الكتاب
وقائع من حياة فتاة مستعبدة
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Incidents in the Life of a Slave Girl - By: Linda Brent
المترجم/المحقق
أميرة الوصيف
دار النشر
جليس للنشر والتوزيع
عدد الصفحات
158
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/09/2024
التصنيف
الموضوع
تردي النفس البشرية في استعباد البشرية
درجة التقييم

وقائع من حياة فتاة مستعبدة

إنها سيرة لا بد أن تنتهي بتنهيدة طويلة تزيل ما كان قد جثم على الصدر من أهوال أثناء القراءة .. أهوال وفظائع ووحشية، تفضح تردي النفس البشرية في استعباد البشرية!

تكتب (هاريت جاكوب 1813 : 1897) تحت الاسم المستعار (ليندا برينت) مذكراتها، ككاتبة أمريكية من أصل أفريقي، وقد اكتوت بنار العبودية مع الكثير من أبناء وبنات جلدتها، التي أشعلها الرجل الأبيض المغرور ضدهم، تمثلت في صنوف استرقاق وتجويع وتعذيب وجلد وضرب واغتصاب وتحرش جنسي وحمل سفاح وتعنيف جسدي ونفسي …….، حتى نالت حريتها بعد رحلة نضال شاقة قد تبدو في بعض محطاتها غير قابلة للتصديق من هول بشاعتها، والتي تُقسم المناضلة على صدقها في مقدمة سيرتها مهما كانت .. كاختبائها “لمدة سبعة سنوات في زنزانة أرضية خانقة مظلمة بلا نوافذ إلا تلك الفتحة الصغيرة التي تسمح بالكاد بنفاذ الضوء والهواء” والتي كانت تشاهد منها طفلها وطفلتها خلسة دون أن يعلما بوجودها جوارهم في تلك الزنزانة الملاصقة لمنزل جدتهم القاطنين فيه …، وقد برزت في نهاية المطاف كإحدى أهم الناشطات الحقوقيات المطالبات بإبطال كافة أشكال العبودية، وبالإصلاح التام في المجتمع الأمريكي.

رغم خلو السيرة من فهرس، فقد وسمت المناضلة كل مرحلة من مراحل نضالها ضد العبودية حتى التحرر، بعنوان معبّر يصف أبرز ما سامها فيها، جاءت كما يلي: (طفولتي، سيدي وسيدتي، العبيد في عائلة د. فلينت، أهوال الصباح، العاشقة، السيدة الغيورة، عبيد المزرعة، الخوف من التمرد، استمرار الاضطهاد، الرحلة، المغامرة، موسم بيع الأطفال، مغامرة جديدة، الغرفة السرية، زنزانتي الأبدية، دهاء ومكر السادة، أخي ويليام، وجهة جديدة، الخالة نانسي، الهروب، إلى الشمال، فيلادلفيا، لقاء الأم وطفلتها، العثور على منزل، عدوي القديم، استمرار الاضطهاد والعنصرية، الفرار إلى بوسطن، زيارة إلى إنجلترا، الاعتراف، الحرية).

ومن السيرة التي جاءت في ترجمة متقنة من نصّها الأصلي (Incidents in the Life of a Slave Girl – By: Linda Brent) ونالت أربعاً من رصيد أنجمي الخماسي، أكتفي باقتباس شذرات مسّت وجداني، وقد علمتُ أنني لست بارعة في قصّ القصص .. (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • يستغل السادة جهل العبيد في غرس ما شاءوا من أفكار خاطئة في رؤوسهم .. الجهل الذي كان يجابه كل تلك الأفكار بالمباركة، ولا يفعل ذلك سوى الجهل! تقول المناضلة في (العاشقة): “لقد نشأنا على الإيمان بأن أصحاب البشرة السوداء عبيد! لقد جعلونا نؤمن أن الله خلق عبيداً لنقوم بخدمتهم .. لقد علمونا أن هذه هي مشيئة الرب”.
  • يُجبر العبيد لحضور دروس دينية تأمرهم بالامتثال لأوامر الرب وطاعة أوامر أسيادهم، يلقيها عليهم قسيس لا يتوانى عن نهيهم من تبادل همومهم بعد انتهاء الدروس، بل يحضهم على سرعة العودة لمنازل أسيادهم وخدمتهم بكل ما أوتوا من قوة! تقول المناضلة في (الخوف من التمرد): “كانت لحظة الصلاة من اللحظات الغالية بالنسبة لنا كعبيد، فلو أنك استمعت لعبد أسود يصلي، لكنت اعتقدت واهماً أن هذا العبد اختبر معنى السعادة، لكن ربما تلك الساعة التي يؤدي فيها العبيد صلواتهم تمدهم بالقوة التي تجعلهم يتحملون آلام السياط وجلدات العنصرية اليومية”.
  • تقول المناضلة في (الغرفة السرية) أو في النفق المظلم الذي كانت تسمع من خلاله أصوات طفليها وهي غير قادرة على محادثتهما أو احتضانهما، والشعور المؤلم بالقرب والبعد معاً مضافاً إليه مشاعر الخوف والوحدة والحرمان: “انهمرت دموعي على وجنتي وشعرت بالمعنى الحرفي للعجز والتكبيل. ورغم تلك الأهوال والفظائع الت تحملتها في السابق، إلا أن هذا الشعور المؤلم يفوقها جميعاً، لقد جلدني سادتي، وتدفق دمي من القدم حتى الرأس، ولكن هذا لم يمنعني مــن التفكير في الحصول على حريتي بأي وسيلة، لقد تقرحت قدماي إلا أن هذا لم يمنعني من الهرب، لقد وضعوا الحديد الساخن على جسدي لكن هذا لم يمنع هذا الجسد الضئيل أن يتحمل المزيد من الآلام في سبيل العتق من العبودية، لقد وبخني سادتي وسخروا مني، لقد قالوا أن لوني الأسود القاتم يُرهب أطفالهم لكن هذا لم يفقدني الثقة في ذاتي وفي ربي”.
  • أما سيدها الطبيب د. فلينت، والذي ما برح يهددها بأطفالها قائلاً: “تلك الجرذان الصغيرة سأبيعها لأحدهم يوماً ما”، وقد استمرت في صدّ تحرشاته الجنسية بها، حتى انتحبت أمامها زوجته يوماً والتي لم تكن غافلة عن خياناته لها .. نحيب الزوجة على كبريائها قبل أي شيء. تقول المناضلة في (السيدة الغيور): “علمت لاحقاً أن سيدي الدكتور فلينت هو والد سبعة أطفال من العبيد، ولكنه لا يعترف بهم ولا تجرؤ إحدى الأمهات بإعلان ذلك أو مواجهة تلك العائلة بهذا الأمر”. ومن قبل، كان “يجد متعته في إجبار خالتي نانسي على تناول اللقيمات التي قام هو بمضغها وإعادتها للطبق مرة أخرى، وأحياناً كان يقوم بجلدها على مرأى أطفالها، وفي بعض الأحيان سجنها بعيداً عن طفلها الرضيع لأيام طويلة كعقاب لها إن كانت قامت بصنع أطباق لا تروق لهم أو لكلبهم المدلل الذي امتنع يوما عن تناول (العصيدة الهندية)، وحينها أمر الدكتور فلينت عبدته نانسي بتناولها من دون تذمر أو بكاء” .. هكذا تقول المناضلة في (سيدي وسيدتي).
  • وفي (عبيد المزرعة)، يبدو هنالك عمود الجلد الذي كان يشهد فنون التعذيب الوحشية على يد صاحبها السيد لِش، والذي كان يحلو له “تكبيل العبيد بالأصفاد وإضرام النيران في أجسادهم” وحسب تعبير المناضلة “كما لو كانوا خنازير حظيرته”. ثم تستمر قائلة: “لم أكن أؤمن بالأشباح، لكن هل تصدق عزيزي القارئ أن هذا الرجل عُثر عليه مقتولاً في حظيرته بطريقة غريبة وغامضة؟ كان هناك آثار للسوط على جسده وكأن أحدهم قام بجلده، ولكن ترى من هذا؟ وعندما تم دفن هذا الرجل، كان هناك عبارة شائعة بأن هذا الرجل دُفنت معه أمواله الغزيرة، لذا قام الناس بنبش قبره وألقوا بجسده على الأرض حتى اجتمعت حوله الطيور الجارحة وأكلته”.
  • تجلس جدة المناضلة إلى جانب فراش ابنتها نانسي وقد “أفقدها الشلل القدرة على النطق إلا أنها كانت تبتسم”، حتى ينقل لها عمها فيليب ما كانت عليه في لحظاتها الأخيرة: “أخبرني عمي فيليب لاحقاً أن خالتي نانسي ماتت بسعادة! قال لي ربما لم تختبر خالتك معنى الفرح طيلة حياتها يا ليندا، إلا أنها كانت تنتظر الموت بفارغ الصبر. كانت تتلهف لرؤية صغارها في عالم أفضل وأكثر عدالة”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل السيرة (134) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهي رابع ما قرأت في ديسمبر .. وقد حصلت عليها من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية العام الماضي ضمن (400) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى ملاحقة الساعات لإتمام قائمة القراءة .. والتي تطول عادة في آخر شهر من كل عام!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: سقوط رجلالغيرة والخيانة / حياة الكتب السرية / في مديح القارئ السيء / نساء رفضن عبادة الرجل

وعلى رف (سيرة ذاتية) في مكتبتي عدد قليل من الإصدارات لم أقرأ الكثير منها .. ومنها ما قرأت ونشرت على مدونتي!

تسلسل السيرة على المدونة: 584

تاريخ النشر: ديسمبر 11, 2024

عدد القراءات:20 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *