هنا تبدو الصغيرة (بانة) ذات الثمانية أعوام تتحدث -بما لا يطيق الكبار- عن أهوال الحرب الدائرة في وطنها الممزق بفعلها .. ما كان لها أن تشهدها وما كان للكبار أن يحملوا فظائعها .. في حين تبقى الروح المحبة للحياة بسلام، سمْتها، تحيط بها نفحات الأمل المتطلعة نحو مستقبل أكثر أماناً وحرية!
إنها الطفلة السورية التي بعثت بأناملها الرقيقة رسالة إلى العالم تناشده منحها السلام .. من خلال تغريدة أسمعت الملايين وأشعلت تعاطفهم ولبّى بعدها من لبّى النداء .. فانتقلت وعائلتها والكثير من جيرانهم وأهل المدينة المنكوبة إلى الأراضي التركية، وهي تحمل ذكريات مؤلمة عن مشاهد قصف وقتل ودمار ودخان، وموت لم ينفك يتربّص بهم مع كل زفرة نفس! فتقرر اطلاع العالم من جديد على تلك الذكريات بوقائعها المرعبة وما تخللها من لحظات سعيدة، وقد ضمنّتها ألبوماً يعرض تلك المساحة من الذكرى بصور حميمية تبعث على الابتسام تارة وعلى التقطيب تارات أُخر .. على أمل أن تحفّز كل من استطاع بتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، وهي تهديها إلى “كل طفل عانى ويعاني من الحرب” .. أو كما قالت لطمأنته: “لست وحدك”.
ومن السيرة التي جاءت في ترجمة متقنة من نصّها الأصلي (Dear World: A Syrian Girl’s Story of War and Plea for Peace – By: Bana Alabed) أدوّن ما علق في خاطري بعد القراءة .. بعيداً عمّا ورد من أهوال، وأقتبس في نص حر (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
بينما تتمنى بانة وهي تُطفئ شموع عيد ميلادها الثامن، بألا تسمع صوت قذيفة وألا تراها مجدداً، وأن يتوقف البشر عن قتل بعضهم بعضاً فيعمّ العالم السلام .. وأن تتعلم وتكبر وترتاد الجامعة وأن “أعود وأعيش في حلب ذات يوم” .. تكتب أمها بدورها ما تتمناه لها قائلة: “سوف نظل نشتاق إلى سوريا. ما انفكيت تسألين كل يوم، متى تمكننا العودة. آمل بأن يأتي هذا اليوم، فنرى بلاداً قد أعيد بناؤها وشعباً قد عاد إلى الحياة. بيد أن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً، طويلاً جداً .. ربما تكونين قد أنجبت لي أحفاداً، حينئذ سأروي لهم القصص عن الحرب وعن مدى شجاعة والدتهم وجرأتها، وكيف أبَتِ الاستسلام وكيف جَعَلَت من مساعدتها الغير واجبها الوحيد الأوحد .. وكيف نشرت رسالة أملٍ وسلام! سوف أخبرهم بأن والدتهم بطلة وأنت حقاً كذلك يا بانة بطلة .. وأنا فخورة جداً بأن أكون والدتك. أحبك يا بن بن، أكثر مما قد تتخيلين يوماً ….. مع خالص حبّي (ماما)”.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (118) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهو ثالث ما قرأت في نوفمبر .. وقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب في ديسمبر 2023، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: العشق / ملوك الهرجلة / أهل الكتابة والقراءة / مائة نصيحة لحياة سعيدة / الاكتئاب: أسبابه وطرق علاجه / داخل المكتبة .. خارج العالم / من كتبي: اعترافات قارئة عادية / لا سلام لفلسطين: الحرب الطويلة ضد غزة
وعلى رف (سيرة ذاتية) في مكتبتي عدد جيد من الإصدارات .. منها ما نشرت على مدونتي!
تسلسل الكتاب على المدونة: 568
التعليقات