كتاب لطيف يضم بين دفتيه الصغيرتين مجموعة من الخبرات الشابة التي شغفت بعالم القراءة والكتابة، فترجمت هذا الشغف إلى كلمات تحفيزية، موجّهة في المقام الأول إلى “أصحاب التجارب الأولى في الكتابة والقراءة” كما يشرح عنوان الكتاب الفرعي، وإلى من يداعبه خاطر إصدار كتابه الأول أو روايته الأولى .. ولا مانع كذلك من أن تشمل فائدته الكتّاب المحترفين، بشكل أو بآخر!
غير أن اللافت للنظر -ومع تنوع الوصايا وكثرتها- فقد جاءت (القراءة ثم القراءة ثم القراءة) أولاهم …
رغم هذا، فقد مسّ بعض المقالات جانب من سفسطة وحديث إنشائي سقيم وتلاعب مفضوح بالكلمات، مع ضخ سيل من المحسنات البديعية .. ولتّ وعجن يتلوه لتّ وعجن آخرين، وتصنّع لغوي وتحذلق لا داعٍ له! لقد ظهر أحدهم يتحدث وكأن تلبّسه روح سقراط الحكيم، وآخر كمن وضع للتو كتابه الألف، غير أنني أشفقت على ذلك الذي وصم نفسه بـ (السخف) وقد صدق -ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه- في حين حرّض أقرانه على عدم كتابة سيرهم الذاتية لا سيما النساء .. إذ لا يُطربه حنانهن، و (أمه) لديها الكثير منه ….. نعم، لقد قال هذا بحق! أما عني، فقد أطربني (برطمان) الحنان.
ومن تلك الكلمات التحفيزية التي جادت بها الأقلام الشابة، أقتبس ما راق لي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر)، وقد نال الكتاب اثنتان من رصيد أنجمي الخماسي:
- عن صاحبة الجلالة (القراءة) التي أجمع أصحاب المقالات على تسيّدها، يقول الكاتب (محمد توفيق) في مقالته (إذا كنت لا تقرأ .. لماذا تريد أن تكتب؟): “هذا هو الدرس الذي لم أنسه، ولا أظن أنه من الممكن نسيانه، فلا يمكن أن تكون كاتباً إلا إذا كنت قارئاً محترفاً، لكن مستوى الاحتراف هو الذي يختلف. ففي جيل العقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم، كان من يقرأ مئة ألف كتاب هو كاتب متوسط، ثم في الجيل التالي صار من يقرأ خمسين ألف كتاب كاتباً جيدًا، وظل الحال هكذا حتى صار الآن من يقرأ كتابين يمكن أن يكتب الثالث، ويتحدث عن قراءاته، وينتقد الكتاب الآخرين، ويسخر منهم على مواقع التواصل الاجتماعي“.
- تتصدى الكاتبة (هدى أنور) في مقالتها (من الصندرة إلى القلم) لأولئك (السخفاء) المثبطين، فتحرض كل من أراد امتهان الكتابة على المضي قدماً وعدم الالتفات، وتقول: “إن أردت أن تصبح كاتباً فلا تدع أحداً ينال من روحك! لا تدعهم يخبرونك أن كتاباتك غير جيدة، أو أنك امرأة وهذا أدب أنثوي، أو هذه قصة غير مترابطة .. ومثل هذه الكلمات الكثير والكثير ستحاول دفعك للوراء، فلا تلق لها بالاً .. فقط استمر، فالاستمرارية هي خلاصة القول فيمن أراد أن يكمل هذا الطريق“.
- وعن الكتاب كوصل وكهدية، تقول الكاتبة (هبة خميس) في مقالتها لماذا (اقرأ؟) عنها وزوجها وقد جمع بينهما تهادي الكتب: “وكلما جاءنا زائر من أصدقائنا، كنا نجمع عناوين الكتب المكررة، لنهديه كتاباً من مكتبتنا. جزء منا شاركناه مع أحبائنا بسعادة مثل وجبة شهية نتشاركها .. ظلت الكتب تجمعنا”.
- ومع كل رواية جديدة التي يشعر بها الكاتب (إبراهيم أحمد) وكأنه كاتب مبتدئ، يقول قولاً حريرياً في مقالته (عن الكتابة وأشياء أخرى): “بعض الكتّاب يتعاملون مع الرواية على أنها أنثى، وهي كذلك بالفعل .. تحتاج إلى تعامل خاص ورقي يليق بملكة متوّجة قد ترتقي عرش الأدب العالمي يوماً ما”.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (117) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهو ثاني ما قرأت في نوفمبر .. وقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب في ديسمبر 2023، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: العشق / ملوك الهرجلة / مائة نصيحة لحياة سعيدة / الاكتئاب: أسبابه وطرق علاجه / داخل المكتبة .. خارج العالم / من كتبي: اعترافات قارئة عادية / عزيزي العالم: فتاة سورية تروي الحرب وتُطالب بالسلام
وعلى رف (المكتبات) في مكتبتي عدد متزايد من الإصدارات .. منها ما نشرت على مدونتي!
تسلسل الكتاب على المدونة: 567
التعليقات