الكتاب
هل أنتم محصنون ضد الحريم؟
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Êtes-vous vacciné contre le harem? By: Fatima Al-Marnisi
المترجم/المحقق
نهلة بيضون
دار النشر
المركز الثقافي العربي
الطبعة
(1) 2000
عدد الصفحات
204
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
09/15/2017
التصنيف
الموضوع
مقارنة ثقافية في شئون المرأة بين الشرق والغرب
درجة التقييم

هل أنتم محصنون ضد الحريم؟

لست متأكدة تماماً من هدف الباحثة في طرح كتابها الأشبه بـ (مقارنة عبر الثقافات) أو الذي من الممكن تصنيفه تحت أدب (الاستشراق)، أو الذي يطيب لي تصنيفه ضمن (قضايا المرأة) .. غير أنها عرضت بإسهاب لتلك المواضيع المتفرقة حول تفاوت وضع المرأة في الشرق عنه في الغرب عبر القرون الماضية، أو بالأحرى تفاوت وضعها في ذهن الرجل الغربي عن نظيره الشرقي .. لا سيما إن كانت محظية تقبع في حرملك الحريم!. بالقطع، يأتي الكتاب امتداداً لإسهامات المؤلفة الباحثة في علم الاجتماع، والنسوية الرائدة المصنّفة ضمن المائة امرأة مؤثرة عالمياً حسب صحيفة الغارديان البريطانية عن عام 2011 .. المغربية المولودة بُعيد الحرب العالمية الثانية، والمتوفاة عام 2015.

يعرض فهرس الكتاب أربعة عشر فصلاً تحمل عناوين أجدها ذكية، أسردها تالياً، قد حظي الكتاب بها بثلاث نجام من رصيد أنجمي الخماسي:

  1. الطفلات الأوروبيات الجميلات
  2. هل بشير العلج على صواب؟
  3. ما السبيل لإغواء النساء المتحررات؟
  4. ما تيس أو باشا طنجة
  5. هارون الرشيد أو الحريم العربي؟
  6. محمد الثاني أو الحريم التركي؟
  7. الحريم الإغريقي والروماني: الجنس والعنصرية
  8. متاعب الكاهن الألماني الذي يدافع عن تعدد الزوجات
  9. عام 1828 كان فيكتور هوجو يحلم بسلطانة
  10. الخصي الأوروبي
  11. الخصي المسلم
  12. المحظية مع العبد: المسئولية والحساب
  13. خطوبة المواطن: جان أوغست دومينيك إنغر
  14. المحظية المستسلمة غير معروفة في التاريخ الإسلامي

يكشف الكتاب أن نظام (الحريم) الذي كان معمولاً به في الشرق العربي كما هو متعارف لم يكن شرقياً صرفاً، إذ سبقهم الإغريق قبل ذلك. كما تقارن الباحثة بين المحظيات الخاملات اللواتي تَصوَرهنّ الرسام الغربي في لوحاته، وبين واقع المحظيات الحقيقي لدى العثمانيين والشرقيين من العرب والمسلمين، إذ كنّ يتمتعن بروح التحدي والسيطرة والذكاء والثقافة، وينخرطن في عمليات الحراك السياسي .. وكل ذلك من خلف حجاب الحرملك!. عليه، أقتطف مما علق في ذهني بعد القراءة لأدونه، وباقتباس في نص جريء من صفحاته (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:

  • في المدينة الحديثة حيث “تتلاشى هندسة الفصل بين الأمكنة والوظائف”، يتقلّد الجنسان نفس الوظائف، ويتلبّس الرجال القلق بعد أن تفقد الرجولة احتكار المال وسلطانه، إذ “لم يعودا وجهان لعملة واحدة تلقائياً”. هنا، تطرح الباحثة سؤالاً مخيفاً: “من هو صاحب القرار في مدينة تعمل فيها النساء؟ إنه سؤال جوهري في الحضارة الحديثة التي لم تجد بعد الجواب”.
  • تظهر لغة الباحثة متفائلة وهي تتحدث عن الخمسين عاماً التي تلت الاستقلال، إذ يرتضي الجنسين -وقد خصّت المغاربة تحديداً- استبدال “الجمود بالمرونة” و “الشك باليقين” و “الفلقة بالابتسامة”، على الكوكب الذي لم يعد تتعثر فيه خطواتهم وخطواتهن، إلا قليلا. لم تعد رغبة التسلط هي الغاية عند الرجال، بل عملوا والنساء سوية نحو التقارب مع بعضهم البعض في ود وتفهّم، رغم التوتر الوارد بطبيعة الحال. وتقول: “يتراءى لنا أن النساء والرجال قد أجمعوا على تغيير خطابهم بعد صدمة حرب الخليج التي كان ضعفنا فيها جميعاً حكاماً ومحكومين، لا يطاق”.
  • لا يستثني “فيروس الحريم” أحداً، إذ يضرب جيران العرب الأوروبيين على الشط المقابل للمتوسط، الذين يظهرون بمظهر التحضّر، والمحصّنين ضد أي مظهر خنوع نسوي!. فتستطرد الباحثة قائلة: “والمفارقة أن العالم الغربي موبوء، لأن هذا الفيروس يهاجم تحديداً الدول التي تحررت فيها النساء بفضل انخراطهن الواسع في مجال التحصيل العلمي وسوق العمل”. وتضرب بعارضات الأزياء المثل اللواتي يظهرن بصور هشّة حائرة أمام سيدهن المصور، وأسياده من أصحاب المال والنفوذ.
  • تصيب الباحثة كبد الحقيقة بعد أن تطرقت إلى الأصل اللغوي لكلمة (الحريم) وأخواتها كمفردة في اللغة العربية وبعض اللغات الأعجمية، وهي لا تزال تتحدث عن الفيروس ذو اللعنة، إذ تقول: “قد يُعذر الرجل الجاهل الذي يحلم بالحصول على جارية، أو امتلاك أمة تعني بماشيته. أما الرجل الحائز على شهادة جامعية، والذي يملك حساباً مصرفياً (والمصارف لا تقرض سوى الاثرياء)، ويستعمل حاسوباً، ويحلم بشراء هاتف خليوي (هذا ما لم يكن قد اشتراه أصلاً)، والذي تساوره الرغبة في رؤية شريكة حياته أو زميلته، الموظفة أو المحامية أو الأستاذة الجامعية مثله، تخدمه كالجارية والمحظية والغيشا، فيجب أن يعتبر نفسه حريمي المصل، والأجدر به أن يراقب نفسه عن كثب. ونحن جميعاً نعلم، كما يردد على مسامعنا وزراء الصحة في بلادنا، إن درهم وقاية خير من قنطار علاج، والرجل المجرّب يساوي رجلين، مما يشكل مكسباً كبيراً لزوجته”.

يؤخذ على الكتاب لغته التي جاءت على النقيض من موضوعه، إذ تفتقر إلى الأسلوب البلاغي الجاذب، بحيث بدت اللغة باهتة في مفرداتها وفي سرد المعلومة، والتي كان ينبغي أن تكون على درجة من القوة تضاهي قوة البحث!. قد يعود السبب إلى الترجمة غير المتمكنة من لغة الكتاب الأصلية والتي أتت باللغة الفرنسية (Êtes-vous vacciné contre le harem? By: Fatima Al-Marnisi).

ومن الفوائد التي أرتجيها من كل كتاب أقرؤه، الكتب التي سيفتح المجال لقراءتها، فضلاً عن التي سيرّشحها بعينها. ولم يخيّب هذا الكتاب رجائي، إذ تطرقت الباحثة إلى ثلاث من أمهات الكتب المفقودة في تراثنا العربي، وهي: كتاب (رسالة في أمهات الخلفاء) لابن حزم الأندلسي، وكتاب (ما ألف عن النساء) لصلاح الدين المنجد، وكتاب (بلاغات النساء) لابن طيفور .. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على هذه الكتب العريقة كما يغلب على ظني، فلا بأس من المحاولة في سبيل الحصول عليها ولو بنسخة إلكترونية.

وبالإضافة إلى هذا الكتاب الذي وصل إلى مكتبتي من إحدى المكتبات العربية المنتشرة في لندن حيث الكتب المحظور بيعها في العالم العربي، أحظى بكتب أخرى للمؤلفة حرصت على اقتنائها، وهي: سلطانات منسيات / نساء على أجنحة الحلم / شهرزاد ترحل للغرب / شهرزاد ليست مغربية / الخوف من الحداثة: الإسلام والديمقراطية / أحلام النساء الحريم: حكايات طفولة في الحريم / الحريم السياسي: النبي والنساء / ما وراء الحجاب: الجنس كهندسة اجتماعية … ولا أعلم كيف مرّ كل هذا الوقت ولم أقرأ سوى هذا الكتاب للمؤلفة؟ .. من الآن هي على قائمة الانتظار!.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (20) كما دوّنت ضمن قائمة من كتب قرأتهم في عام 2017، غير أن ذاكرتي لا تسعفني، ولا حتى مفكرتي القديمة بما تحويه من ملاحظات، ولا مسودات التدوين في حينها، من تعيين إجمالي عدد الكتب التي قرأتها في هذا العام بالتحديد! ملاحظة: أجد بخط يدي على هامش مفكرة العام عبارة: (33 كتاب) .. لا أعتقد أنها ملاحظة دقيقة.

لكنني لا زلت أذكر تماماً الأعوام الثلاث التي قضيتها في تحصيل دراساتي العليا في المملكة المتحدة، والأعوام التي تلتها وأنا منهمكة بجد في عملي المهني الذي لا يمتّ بصلة لهواية القراءة لا من قريب ولا من بعيد .. الدراسة التي استحوذت على حياتي حينها، والعمل الذي كان يستنفد القدر الأكبر من وقتي وطاقتي، بحيث لا يتبقى للقراءة في نهاية اليوم سوى القليل من الوقت والتركيز .. ولله الحمد دائماً وأبداً.

تسلسل الكتاب على المدونة: 38

 

تاريخ النشر: مارس 24, 2021

عدد القراءات:1877 قراءة

التعليقات

    1. شكراً لمشاركتك .. الكتاب من إصدار (المركز الثقافي العربي-الدار البيضاء). قد تستطيع التواصل مع دار النشر للحصول عليه. بالتوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *