الكتاب
مذكرات طبيب نفسي
المؤلف
دار النشر
كتبنا
الطبعة
(1) 2020
عدد الصفحات
152
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/17/2022
التصنيف
الموضوع
بالأحرى .. اضطرابات مريض نفسي

مذكرات طبيب نفسي

كتاب يصف وبشكل مثير للشفقة مركبات نقص تفاقمت حدّتها عند كاتبه، فأردت به إلى درك مستعصٍ على أي صنف من صنوف العلاج البشري! ليست (مذكرات طبيب نفسي) .. إنما مجموعة قصصية لملمت مبعثرات من لوثات وهلوسات وترّهات وحماقات قد استفحلت وطأتها على ذكر ما تجاه الأنثى، فتقيئها على هيئة إسقاطات نفسية تنمّ وبصورة مقززة على ما يعتمل في دواخله المريضة .. وكمحاولة عرجاء لإضفاء قدر من المصداقية على خليط ذاك الهراء، ادّعى أنها مستخرجة من (كتالوج) طبيب نفسي، وقد فاته أن يحدد ما إذا كان هذا الأغرّ قد تخصص في فرع (نساء ودعارة) أو (ذكور ونزاهة)!

وبينما تطبّل العبارة التسويقية على ظهر الكتاب وتزمّر لبراعة الخبير النفسي الذي أعد هذا العمل الأدبي السبّاق لأوانه، يشي عنوان الكتاب بعرض حالات مرضية من سجلات حقيقية لطبيب نفسي، مع كافة التفاصيل الملحقة بها، كالتشخيص والأسباب والأعراض والنتائج وطرق التعامل وأنواع العلاج …..، بما تخدم كل حالة مرضية على حدة .. غير أن الكتاب لم يكن كذلك! إذ (طق حنك) ليس إلا عن أحد عشرة حكاية، سبعة منها تصف نساء مريضات بداء الشبق الجنسي الذي اعتمل بهن ساخناً صغاراً وكباراً، في حين يظهر كل رجل من بينهن كسكر ذائب محمرّ خديه يكاد يبدو كالعذراء في خدرها! ففي (قاهرة الأفاعي) يظهر (يوسف) القسيم الوسيم فجأة في حي متخلّف كمعلّم مستجد، فتتخاطفه إناث الحي وكأنهن صويحبات يوسف وعلى رأسهن (عبير) ابنة كبير الحي، على مرأى ومسمع من رجال الحي الذي لم يكن منهم رجل رشيد على ما يبدو، بل كانوا في الدياثة كعزيز مصر بعل زليخا .. وفي (إلا كريم) تخنق أم كريم طفلها كريم بيديها حين أطبقتها على عنقه لتخليصه من الطفح الجلدي الذي لم يتوفر له علاج آنذاك! وفي حين عافاها الكاتب وحدها من داء الشبق، صوّرها كالمجنونة، فلا تسلم الأنثى لديه من عاهته النفسية، فإن لم تظهر شبقة تظهر فاقدة العقل .. وفي (شهرزاد) يصرّ (زيد) في شهامة عابرة للمجرات على أن يتزوج من ابنة الجيران اللعوب التي حملت سفاحاً، وقد أظهرها متبجّحه في فعلتها، فينسب طفلتها له، ثم تنجب له طفلة أخرى، ليكتشف بمحض الصدفة أنهما في حمضهما النووي أختان لنفس الأب .. وفي (المراهقة) تُغرم (مريم) التي كانت طالبة في الثانوية العامة تبلغ الثالثة عشرة -لا أعرف كيف- بـ (علي)، ابن الجيران الذي كان يكبرها بأعوام عديدة، وقد تكفّل بإعطائها دروس في مادة الرياضات التي خابت في تحصيلها، فتعشقه حتى الثمالة، وتبدأ في تحسس جسدها بهوس بعد كل درس معه، وترتعش وتمرض وتنحل وتصفرّ سحنتها، حتى ينتهي بها المطاف إلى إشعال حريق في منزله يذهب ضحيته زوجته الحامل .. وفي (أبي لم يكن سيئاً) تسكن (ليلى) التي كشفت عن نفسها كفتاة ليل، مع (فارس) الزميل النبيل في الفيلا التي كان يقطنها وحده، لتعذّر حصولها على سكن رخيص، وذلك رغم ما كان يحاك حوله من أقاويل تمسّ استقامة أخلاقه، فإذا به يعتصر فيقطر أدباً بينما تراوده هي عن نفسه العَفّة، حتى تتمكن منه فتأمره بضربها مع كل ليلة ساخنة تقضيها بين أحضانه البريئة، فتتيقن حينذاك أن صراخ أمها في تلك الليالي وعلامات الضرب التي كان أباها يتركها على جسدها في الصباح، لم تكن سوى نتاج علاقة سادية-مازوخية، أورثتها كصفة شبق وراثية لابنتها! تُختم مغامرات المجون الليلي لتلك الليلى بـ “لماذا يتمنع؟ لماذا لا يفهم أن هذه هي متعتي وإني حرة في ما أشتهي. لم أطلب منه ضرب نفسه ولا حتى ضرب قطة، أنا من كان يقع عليه هذا الضرب والألم وأنا مستمتعة بهذا لا أرى أي مانع بما يحدث ولست مجنونة. هذا كل ما أخبرتني به ليلى بعد أن هجرها فارس وترك لها ورقة فيها عنوان عيادتي وكتب لها انت مريضة ويجب أن تتعالجي”.

……….. أكتفي بعرض هذا القدر من النتن!.

والسؤال الذي يستطير شرره هنا: هل كان مخترع حالات السعار تلك يعاني من دمامة الوحوش إذا حُشرت، فصوّرت له أحلامه الميتافيزيقة تهافت كل أنثى عليه من كل حدب وصوب؟ أم أنه كان ضحية لغدر إحداهن فشمل كل بنات حواء في إثم خطيئتها؟

فضلاً عن المحتوى السقيم، فقد جاء الكتاب مترعاً بالأخطاء المطبعية وخالياً من علامات الترقيم التي جعلت من الكلمات والجمل والعبارات ترتطم ببعضها البعض في جنون، وكأن مسّها من لهيب الحكايا طرف!

ومن مضحكات الكتاب ومبكياته، استخدام أسماء عربية لأبطاله مع وصف للبيئة التي كانوا يقطنونها كشرقية محافظة، في حين جاءت أفاعيل أولئك الأبطال الورقيين إباحية فجّة وكأنها تحاكي ثقافة غربية يسودها المجون كطابع ثقافي عام.

هل سأذكر بعد ذلك كم حصد الكتاب من رصيد أنجمي الخماسي؟ ذلك سيكون حتماً أضحوكة أخرى!

ختاماً: إنها ليست (مذكرات طبيب نفسي) بالقطع .. إنما (اضطرابات مريض نفسي) بالأحرى

ولمن يعزّ عليه وقته وماله وفكره .. لا تقرأ هذا الكتاب!

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (61) في قائمة احتوت (70) كتاب قرأتهم في عام 2022، وهو الكتاب رقم (14) ضمن (22) كتاب قرأتهم في شهر ديسمبر .. وقد حصلت عليه من متجر جملون الإلكتروني للكتب العربية في يوليو من عام 2021، ضمن (20) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.

من فعاليات الشهر: لا شيء سوى مصارعة الوقت لقراءة المزيد من الكتب وتعويض ما فات خلال العام .. وقد أجّلت عمل الأمس إلى اليوم كثيراً والذي أصبح فائتاً كذلك!

تسلسل الكتاب على المدونة: 392

 

تاريخ النشر: ديسمبر 17, 2022

عدد القراءات:1742 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *