيا تاريخياً لتقصي كيفية تشكّل الأدوار بين الرجل والمرأة، وتوزيع أو إعادة توزيع السلطة بينهما! ومن ثم توجّه تساؤلات وجودية لها مثل: “ألا يُعتبر هذا الرد على السياسات الذكورية الاحتقارية مستفزة للرجل ومخيفة؟ هل المطلوب هو إثبات تفوق المرأة التشريحي والتاريخي كي يتم الاعتراف بها؟ وإذا تبنينا نظرية (حسد المرأة)، فإننا نتوقع أن تختزن المرأة لقرون شعور بـ (مقت الرجل) الذي يضطهدها”؟ إلى غيرها من تساؤلات حول مدى إمكانية التصالح بين الرجل والمرأة والذي يبدو متعذّراً، لا سيما في ظل حرص الرجل تأكيد أبوّته البيولوجية، ما يعزز استمرارية هيمنته دون الحاجة إلى كيل حجج أخرى!.
  • وفي توضيحها لنظرية (حسد المرأة)، تتطرق د. السعداوي إلى الحديث عن الحضارة الفرعونية التي سبقت نشأة “الدين اليهودي الذكوري”، حيث الآلهة إيزيس التي كانت ترمز للفكر والحكمة والفلسفة، والتي أعادت بقدرتها الإبداعية زوجها أوزوريس إلى الحياة!. لقد “سبقت الأمومة تاريخياً الأبوة في المسؤولية الإنسانية واستمرار الحياة”، إذ ظلت الأبوة نكرة ولملايين السنين مقابل الأمومة المانحة للحياة، حتى قام العلم الحديث بالكشف عن مساهمة الرجل في عملية الإخصاب “وقد حاول الرجل انتزاع هذه المكانة العالية من المرأة بإنشاء نظام قمعي أبوي قائم على اسم الأب فقط، وتم حذف اسم الأم من النسب ومن التاريخ. لكن جهود الرجل باءت بالفشل حتى اليوم، بسبب اعتماده على العنف والظلم وعدم المنطق .. فكيف يمكن تهميش الأم في الحياة وهي الأصل؟”. من هنا جاء شعور الرجل بالحسد أو الخوف أو كلاهما معاً نحو المرأة، لما تحلّت به من قوة على ما واجهت من اضطهاد أبوي!. تُكمل قائلة: “إن خوف الرجل من المرأة ليس جنينياً أو وراثياً فطرياً، لكنه خوف سياسي اجتماعي جنسي تحول إلى عنف ديني، واستطاع الرجل أن يخلق إلهاً جديداً ذكراً يحكم جسد المرأة وعقلها بالحديد والنار، حتى تصبح الأبوة معروفة أو غير مشكوك فيها”.
  • تستكمل د. الجوهري الحوار في هذا المضمار وعن شعور الرجل الحديث بالقلق إزاء احتمالية “انقلاب الوضع” وإزاحته من منصبه، فيُصبح موضوعاً بعد أن كان ذاتاً ويدفع ثمن سطوته الذكورية -كما هو الحال مع الحاكم المستبد وتوجسه من شعبه- لا سيما في ظل تحديث قوانين الأحوال الشخصية في العالم العربي، وخروج المرأة للعلم والعمل!. يلجأ الرجل أمام هكذا موقف “بالتشبث بالقوانين والاجتهادات الفقهية التي تميزه، وإن لم تكفه القوانين لجأ إلى العنف! هي جدلية الخوف والخوف المضاد .. جدلية خوف الحاكم من المحكوم والعكس”. تُجيب د. السعداوي بكل وضوح على أن الأمر لا يتطلب سوى تحقيق قيم العدل والحرية والمساواة، فتقول: “عدم التساوي والظلم والعنف تؤدي إلى الصراع بين الدول وبين الجنسين! لا يمكن حل أي صراع من دون القضاء على سببه، وهو الظلم الطبقي الأبوي السائد في العالم تحت أسماء مزيفة مثل الديموقراطية والحضارة والشراكة والمساعدات والأخوة والدين والإنسانية وغيرها”.
  • تعتقد د. الجوهري أن الخطاب النسوي لم يُبرز بما يكفي تداعيات النظام الأبوي على الرجل نفسه، وأن الرجل العربي لا يزال يتوجس شراً من الخطاب النسوي، ويعتبره انتقامياً ومبغضاً له ومهدداً لمكانته، رغم أن النظام الأبوي يحمّله جسدياً ونفسياً أعباءً إضافية في تحقيق مفهوم الرجولة الأمثل “فهو يبذل جهداً جبًاراً كي يقوم بدور القيّم والسيد وولي الأمر، كما يبذل جهداً إضافياً كي يراقب سلوك نساء عائلته متحولاً إلى متلصص وجاسوس وفوق ذلك إلى سجّان! لذا يحكي عن «هم البنات» و «كيد النساء». وقد تفرض عليه هذه المسؤوليات تقمّص دور مجرم سفّاح يزهق روح أخته أو زوجته أو ابنته باسم «الشرف»، أو إلى معنّف سادي يفرغ على النساء شعوره بالفشل أو إحساسه بالنقصان تجاه من يعلوه شأنا من الرجال والنساء أحيانا أو أمام عثرات الحياة. وبالمحصلة يتحول إلى خصم معلن للنساء المحيطات به، وإلى كاره غير سعيد لعدد لا يستهان به من النساء”.
  • على الرغم من كتابها (الرجل والجنس) الذي تطرقت فيه إلى تبعات “المنظومة الجنسية الأبوية السائدة” على الرجل ذاته، إلا أن د. الجوهري ترى أن هذا ليس بكاف، فالمسألة تحتاج “إلى مزيد من المقاربات تكشف للرجل أو يكشف فيها لنفسه وجوه الخلل العلائقي والتواصلي الذي يغمر علاقته بالمرأة ويفسد عليه توازنه”، إذ قلّما يتم طرح خطاب نسائي يتوجه بعمق وكلية إلى الرجل!. “وبالمقابل نادراً ما نقع على شهادات رجالية يبوح بها الرجال بمعاناتهم من النظام القائم الذي فرض عليهم مفهوماً مضخماً ومشوهاً للرجولة، ومجموعة أدوار ثقيلة نحتاج ويحتاجون إلى هذه الشهادات والتفكرات، تماما كما تفعل النساء”. ففي مقابل تحفظ الرجال النابع من الأنا والنعرة الذكورية التي لا تعود عليهم سوى بالوبال، تبرز الموضوعية التي تتحلى بها النساء في حديثهن الصريح عن أنفسهن، إذ “تتحدث النساء عن أنفسهن جهارة، بينما يتحفظ الرجال على كشف خبايا أنفسهم! يبدو أن الرجال لا يتجرؤون على المجاهرة بما يدور في أذهانهم وخواطرهم خوفاً من خسران هيبتهم وخوفاً من خيانة الجماعة .. جماعتهم الذكرية الذكورية ومن ردود فعلها، فهذه الجماعة تسارع إلى التشكيك في رجولته «مش راجل» بالمصري «ومش رجال» باللبناني”. وعلى الرغم من قيام بعض المفكرين بتسليط الضوء على مخلّفات النظام الأبوي الذكوري، من أمثال (هشام شرابي) و (نصر حامد أبو زيد)، إلا أنهما “لم يتحدثا عن معاناتهم بالذات، أو عن معاناة الرجل عموماً. بأي حال هذه الأصوات غير كافية لخلخلة «الثوابت» وفتح أبواب النقاش كما الحال بالنسبة للخطاب النسوي، فقضية المرأة في نهاية المطاف قضية المرأة والرجل معاً”.
  • لا تبرح د. السعداوي تؤكد على قيم الصدق والحرية والمساواة التي رغم تطور الإنسان الحديث لا يزال يرزح تحت وطأة قيود دينية واجتماعية وسياسية تجعل من كلمة حق واحدة كفيلة بدفع حياته ثمناً لها. تقول في كلمة صادقة وتحريضية: “نعم هناك خلل في العلاقات بين الرجال والنساء بسبب الظلم السياسي والديني السائد! أصبح الرجل ضحية رجولة مزيفة وفحولة عنيفة، والمرأة ضحية أنوثة مزيفة مستسلمة للعنف. على مدى ثلاثة آلاف عام تم تشويه نفسية الرجل والمرأة. أصبح الكشف عن خبايا النفس الذكورية أو الأنثوية أمراً مخجلاً يجلب العار لأن كل شيء مبني على الكذب والتظاهر بالقوة المزيفة أو الضعف المزيف. أصبح الكشف عن الحقيقة يؤدي إلى السجن أو الرجم أو الكفر والحرق في نار جهنم. من يستطيع المجاهرة بحقيقة ما يدور في نفسه ونفوس الآخرين؟ يعتبر الصدق جنوناً في عالم يكذب”. تستمر لتضرب في نفسها مثلاً وتقول: “أنظري ما حدث لي في حياتي العامة والخاصة لمجرد الكتابة عن حقائق تاريخية أو طبية؟ أقترح المزيد من الكشف عن الزيف، والمزيد من الثورات وإن تعرضنا للموت، فالموت بكرامة وثورة وصدق أفضل من الحياة في الذل والكذب”.
  • دعاة الستر ودعاة السفور وجهان لعملة واحدة، تعرّي د. السعداوي زيفهما فتقول قولاً ينم عن الصدق الذي نادت وتمثّلت به في حياتها: “كم عاشت النساء في ذعر من مواجهة الناس بوجه مغسول بغير مساحيق! وألوان الجمال الطبيعي الأعمق من القشرة الخارجية تختلف كثيراً عن الفكر الديني السلفي الذي يغطي وجه المرأة أو يدعو إلى مداراة الأنوثة والرجولة. أنا لا أريد إخفاء وجه المرأة تحت اسم الدين، ولا أريد تعريتها أيضا لترويج البضاعة في السوق علينا أن نغير مفهوم الأنوثة والرجولة الأبوي الطبقي إلى مفهوم إنساني لا يطمس الاختلاف بينهما، ولا يجعل الجميع متشابهين أيضاً. لكني ضد الانشغال بتدليك الجسد بالكريمات وإهمال تدليك العقل بالأفكار الثورية الجديدة! نحن في حاجة إلى بناء إنسان متطور جديد «امرأة ورجل» يواكب الثورة التي خلعت أنظمة فاسدة في بلادنا، وتنادي بالحرية والكرامة والعدالة للجميع نساء ورجالاً من مختلف الأديان والطبقات”.
  • لا تصارع د. السعداوي طبيعتها الأنثوية، بل كانت تصارع منذ طفولتها الأنظمة الأبوية الطبقية وتعريفاتها المهينة للأنوثة والمرأة عموماً. فتقول وقد أثبتت لها الثورة المصرية الحديثة هذا الصراع من أجل تحرير مفهوم الأنوثة السابق القائم على العبودية: “أنا مع تصحيح المفهوم وليس التصالح مع مفهوم قديم، أنا ضد الصلح والتصالح والتسامح والسلام القائم على الظلم والهوان، أنا مع التصالح والسلام القائم على العدل. لقد تمت إبادة الشعب الفلسطيني تحت اسم معاهدة السلام، وتم بتر عقل المرأة وكرامتها تحت اسم الحب والزواج والأمومة”.
  • وفي حديثها عن الثورة التي شاركت فيها جنباً إلى جنب الشابات والشباب الثائر الصاعد، وما كان من دورهم في إسقاط النظام السابق، تفضح د. السعداوي دور التضامن الطبقي الأبوي الذي تمثّل في الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي في تمزيق أوصال الثورة بعد نجاحها، من خلال إذكاء الفتن الطائفية والدعاوي الدينية الغابرة!. تصف مشهد مخز وتقول: “بعد سقوط مبارك في 11 فبراير 2011 بقليل، هجم على النساء المتجمعات بميدان التحرير في مسيرة يوم المرأة العالمي 8 مارس، هجم عليهن بلطجية النظام المهدد بالسقوط على شكل رجال من ذوي اللحي الطويلة والمطاوي والعصي الكهربية، رافعين الشعارات الدينية من نوع: لا إله إلا الله .. تحرشوا بالنساء جسدياً! لم تحاول الشرطة حمايتهن بل تم القبض على بعض الفتيات وقدمن للمحاكمات العسكرية. تعرضن للضرب والتعذيب والإهانة بالفحوص العذرية. أصبح التحرش بالنساء المصريات المتظاهرات ضد النظام متكررة كمحاولة لإبعادهن عن الثورة وإعادتهن إلى البيوت، بل زاد الأمر خطورة بصعود التيارات الدينية السلفية إلى مراكز الحكم، ومحاولتهم السيطرة على التشريع وإصدار قوانين جديدة تسلب النساء والأمهات بعض الحقوق المكتسبة بنضالهن على مدى عقود”. لقد دُحروا من حيث أتوا إلى جحورهم المعتمة .. لا قامت لهم قائمة ما دامت السموات والأرض!. رغم هذا، تذكر د. السعداوي في نفس الميدان ما يشهد على الاحترام الذي يكنّه لها الناس حتى من قبل المخالفين لها “نعم ميدان التحرير أكد لي مكانتي. الشباب والشابات في مصر كانوا يلتفون حولي أيام الثورة من مختلف الأعمار والتيارات الفكرية والسياسية، حتى شباب الإخوان المسلمين كانوا يقبلون عليّ بكل احترام وحب رغم الاختلاف في الآراء”.
  • مع غياب العدالة، تبرز ازدواجية ما في مفهوم الزنى كما هو الحال مع سائر القيم الدينية والقوانين المدنية! فقيمة العفّة والمسئولية الأخلاقية وصيانة العهد مع الشريك كلها تسري على المرأة فقط دون الرجل “وبالمثل مفهوم الزنى. القانون المصري لا يعاقب الرجل على الزنى والشرع والعرف والمجتمع يسامح الرجل زير النساء، وهو أكثر إفساداً من الزنى، بل يتباهى الرجال الفنانون والأدباء بغزواتهم النسائية خاصة العجائز منهم مع البنات العذراوات. وإذا كان للرجل منهم بعد موته سبعون وأكثر من العذراوات الحور العين مكافأة من ربه على الصلاح والتقوى، سؤال بديهي ورد في كتاباتي: وبماذا يكافئ الله النساء على صلاحهن وتقواهن؟ يقتضي العدل الإلهي أن يكافئ النساء بالعذارى الحور العين من الرجال. هل هذا السؤال البديهي يتناقض مع المقدس؟ إذا تناقض المقدس كما وصفه الفقهاء أو الرجال الذكوريون مع العدل والعقل والبديهة، فهو يسقط آجلاً أو عاجلاً مع الثورات الشعبية التي تكسر حواجز الخوف من المقدسات والثوابت الدينية والسياسية”. يشهد على استنتاجها المنطقي هذا موجة الإلحاد التي تعصف بالعالم الإسلامي، لا سيما في قلب شبه الجزيرة العربية .. والله المستعان!.
  • تستمر د. السعداوي لتؤكد انتصار مفاهيم العدالة والكرامة والحرية على تلك المفاهيم المزدوجة، رغم أنوف موظفي المصلحة السياسية المتبرقعين بستار الدين “لأن مفهوم العدل والحرية والكرامة ينتصر على كل مقدس سياسي أو ديني، وهذا هو التاريخ الإنساني في تطوره المستمر ضد الظلم والعبودية تحت اسم المقدس. لقد انتصرت الإنسانية المتطورة علمياً وأخلاقياً على كل المقدسات في كل زمان ومكان. بالطبع هناك مراحل ردة إلى الوراء في التاريخ البشري، وصعود رجال الأديان المتلحفين بالمقدسات والأساطير القديمة كما يحدث اليوم في العالم كله للتغطية على أزمة الرأسمالية الأبوية وانتشار الفساد في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية. مراحل الردة قد تطول لكنها مؤقتة لأن العقل يغلب اللامعقول، والعدل يغلب الظلم، والصدق يغلب الكذب، والأمانة تغلب الخيانة، وهكذا تسير الإنسانية إلى الأمام”. غير أن د. الجوهري تعتقد بسطوة رجال الدين المسلّحين بالقدسية التي تحميها المؤسسات الرسمية، فتستمر في نقاشها وتتساءل قائلة: “ولكن مقارعة رجال الدين لا الدين مقارعة مستحيلة، فهم يتسلحون بـ «غير القابل للنقاش» هم يحمون أنفسهم بشبكة من المفاهيم تؤلف جهازهم المناعي كالتكفير والزندقة والهرطقة تكللها جميعة «الحسبة» فهم يتصرفون كوكلاء لله على الأرض. هي قلعة مفهومية يتعذر دكها وتفكيكها، والأبواب أمام العقلانية مغلقة، والأخذ بمبدأ السبيبة والتجريب والملاحظة والواقع والمصلحة هو من ضروب المستحيل. ما إن يدّعي رجل الدين التكلم من دون تفويض من أحد والنطق باسم الله حتى تسقط كل حقوق النقاش والتعبير والمعرفة والسؤال. كيف يواجه هذا الخطاب؟”.
  • تتحدث د. السعداوي عن دور الإبداع في تغيير الفرد نفسه كما العالم من حوله، وتضرب في نفسها مثلاً قائلة: “الإبداع وسيلة لتغيير العالم والمبدع ذاته. أنا نفسي أتغير إلى الأفضل. في الكتابة الإبداعية أكتشف نفسي وأكتشف العالم والآخرين. تعلمت من الكتابة الإبداعية أكثر مما تعلمت من علوم الطب والفلسفة والسياسة وعلم النفس والتاريخ والجغرافيا والجبر والهندسة، وتعلمت من الإبداع التمرد والثورة في وجه الظلم والاستغلال والقبح والخيانة والكذب، وساعدني الإبداع أيضا على السعادة واللذة والفرح والضحك والجمال والاتزان والحرية والمسؤولية ومغالبة القلق والحزن الوجودي الدفين”. وفي رؤية إبداعية تنظر من خلالها إلى الكون، تقول: “الإبداع صفة الكائن الحي. الحيوانات والطيور والحشرات تبدع من أجل البقاء! تدهشني قدرة النمل على الإبداع والتنظيم والعمل، وقدرة البعوض على خداع الإنسان والاختفاء وراء الدولاب أو تحت السرير”. وعندها، ليس للإبداع جندرية ولا خلية عصبية “فهو ليس إفرازاً هرمونياً ذكورياً أو أنثوياً” إنما هو “ينبع من الحياة الإنسانية بشتى أنواعها”. إن الإنسان المبدع لا يأبه للفروقات الهرمونية تلك بل يسعى إلى الصداقة الحقيقية بفطرته .. ذكراً كان أو انثى. والكتابة الإبداعية كالعلاج النفسي “تعالج جروح الدونية الاجتماعية والثقافية للنساء والفقراء، وجروح العظمة الذكورية المزيفة لأصحاب السلطة والمال”.
  • ثم تتحدث د. السعداوي عن “سعادة الإبداع” المصاحبة للإبداع نفسه، حين تخلو حياة المبدع من أسرار بعد أن يتحرر من وطأتها وينشرها على العلن .. من العار والمكبوت إلى الفخر والعام. وبهذا تضرب في نفسها مثلاً حين كتبت عن العار الذي لازمها بسبب عملية الختان التي تعرضت لها في صغرها، فما أن كتبت عن تجربتها حتى تحول العار لديها إلى فخر. ومع شعور الفخر صاحبها شعور جميل في مساهمتها إنقاذ الفتيات الأخريات من هكذا جريمة وحشية!. تقول: “حدث هذا أيضا حين كتبت ضد المفهوم المزيف للشرف وربطه المزيف بالعذرية أو غشاء البكارة، اتهمني رجال الدين والأطباء والسلطة الحاكمة أنني أدعو إلى الإباحية أو الحرية الجنسية للبنات، وكان هدفي نشر الحقائق الطبية وإنقاذ البنات اللائي يقتلن تحت اسم الشرف وهن بريئات! وكتبت أيضاً ضد تعدد الزوجات والفوضى الجنسية للرجال، فاتهموني بالدعوة إلى تعدد الأزواج وغيرها من الاتهامات التي لاحقتني منذ أمسكت القلم، وهي تدل على الذعر من «المعرفة» الذي يعيشه النظام .. الظالم يخشى من نور المعرفة والوعي بالظلم”.
  • وعن نقطة ضعف المرأة التي استغلها الرجل الذكوري شرّ استغلال واستمرأت المرأة شرور عبوديته مع مرور الوقت، تضع د. السعداوي إصبعها فوق الجرح وتقول: “تدرك المرأة بالوعي أو اللاوعي أن الأسرة هي المعقل الأساسي، وأن الأمومة سجن يملكه الأب لا يمكن للمرأة أن تفك قيودها من دون التضحية بالأسرة والأطفال والأمومة وكل ما يوجع قلبها”. عليه، تصبح المرأة بين نارين حتى تدفع ثمن الحياة التي ينبغي أن تحياها -وهي حية- غالياً. تستمر قائلة: “تنقسم المرأة على نفسها ما بين الحرمان مما تحب من أجل ما تحبه أكثر؟ أيهما تحب الأم أكثر: حريتها أم أطفالها؟ الحب الغريزي الأمومي غير الواعي، أم الحب الواعي لحريتها الانسانية وكرامتها؟ الصراع يدور في حياة النساء جميعا منذ نشوء الأسرة والنسب الأبوي في التاريخ واستعباد المرأة بسبب حبها لأطفالها. تم حبس المرأة داخل سجن الأمومة البيولوجية. تدفع المرأة ثمنا غالية من أجل الحرية، لكنها تدفع أيضا ثمنا غالياً في العبودية. إذاً الأفضل لها أن تدفع وتتحرر عن أن تدفع وتستعبد. في التاريخ كله لم تدفع جماعة بشرية ثمن عبوديتها وقهرها مثل النساء العبيد. الرجال يدفعون ثمناً للحرية أقل من النساء. لا يحتاج الرجل العبد أن يتخلى عن أبوته ليتحرر مثلما تتخلى المرأة عن أمومتها لتتحرر”. تضرب بعد هذا في نفسها مثلاً تزهو به -أعتنقه شخصياً- وتقول: “نعم، دفعت ثمن حريتي غالياً جداً في حياتي العامة والخاصة! وصلت إلى الشاطئ الآخر سليمة بالرغم من المخاطر .. اكتشفت سعادات أخرى متعددة خارج الأمومة البيولوجية وخارج الحب التقليدي والزواج، منها السعادة الإبداعية ومتعة اكتشاف الجديد والصداقات الإنسانية المبدعة. لا أظن أن ما أنشده بالخيال الأدبي عصي المنال مستحيل”. لا يمنعها أي حد من الاستمرار لتعبّر أكثر عن مكنونات نفسها، وهي في هذا تضرب مثلاً لمن يؤمن بما يعتنق ويفعل ما يقول “نعم عشت تجارب الزواج والأمومة حتى الثمالة! حاولت تغيير مفهوم الأبوة والأمومة في خيالي الأدبي وفي حياتي الخاصة أيضاً .. نجحت في تغييرهما إلى حد ما، وأسعى لتغييرهما أكثر وأكثر. غيرت مفهوم الطلاق! أصبح يعني الانطلاق إلى الحرية والصدق والعدل والكرامة .. استطعت تطليق ثلاثة أزواج رغم الألم، لكن الألم «ضرورة» للحرية والانعتاق من سجن الزمان والمكان”. 

عجباً كيف قرأت ذاتي بين السطور، حين جاء القول يُشبهني أو يكاد .. أسرده نرجسياً كما يلي: 

  • تستنطق د. السعداوي التاريخ لتبرهن على دور الهيكلية الذكورية في تحوير سيرورة المرأة ونقلها “من موقع السيد إلى موقع العبد” تظهر جزئياً من خلال “إصرار الرجل على احتكار الدين وتفسيره وممارسة طقوسه في المجتمع العربي، تماماً كما في باقي المجتمعات على الكرة الأرضية”. تستمر في (الدين والصحة النفسية) لتفضح دور “محتكري الدين في تعويق الإنسان عن استخدام عقله من أجل الوصول إلى الحق والعدالة والحرية والصدق والحب”. فمع منع الإنسان من استخدام التفكير النقدي في أمور حياته، يُفقر عقله ويضمحل ذكاؤه .. وهو الأمر الذي يدعوه فرويد بـ “التعلق الطفولي” الذي لا بد للإنسان التخلص منه إن أراد الوصول إلى مرحلة النضج ومواجهة الحقيقة دون الاعتماد على أي قوة خارجية. “وإذا عرف أنه ليس هناك من شيء يعتمد عليه سوى نفسه وقوته، فهو سوف يتعلم كيف يستخدمها. إن الإنسان الذي يستطيع أن يستخدم قوته هو الذي تحرر من السلطة التي تحكمه أو التي تهدده .. والأديان الإنسانية هي تلك التي لا تقوم على الخوف ولا تساهم في شلّ عقل الإنسان وقدرته على استخدام قوته الشخصية الذاتية”. وكما أقول دائماً: إن الأديان خُلقت للإنسان ولم يُخلق هو لها!. فمع كل تلك السلبيات من قمع وكبت وخوف وترهيب وشعور بالذنب وقلة حيلة، تتشوه صحة الإنسان النفسية، ويضطرب بالتالي توازنه مع العالم الخارجي، فضلاً عن أن هذا التشويه “لا ينسجم مع وظيفة الدين الجوهرية وهي خلاص البشر”. ينعكس هذا التشوّه في تناقض بعض المتدينين دوناً عن غيرهم، ما بين عدم التهذيب سلوكياً والاستعداد للغش والكذب والإيذاء والظلم والكراهية .. “أي أننا نبدو أتقياء في كلامنا، كفرة في شيمنا”.
  • وعن السلامة النفسية للمرأة .. شتان بين المفهوم السليم والمفهوم الذكوري!. تقول د. السعداوي قولاً في الصميم وهي تفرّق بينهما قائلة: “المرأة السليمة نفسياً ليست الفتاة الصغيرة المطيعة والمؤدبة والمتكيفة مع الظروف الخارجية أيا كانت هذه الظروف، بل تلك التي تستطيع أن تخالف أوامر الأهل .. أن تناقش الآخرين وترفض أفكارهم، وإلا اعتادت التفكير الزائف والرغبات الزائفة والأفعال الزائفة! والتي تعتاد على مرّ الأيام التفكير ثم الرغبة ثم الفعل .. أن تصبح نفسها، فلا تتنازل عن نفسها لتصبح متطابقة مع ملايين الأخريات. والسليمة نفسياً التي لا تخاف الشعور بالاختلاف أو بالوحدة، فالصحة النفسية هي قدرة الإنسان على أن تكون أفكاره ورغباته أصلية، نابعة منه حقيقة .. معبّرة عنه حقيقة”. وتستطرد قائلة عن تلك المرأة الطموحة إلى الحرية، ما يمكّنها من التفرّد بذاتها من جهة والاتحاد مع العالم من جهة، فهي “لا يكفيها أن تحقق ذاتها من خلال الزواج وولادة الأطفال! هي تحتاج إلى ان تفكر وتعقل وترغب وتفعل”. وفي المجتمعات الذكورية، تُصبح (الأمومة لا شريك لها) العقيدة التي على المرأة اعتناقها .. وإلا وُصمت إما بالشذوذ أو الفجور أو الجنون!.
  • وفي خضم الحديث عن ثورات الشعوب ضد القهر والظلم والاستبداد، والأبطال الحقيقيين الذين دفعوا حياتهم ثمناً بعيداً عن عدسات الإعلام العالمي، والذين لن يُعرفوا إلا بعد نجاح الثورات، تتساءل د. الجوهري عن ثورة النساء المقهورات ضد الموروثات التي تصطبغ بالقدسية!. تجيب د. السعداوي في حماس صادق وتقول: “ليس أمام النساء الا الشجاعة والصدق والإبداع والتمرد والثورة على كل ما يفرض عليهن .. القيود باسم الله أو الدين أو الثوابت المقدسة! عليهن الاستعداد لدفع ثمن الحرية والعدل والكرامة بالعرق والتعب والدم إن لزم الأمر. عليهن التغلب على المخاوف كلها من الموت والحرق في النار بعد الموت ومن السجن والمنفى والطلاق والجوع وتشويه السمعة واليتم والترمل والوحدة وكل المخاوف. عليهن إعادة فهم المقدس وتعريفه! لا يحتاج الأمر إلى الدكتوراة في علم الأديان والمقدسات، يكفي أن تعود المرأة إلى البديهيات من الطفولة قبل تشويه العقل بالتربية والتعليم. في طفولتي أدركت أن الله هو العدل تعرفه بالعقل كما تقول جدتي الفلاحة. المقدس هو العدل لهذا يقولون عن الثورة الشعبية التي تطالب بالعدل والمساواة والكرامة والحرية للجميع إنها ثورة مجيدة وعظيمة ومقدسة، وإن لم ترفع شعار ديني واحد أو تحمل لافتة كتب عليها: الله أكبر”.
  • توجه د. الجوهري سؤالاً مباشراً حول تصور د. السعداوي بإمكانية وجود حياة كاملة بلا شريك، وقد تطرّقت إلى مثل هذا التصور في (مذكرات طبيبة) وأنكرت حاجتها شخصياً للرجل، بغض النظر عن مبدأ الحاجة البيولوجية والعقلية والنفسية. فتجيب بلا مواربة وتقول: “نعم أتخيل حياة كاملة لأي إنسان مبدع .. امرأة ورجل بصرف النظر عن الزواج أو وجود أسرة وأطفال أو عدم وجودهم. كم من امرأة مبدعة ليس لها زوج ولا أطفال وتعيش مستمتعة بحياتها، مكتملة بذاتها وإبداعها ودورها في تطور العقل والإنسانية، وكم من أمهات وزوجات من داخل الخوف والاستسلام تعيسات ومعذبات بالحب الذكوري المزيف، وبالأمومة المريضة المتضخمة. لا تكتشف المرأة الخداع إلا بعد فوات الأوان، حين يعجزها المرض أو الشيخوخة عن خدمة الزوج والأولاد! يتبخر الجميع في الهواء .. تصبح وحدها بلا معين إلا نفسها أو بعض مال ادخرته من عرق جبينها يحفظ كرامتها فلا تستجدي شيئا من قريب أو بعيد. لا أنسى وجه جدتي لأمي أو جدتي لأبي وغيرهما من الجدات اللائي جئن إلى عيادتي النفسية يفرجن عن آلامهن المكبوتة وأسفهن على عمرهن الذي ضاع من أجل أسرة وهمية. الإنسان كائن متكامل في ذاته، امرأة أو رجلاً، لكننا نتربى منذ الطفولة على الإيمان بنقصنا وعدم اكتمالنا إلا بتسليم أنفسنا لاستعباد الآخرين في العائلة والدولة والدين. تمتد فكرة النقص أو الدونية إزاء صاحب الحكم في الدولة والدين إلى صاحب الحكم في العائلة”. كم توافق حياة الاكتفاء الذاتي هذه .. المطمئنة الهانئة المتجددة .. ما أحياه فعلاً!.
  • تثير د. السعداوي الإعجاب في الصدق الذي تتحلى وتنادي به، على حد سواء!. فتتطرق إلى جانب من حياتها الخاصة التي ركنت فيه أمور، تشبه ما ركنت على هامش حياتي ولا أبالي! تقول: “زواجي الثالث دام أكثر من أربعين عام لأسباب، منها أننا كنا نسافر كثيراً إلى بلاد بعيدة متعددة. كنا نلتقي في المطارات أكثر مما نلتقي في الفراش. كنت مشغولة بالكتابة الأدبية والفكرية. لم يكن الرجل أو الزواج حلم حياتي، وكان الزمن يمضي والسنون تمضي وحلم طفولتي باق .. لم يشمل حلم طفولتي الرجل، كنت أحلم بتغيير العالم الفاسد .. لم يعرقل أي رجل إبداعي، لأن الكتابة كانت حياتي وليس الرجل. كان الرجل جزء من حياتي، كما المرأة جزء من حياة الرجل! أحد سمات العبودية أن يصبح الرجل كل حياة المرأة وتعيش المرأة على الهامش في الأسرة والمجتمع والدولة، حتى اسمها يحذف ويقترن بالعار”.
  • يعتقل الرجل المرأة جسدياً وفكرياً تحت أصناف من قيود كالختان والعذرية والحجاب والنقاب، لضمان سلامة النسب البيولوجي وملكية الزوجة ملكية تامة تبعاً لذلك!. بيد أن القيود من مفهومها الذكوري لا تتعلق بالفراش فقط، بل بالاستقلالية! “ومن هنا مشكلة زوج المرأة الحرة المستقلة المبدعة غير القابلة لأن تكون مملوكة لأحد إلا نفسها! هؤلاء الكاتبات المبدعات من مي زيادة إلى فرجينيا وولف عانين الكثير، فانتحرت واحدة وماتت الأخرى في المستشفى النفسي. أما عن نفسي فقد تزوجت ثلاث مرات من دون أن أشعر بالسعادة. كان الزواج عبئاً كبيراً كلفني الكثير من راحتي وقدرتي الإبداعية، لأن الرجل كان يشعر دائماً أنني أقوى منه، وأكثر قدرة على مواجهة الحياة وحدي، وهذه صفة تتعارض مع الأنوثة السائدة التي توهم الرجل أن المرأة لا تعيش من دونه وإن كان العكس هو الصحيح”. وهكذا فعل الكثير من الرجال الناقدين -أدبياً ولا أدبياً- لفكر د. السعداوي، والذين غالباً ما كانوا حفنة من مرتزقة لدى الأنظمة العربية السياسية “ولأنهم يشعرون بالضعف في مواجهة حقيقتهم العارية في كتاباتها! نحن نكره من يكشف عوراتنا ونواحي ضعفنا وخوفنا وقلقنا”. لقد جاء وابل الاتهامات للنيل من قيمتها الأدبية والفكرية “من نقاد وكتاب مشبعين بالخوف .. في مواجهة من لا تخاف”. تقول د. السعداوي مدافعة: “أشاعوا أنني أكره الرجال! أنا لا أكره الرجل لكني أكره الرجل المزيف الذي يغطي ضعفه بقشرة من القوة الذكورية الفجة. أحب الإنسان الصادق امرأة أم رجلاً وهم قلة نادرة جداً في ظل هذه الحضارة القائمة على الكذب والنفاق والازدواجية”. تستطرد لتعبّر عن نفسها أكثر فتقول: “أكتب ما أعيش وأعيش ما أكتب. أعبر عن نفسي بحرية في ظل مجتمع يخاف الحرية كالموت. تحررت من الخوف من الموت لسبب بسيط، أنني درست علوم الطب الجسدي والنفسي. أول وسائل القمع العبودي للإنسان هو تخويفه من الموت منذ الطفولة، هذا الخوف نعيش به ونموت به لندرك لحظة الموت (بعد فوات الأوان) أنه وهم كبير. أنا تحررت من الخوف .. من الموت جسدياً ونفسياً، وتحررت من الخوف .. من الوحدة! الوحدة نعمة لا نعرفها إلا حين نعيشها! نحن نولد في خوف ونعيش في خوف ونموت في خوف. هذه هي فلسفة القهر والعبودية. يستمر الظلم والعبودية في العالم قروناً حتى تقتلعه ثورة عارمة تكسر حواجز الخوف كلها”.
  • أعتنق مذهباً يبدو صوفياً يتخطى حدود الجنس والجنسية واللون والعرق والثقافة والدين .. ويتصالح مع الكون، ويتقاطع مع ما خطت د. السعداوي في تأملاتها عن نفسها وفي الحياة، إذ تقول: “تحررت الصداقة الإنسانية من قيود الهويات الضيقة: القومية الدينية الجنسية الطبقية والأفراح والأحزان الموروثة .. تغيرت أفراحي وأحزاني! قد يغمرني الفرح وأنا محلقة في طائرة أرشف النبيذ المعتق وأقزقز البندق، وقد يغمرني الحزن حين أرى صورة باراك أوباما فوق الشاشة، أو صاحب لحية سلفية طويلة وزبيبة فوق الجبهة .. أتذكر على الفور الترابط بين تعرية المرأة تحت اسم التحرر، الحداثة، الرقي، وتحجيبها تحت اسم الله، الوطن، الملك”.
  • لا أرتدي الأقنعة ولا أتخفّى .. ويستوي ظاهري وباطني! تقول د. السعداوي قولاً مشابهاً في حق نفسها: “لا أحب العمل السري بأي شكل! لي حياة واحدة في العلن .. ليس عندي أسرار .. هذه هي حريتي، أن أقول وأكتب وأكشف الزيف في حياتي العامة والخاصة، لا ينفصل العام عن الخاص .. يتناقض الإبداع مع السرية والتخفي”.
  • الإخلاص لما أعتنق شرط الحياة حين قررت أن أحياها. كذلك تصف د. السعداوي الإخلاص لقيمها التي لا تحيد عنها حد الموت فتقول: “قد أحرم نفسي من لذة الراحة والأكل النظيف، وأعيش في السجن من أجل أن أكتب ما أريد. قد أفقد الحب أو الحرية من أجل الوفاء بعهد. هناك تنازلات لا غنى عنها لأعيش في الظروف الصعبة، لكن ليس منها خيانة العهد”.
  • إن الحياة والموت عندي سيان! لا قيمة لحياة تُدفن فيها الحقائق ويعلو فوقها الزيف! نعم أنا كذلك .. تسمو القيم والأفكار عندي على الحياة نفسها. تقول د. السعداوي عن نفسها قولاً أقوله عن نفسي: “الحياة تتساوى مع الموت .. الحياة تعلو على كل شيء إذا كانت حياة إنسانية كريمة. هناك حياة ذليلة مذعورة تشبه الموت، بل الموت من أجل الصدق والحرية والكرامة أفضل من الذل والهوان والصمت والاستسلام .. أريد أن أشجع الناس على الشجاعة لقول الحق وعدم الخوف من الموت. عشت تحت التهديدات بالموت نصف قرن وأكثر، فهل أدركني الموت؟ وإن مت فهل أموت فعلاً؟ لا يموت إلا الصامتون الخانعون المذعورون من النطق بالحقيقة، ويعيش الفكر الحر الشجاع وإن مات صاحبه أو صاحبته”.
  • وعن شغف يشبه شغفي .. أداته قلم يترجم الحياة في كلمات، تقول د. السعداوي: “الكتابة عندي هي لذة الحياة. الكتابة ليست فقط وسيلة المكبوتين للتطهر، إنها وسيلة وغاية في آن واحد مثل الحياة ذاتها. لولا الكتابة لهزمتني الحياة. تعلو الكتابة على الحياة لأن الحياة من دون كتابة لا تكون! الكتابة تبقى بعد الحياة .. لولا كتب التوراة والإنجيل والقرآن ما عاشت الآلهة والأنبياء والأديان حتى اليوم”.
  • أتعطش في كل يوم لمزيد من المعرفة وكأن النفس لا ترتوي .. وليس بالضرورة أن أنهل من معين نبي أو فيلسوف أو كتاب مقدس! تقول د. السعداوي كما أقول: “إن حب المعرفة لا يرتوي عندي! كتاباتي وقراءاتي هي بحث مستمر عن المعرفة والإدراك والوعي وكشف الحجاب عن اللاوعي والمخبوء المكبوت وغير المنطوق. مرجعيتي ليست شريعة دينية موروثة عن رسول مبعوث من السماء، ليست أيضاً أيديولوجية أو فلسفة مأخوذة عن ماركس أو سارتر أو سيمون دي بوفوار أو ابن رشد أو غيرهم في الشرق والغرب”.
  • ليس بالضرورة أن يجني المبدع ثمار دفاعه عن الحق أو ثورته أو كتاباته أو إبداعاته .. بل قد يبرز نجمه بعد موته أو يأفل بموته إلى الأبد. تقول د. السعداوي قولاً يذكرني بمذهبي وما صنعت به: “قد يخسر المبدع حياته دفاعا عن شخص ضعيف مظلوم! لا يفوز المبدع في حياته بالمال أو رضي المجتمع أو الحكام. يسير المبدع ضد التيار السائد، وقد يطفو أو يغرق .. قد يذكره التاريخ وقد ينساه في غمرة الانتهازية والسرقة والنهب، بل قد يسرق الآخرون الانتهازيون أفكاره وتمرده وثورته ويحصلون على التقدير الذي لا يحصل عليه إلا بعد الموت! قرأت صفحات في كتب بأقلام رجال منقولة من كتبي حرفياً أو مع التغيير اللفظي الطفيف، والمدهش أنهم من أكثر الرجال تجاهلاً لأعمالي الفكرية والأدبية .. تغطية للسرقة بطبيعة الحال، أو بسب نقص يخفيها الرجل إزاء امرأة تملك عقلاً لا يملكه”.
  • وأنا لا أتحدث كثيراً .. وقد أمضي يومي بأكمله في صمت! غير أن عقلي لا يتوقف عن الحديث فيتولى قلمي الكتابة عنه .. بالكثير والكثير .. فوق الورق. أما عن د. السعداوي، فتقول وهي تتأمل النقيضين: “وأنا غارقة في الحب العميق للكتابة، أغوص في الوعي واللاوعي .. قلمي يمشي وحده على الورق .. أكاد أغرق في قاع البئر وأفقد الخيط! هذا الخيط الرفيع الفاصل ما بين الوعي واللاوعي .. خيط رفيع جدا غير معلوم كالسراط المستقيم يصل ما بين الجنة والجحيم أو العقل والجنون” . لكنها وهي تكتب، لا تتماهى مع شخصيات رواياتها بقدر ما تمتزج تلك الشخصيات بها، وقد تجنح إلى الصراع معها رغم أنها خالقتها. فتعلّق قائلة: “هذا أمر طبيعي فهي تنبع من الواقع والخيال والحلم والحقيقة في آن واحد! لا ينفصل الخيال عن الواقع .. يقول الخيال الصدق أكثر من الحقيقة في عالم يسوده الكذب”.
  • تربط د. السعداوي بين (التمرد والإبداع) .. الثنائية التي تُثير عدداً من التساؤلات، فما العلاقة بينهما؟ وهل يقود كل تمرد إلى الإبداع؟ تجيب متسائلة “الكتابة كإحدى أشكال الإبداع .. هل هي قدر النساء القلقات الذكيات؟ هل هي صنيع الحرية ام الطريق إليها؟ هل الجروح الأنثوية هي المورد الإلزامي لولوج عالم الكتابة؟”. وفي قول موفور العزّة امتلأ به .. تستكمل وتقول: “الأنوثة القوية الذكية الشامخة بالكرامة والحرية أمر طبيعي في النساء ذوات الوعي المتجدد المبدع”.
  • والحب ينبع من الذات ابتداءً .. للذات قبل أي أحد! تقول د. السعداوي: “حب الآخرين ليس إلا امتداداً لحب الذات. من لا يحب ذاته لا يحب أحدا. ينبع الإبداع أساساً من حب الذات”.

ومع هذا الكتاب الذي حصلت عليه من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية منذ أعوام خلت، يصطف على رفوف مكتبتي الجوداء أكثر من ثلاثين إصدار للمبدعة الراحلة، أذكر منها: كسر الحدود، ذكريات بين الثورة والإبداع، امرأة تحدق في الشمس، المرأة والجنس، الرجل والجنس، أوراقي حياتي، سقوط الإمام، موت معالي الوزير سابقاً، الأغنية الدائرية.

كقارئة متبحّرة في محيط د. نوال السعداوي التي بدأتْ في نشرها منذ ريعان شبابها وناضلت عنها ما حيتْ، وجدتها أيقونة على مبدأ الثبات راسخة .. لا تحيد ولا تتناقض، فماتت على ما عاشت عليه!. قد تتشابه آرائها في مؤلفاتها، لكنه ليس تكراراً بقدر ما هو اعتقاد متين بالرسالة التي آمنت بها .. صدقاً وتحدياً وإصراراً.

…… تموت الحرة وتبقى القضية!.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (3) كما دوّنت ضمن قائمة من كتب قرأتهم في عام 2017، غير أن ذاكرتي لا تسعفني، ولا حتى مفكرتي القديمة بما تحويه من ملاحظات، ولا مسودات التدوين في حينها، من تعيين إجمالي عدد الكتب التي قرأتها في هذا العام بالتحديد! ملاحظة: أجد بخط يدي على هامش مفكرة العام عبارة: (33 كتاب) .. لا أعتقد أنها ملاحظة دقيقة.

لكنني لا زلت أذكر تماماً الأعوام الثلاث التي قضيتها في تحصيل دراساتي العليا في المملكة المتحدة، والأعوام التي تلتها وأنا منهمكة بجد في عملي المهني الذي لا يمتّ بصلة لهواية القراءة لا من قريب ولا من بعيد .. الدراسة التي استحوذت على حياتي حينها، والعمل الذي كان يستنفد القدر الأكبر من وقتي وطاقتي، بحيث لا يتبقى للقراءة في نهاية اليوم سوى القليل من الوقت والتركيز .. ولله الحمد دائماً وأبداً.

تسلسل الكتاب على المدونة: 70

 

تاريخ النشر: أكتوبر 3, 2021

عدد القراءات:1207 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *