كتاب فكري يحاول إنصاف المرأة بشكل ما .. قد اجتهد فيه الكاتب لتقصّي مكانتها في ضوء ما جاءت به نصوص الأديان السماوية، وما يعززها من أقوال تؤثر عن أشهر معلميها وتابعيها .. بعيداً عن الصناعة البشرية للفقه الشرعي!. على هذا، جاء المصطلح المركب في عنوان الكتاب (اليهمسلامية) كإشارة للأديان الثلاث.
إذاً، إنه محاولة لإنصاف المرأة أمام الرأي الديني .. الحق والمنسوب!
ورغم ما جاءت به هذه المحاولة الحيادية وأخواتها من قبل، فإنني لا أزال على قناعة بأن المرأة وسكناها على كوكب الأرض لا يتوافق وطبيعتها الفريدة، إذ أن رضوخها تحت وطأة (قهر الرجل) واقع لا محالة كنتيجة حتمية لطغيان قانونه الذكوري!. والواقع أن المرأة لم تُنصف منذ غابر الزمان، لا شرقاً ولا غرباً، وإن تبارى القطبان في العصر الحالي في سباق الدعاوى الحقوقية، وبرامج التمكين، وصون الكرامة، وإتاحة الفرص ….، تُسارع كلها ظاهراً في صالحها، وإن تراءى عملياً ارتقاء حال الغربية عن نظيرتها الشرقية!.
يعرض فهرس الكتاب خمسة فصول رئيسية -باستثناء المقدمة والخاتمة والنقاش- يتفرع عن كل فصل منها موضوعات ذات صلة، قد استنفد الكتاب بها رصيد أنجمي الخماسي كاملاً، أعرضها كما يلي:
- اليهودية صوت واحد فقط.
- المسيحية صوتان مركزيان ومكانة خاصة لمريم العذراء.
- الإسلام صوت واحد ومكانة خاصة لمريم العذراء.
- مواقف ثلاثة مفكرين.
- تطبيقات في الشريعة.
يأتي اجتهاد المؤلف في الفصل الأخير كشرارة تقدح شعلة الفكر الحر، وتحرّض أولئك الحماسيين فكرياً ومعرفياً نحو المزيد من البحث، لا سيما أن القضايا المطروحة تتسم بالجرأة، وتحيطها الكثير من التابوهات الدينية والاجتماعية والسياسية التي قد يتحاشى كثير من الباحثين الولوج فيها، بشكل لا يخفى على أحد!. أذكر من سديد الرأي ما علق في ذهني بعد القراءة ما يلي:
ملاحظة: ترد بعض التعليقات في نص أزرق .. لا تعبّر سوى عن رأيي الشخصي.
- يحمّل يسوع الرجال مسئولية الطلاق -لا سيما التعسفي- وذلك حينما عرض التلمود بشقّيه البابلي والأورشليمي صور من امتهان كرامة المرأة اليهودية في طلاقها أو إجبارها البقاء مع رجل لا تطيق البقاء معه. فيتجاوز السيد المسيح الوضع الاجتماعي البائس والمغلّف بغطاء شرعي إلى وصية أخلاقية، توصم الرجل بالزنا: مرة إن طلق زوجته، ومرة إن تزوج من امرأة مطلقة!.
- بينما يتقاطع الفيلسوف اليهودي ابن ميمون والفيلسوف اللاهوتي توما الأكويني في طريقهما على فرية (الخطيئة الأولى للمرأة)، يسلك الفيلسوف المسلم ابن رشد طريقاً آخر مستقيماً ينهل من روح القرآن الكريم ويرسم الخطوط العريضة التي تساوي بين الرجل والمرأة كمكونين أساسيين للمجتمع.
- على خلاف العقيدتين اليهودية والمسيحية، يُبيح التشريع الإسلامي للمرأة تقلّد أي منصب متضمناً الولاية العامة. تكمن المفارقة -رغم هذا- في أن المرأة اليهودية والمرأة المسيحية قد حصلتا على حقوقهن في تقلّد المناصب العامة بفضل التشريع المدني لا الديني، في حين لا تزال المرأة المسلمة تكابد قمع السلطة الدينية كما كابدت من قبل أختيها في الملة الإبراهيمية.
- كلمة (الولد) التي جاء بها القرآن الكريم في آيات الميراث تشمل لغوياً (الابن الذكر) و (الابنة الأنثى). أما الإصرار على خصّ الذكر به فقد جاء نتاج تفاسير ذكورية تاريخية سياسية مغرضة، لا تُلزم مسلمو الألفية الثالثة بشيء .. وهذا حسب الاجتهاد الموضوعي للمؤلف، والذي أخشى أن يطاله وصم التكفير!.
- وكعادة التشريعات المحرّفة التي تخصص لفروج النساء المجلدات الضخام، يقذف أهل التلمود تلك الفروج بوسوم من شاكلة: “الشبق الجنسي .. لا محدودية الشهوة .. أعمالاً فاجرة .. مضاجعة الكلب .. مضاجعة الحمار”، ثم تأتي التوصية بتزويج ذات الفرج البالغ ثلاث سنوات ويوم! وفي حين أن الدين المسيحي يعظّم مريم العذراء، وأن جوهر الدين الإسلامي لم يأت سوى بذات التعظيم، إلا أن لسان حال (فقهاء وأد المرأة) أو بالأحرى (عبّاد فرج المرأة) لا يزال يسلّع تلك الفروج -القاصرة والبالغة- في سبيل إشباع شهوة الرجل الفوضوية بلا حدود!. وعن تلك الازدواجية، يقول الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو: “إن أكثر الشعوب تحريماً لشيء هي أكثرها هوساً به”.
وفي نص ثوري، اقتبس ما جاءت به بعض سطور الكتاب من فكر ثوري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
- يكشف الكتاب عن سوأة التدخل البشري في التشريع الإلهي، فيقول: “قد يعتقد البعض أن البحث يُفضّل الإسلام على اليهودية والمسيحية، إلا أن الأمر ليس كذلك قطعاً، فتحسم مكانة النساء في العقيدة والشريعة في الإسلام مقارنة بمكانتها في اليهودية والمسيحية ما هو إلا تأكيد لما أتينا إليه من قول في بداية المقدمة: إن تطبيقات وفقه الأديان إنما هي انتاج إنساني بامتياز، نتاج الوعي الجمعي لمجموعة معينة من الناس والمجتمعات”.
- يتحدث الكتاب عن النظرة الدونية للمرأة في المسيحية، وتحديداً للقديس يوحنا في اقتفائه أثر الرسول بولس، إذ يرى أن المرأة: “هي أداة الشيطان المحببة التي يقود بها الرجال إلى الجحيم”. يقابل هذا القبح قبحاً آخر فيما تم تصنيفه في الدين الإسلامي ضمن (المكذوب أو المشكوك في صحته) .. يعتقد بالنساء كحبائل للشيطان يستشرفهن متى خرجن .. وهن مقبلات وهن مدبرات!
- يعرض الكتاب الرأي السديد لرائد الفكر التنويري ابن رشد عن المرأة، فيقول: “في أقوال ابن رشد ثلاث أسس مهمة في تحديد مكانة المرأة/ النساء في المجتمع، وحياة المجتمع بكامله، الأول: أنه يتحدث وينظر لمكانة النساء مستنداً إلى نص وروح القرآن، وليس إلى ما هو سائد في المجتمع وبين الفقهاء. والثاني: الرجال والنساء جوهر واحد، أي لا فرق بينهما. والثالث: يحق للنساء أن يتقلدن أي منصب في الحياة العامة، ولا فرق بينهن وبين الرجال”. ويخلص ليقول: “فيكون من بينهن محاربات وفيلسوفات وحاكمات وغير هذا”.
رحم الله ابن رشد حيث أقفل باب الفلسفة مع رحيله منذ ثمانية قرون مضت، وكأن لسان حاله يقول: (لا تستحقون)، وقد عمل القوم على زندقة فكره الحر، حتى ابتلاهم الله بفقهاء ابتدعوا في الدين أيما بدع، انتهى بتخريج تشريع بشري بامتياز فُرض عليهم .. ما أنزل الله به من سلطان! وقد كان للمرأة نصيب الأسد فيما بدّلوا وحرّفوا.
فمن عافاها الله .. فلتحمده
… والحمد لله على نعمة كمال العقل والدين!.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (15) كما دوّنت ضمن قائمة من كتب قرأتهم في عام 2017، غير أن ذاكرتي لا تسعفني، ولا حتى مفكرتي القديمة بما تحويه من ملاحظات، ولا مسودات التدوين في حينها، من تعيين إجمالي عدد الكتب التي قرأتها في هذا العام بالتحديد! ملاحظة: أجد بخط يدي على هامش مفكرة العام عبارة: (33 كتاب) .. لا أعتقد أنها ملاحظة دقيقة. وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2016 ضمن (35) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.
لكنني لا زلت أذكر تماماً الأعوام الثلاث التي قضيتها في تحصيل دراساتي العليا في المملكة المتحدة، والأعوام التي تلتها وأنا منهمكة بجد في عملي المهني الذي لا يمتّ بصلة لهواية القراءة لا من قريب ولا من بعيد .. الدراسة التي استحوذت على حياتي حينها، والعمل الذي كان يستنفد القدر الأكبر من وقتي وطاقتي، بحيث لا يتبقى للقراءة في نهاية اليوم سوى القليل من الوقت والتركيز .. ولله الحمد دائماً وأبداً.
تسلسل الكتاب على المدونة: 32
حظيت المرأة في الإسلام بمكانة لم تكن لتحظى بها في اي ديانة أخرى. وضرب لنا القران الكريم امثلة ولا أروع عن النساء اللواتي تركن أثرهن في التاريخ.
أما ما ال إليه الحال فدلك بسبب التجهيل المتعمد أو الخلل في فهم مكانة المرأة.. وما الظلم الدي يقع على المرأة إلا جزء من الظلم الدي تكابده البشرية حمعاء.
ستبقى المرأة هي من تصنع نفسها وترسم هويتها شاء من شاء وأبى من أبى …
التجهيل المتعمد هي أجندة سياسية يرسمها الطغاة وينفذها خدّامهم وعاظ السلاطين المحسوبين على الأمة فقهائها .. وما الوضع البائس للمراة العربية والمسلمة تحديداً إلا ليقينهم بمدى الخطر المحدق بعروشهم ما نهضت المرأة!..
نعم صدقت .. إن المرأة هي من تصنع نفسها، وفي القلب أصدق الفتوى .. لذا، أنا أستفت قلبي دائماً وأضع فتاوي أصحاب اللحى النتة تحت كعب حذائي العالي .. لا أبالي .. فأرتقي!.
هي كذلك ..