الكتاب
فكر أقل في الموت
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Think Least of Death: Spinoza on How to Live and How to Die - By: Steven Nadler
المترجم/المحقق
أحمد علي حسن
دار النشر
دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2022
عدد الصفحات
269
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
04/09/2025
التصنيف
الموضوع
فلسفة مختلفة حول مفهوم الحرية
درجة التقييم

فكر أقل في الموت

تسفر هذه الرؤية المركبة بل اللاواقعية في بعض جوانبها، عن وجهة نظر سبينوزا في الفلسفة الأخلاقية، وقد اقتبس من فلسفة كانت وديكارت وأرسطو وابن ميمون ومعهم الرواقيين، آرائه الجدلية في أصل الفضيلة، والسعادة الإنسانية، وتقدير الذات، وقيم الخير والحب والصدق والشجاعة والسعادة، ومشروعية الانتحار، وموقف الإنسان من الحياة والموت، لا سيما وقد آمن بأن كل ما يجري في الحياة لا يحمل في ذاته خيراً ولا شراً إلا بقدر ما يتأثر به العقل .. وقد كشف عن نموذج الطبيعة البشرية وماهية الإنسان الحر الذي ليس له أن يفكر بالموت بقدر أنه لا يعنيه من الأساس، بل له أن ينبري في الحياة متأملاً، ينعم بلحظاتها الأبدية، أو كما قال: “الإنسان الحر يفكر في الموت بدرجة أقل مما يفكر في شيء آخر” غير مبالٍ على الإطلاق بنهاية وجود الزمني .. وهو الذي لم يكن يؤمن بحياة أخروية، وإنما في درجات قصوى، بملامح من تلك النفس أو الوعي الذي سيلتحق بالأصل الذي انبثق عنه، وهو في حالته هنا (الله) أو (الطبيعة) اللذان اعتبرهما شيئاً واحداً، إذ وبينما يعارض سبينوزا فكرة الإله المتصور في الديانات الإبراهيمية، فهو يستبدله بجوهر واحد لا متناهٍ يمثّل وحدة الوجود!

ففي هذا الكتاب، يتبنى الفيلسوف الكندي-الأمريكي رأي سبينوزا الذي ضمّنه كتابه (الأخلاق) أو (الإيتيقا)، حول مسعى الإنسان لنيل حياة كريمة، وذلك من خلال تطوير مفهوم داخلي للحرية أطلق عليه مصطلح (كوناتوس)، وهو يفيد ميل كل فرد إثبات طبيعته الخاصة ومحاولة تطويرها .. وهو المفهوم الذي يتمثل أساساً في كون الفرد فاعلاً ومتحكماً بذاته، فما الإنسان الحر في نظره سوى فرد يتولى إدارة حياته، يبادر بالأفعال ولا يأتي بردود أفعال، وهو مدفوع بمشيئته العقلية لا بشعور محض أو خيال أو عاطفة، بحيث يُصبح في نهاية المطاف إنسان حر ونموذج للطبيعة البشرية!

أما الفيلسوف الاستثنائي (باروخ سبينوزا 1632 : 1677)، فهو أحد أهم فلاسفة القرن السابع عشر، والذي وُلد في مدينة أمستردام في هولندا لعائلة يهودية تعود في أصولها إلى البرتغال، وقد هاجرت بعد تعرّضها للاضطهاد الديني في شبه الجزيرة الإيبيرية. وبينما تولّى والده -التاجر، المتعصّب لعقيدته- مناصب دينية في أوساط المجتمع اليهودي، ورغم دراسته للتلمود واللغة العبرية، فقد تعرّض سبينوزا للنبذ من الجالية اليهودية بل والطرد من قبل عائلته في نهاية المطاف، وذلك لاعتناقه أفكاراً تعارض الفكر الديني اليهودي، لا سيما في تصوّره عن الإله الذي وجده يكمن في الكون!

يتصدى الكتاب لتوضيح فكرة سبينوزا التي جاءت في عنوانه الفرعي عن (كيف نحيا وكيف نموت)، من خلال عدة فصول، يشوبها التكرار، وقد جاءت عن ترجمة متقنة من النص الأصلي (Think Least of Death: Spinoza on How to Live and How to Die – By: Steven Nadler) .. والفصول هي:

  • الفصل الأول: طريقة جديدة في الحياة
  • الفصل الثاني: نموذج للطبيعة البشرية
  • الفصل الثالث: الإنسان الحر
  • الفصل الرابع: الفضيلة والسعادة
  • الفصل الخامس: من الزهو إلى الرضى بالذات
  • الفصل السادس: قوة النفس
  • الفصل السابع: الصدق
  • الفصل الثامن: العطف والصداقة
  • الفصل التاسع: الانتحار
  • الفصل العاشر: الموت
  • الفصل الحادي عشر: الحياة القوية

ومن (الفصل التاسع: الانتحار)، أقتبس ما جاء في رأي سبينوزا حول (المعقولية المحتملة للانتحار)، والذي ربطها الفيلسوف مؤلف الكتاب بما يُعرف اليوم بالقتل الرحيم .. (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) وقد استقطع الكتاب ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي:

إن الإقرار على أسس سبينوزية، بأن العقل قد ينصح المرء بإنهاء وجوده الزمني يتناسب أيضاً مع واحد من أكثر القضايا إثارة للإعجاب والذكر في مجمل كتاب الإيتيقا: “الإنسان الحر يفكر في الموت بدرجة أقل مما يفكر في شيء آخر، وتتمثل حكمته في تأمل الحياة لا في تأمل الموت”. وما دام الإنسان الحر ينظر إلى حياته من أجل الحفاظ على فضيلته العقلية، فإن ما يشغل عقله ليس موته الوشيك ونهاية وجوده الدنيوي، بل في الواقع الأمر، هو يتجنب التفكير في زواله الزمني بقدر ما يستطيع. إن اهتمامه مقصور على الكوناتوس الفائق الذي يشكّل ماهيته الصورية وعلى المعرفة العقلية التي تشكل فضيلته، وفي تمتّعه (الرضى بالذات) العقلي، فإن ما يفكر فيه، قبل كل شيء إنما هو قوّته. وفي الوقت نفسه، لا يمكن للإنسان الحر أن يكون غير مدرك لفنائه. ويتمثل جزء من معرفته التامة في فهم مكانته في الطبيعة، وهذا يكشف له إنه ليس سوى حال متناه يتمتع حالياً، ولكن مؤقتاً فقط، بوجود طويل الأمد. فكيف إذاً سيواجه الإنسان الحر، على نحو عقلي وبفعالية، حقيقة أن ذلك الوجود، في مرحلة ما، سينتهي؟”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (23) في قائمة طويلة جداً خصصتها لعام 2025، وقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية مايو الماضي، ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض .. وهو ثالث ما قرأت في أبريل!

ملاحظة: قرأت سابقاً كتاب من تأليف (فريدريك لونوار)، بعنوان (المعجزة السبينوزية: فلسفة لإنارة حياتنا)!

من فعاليات الشهر: تتوافق بداياته مع عيد الفطر لعام 1446هـ، والذي أستأنف فيه القراءة بحماس أكبر بعد شهر الصيام.

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: Three Worlds: Memoir of an Arab-Jew / Gaza Writes Back / أفكار كبيرة لعقول متعطشة

تسلسل الكتاب على المدونة: 623

تاريخ النشر: أبريل 11, 2025

عدد القراءات:25 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *