الكتاب
مجتمع الاحتراق النفسي
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
The Burnout Society (Translator: Erik Butler) - By: Byung-Chul Han
المترجم/المحقق
بدرالدين مصطفى
دار النشر
دار معنى للنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2021
عدد الصفحات
76
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
09/13/2024
التصنيف
الموضوع
الإيجابية لا السلبية كمسبب للاحتراق النفسي
درجة التقييم

مجتمع الاحتراق النفسي

لا تظهر الإيجابية في هذا الكتاب كما تعبّر معانيها المتعارف عليها، بل إنها سبباً على ما يبدو لإصابة الجيل الحديث بـ (متلازمة الاحتراق النفسي) .. المتلازمة المصاحبة بالضرورة لعولمة الانفتاح والحرية وكسر القيود، وما يصحبها تباعاً من أعراض نفسية تظهر في صور اضطراب واكتئاب وسخط وفرط نشاط وتشتت انتباه …….!

قد يثير هذا الكتاب شيء من الجدل فيما يعتقد مؤلفه بالمراقبة المفروضة على كل فرد! فبينما عفى الزمن -في رأيه- على طرق المراقبة الخارجية المتمثلة في القوانين والقواعد والأنظمة والمحظورات والعقوبات ومؤشرات الأداء وكاميرات المراقبة المبثوثة في كل شبر من الأرض والمستهلكة لحياة الفرد في حلّه وترحاله، فإن الرقابة الذاتية تكفلت في تجاوز هذا الإكراه الخارجي، إلى تبني طموحاً جامحاً نحو تحقيق المزيد من الإنجازات وتحسين جودة الحياة، كنمط رقابي أكثر فعالية. ورغم أن هذا الرأي ينطوي على جانب كبير من الصحة فيما يتعلق بكفاءة وظيفة الرقابة الذاتية، إلا أن المؤلف ينبّه على أن (قدرة الفرد على مزاولة مهام متعددة) لا ينبغي أن يصاحبها رضا عن النفس كبير، إذ أن ممارسة عدة مهام -في رأيه- يشكّل (عودة إلى الحالة الحيوانية) لا الوصول إلى ذروة الإنجاز البشري، كما بات يُفترض حالياً! فالحيوان -كما هو ملاحظ- له القدرة على ممارسة مهام متعددة، فيأكل ويتناسل ويحرث ويخوض مع شريكه وأطفاله وصاحبه والقطيع، لكنه لا يتمكن أبداً من المكوث في اللحظة! لذا، يتجلى ما هو (إنساني) من وجهة نظر المؤلف في القدرة على الشعور بالملل، في الفرد حين يكون ساكناً، يتأمل ويفكر ويفترض ويستنتج .. ويضرب في هذا مثلاً عن يوم السبت الذي جُعل للراحة، وكيف أن الإنسان يصبح في حالة أقرب منها للإله وهو مستريح، وهو مستغنٍ عن الأمور الدنيوية البالية.

لذا، تكمن المشكلة لدى المؤلف في إيقاع العالم الحديث الذي يراه متآمراً في تحويل الفرد لمخلوق أدنى من البشر وأقرب شبهاً بالحيوان، من خلال إجباره على تأدية الكثير من المهام إلى الحد الذي ينهكه، الانهماك في العمل وازدحام وقت الفراغ به، لا الانهماك في الذات وإطلاق أكثر المشاعر متعة! إنه انغماس الذات في غير الذات وإلحاق التعب بأعماق الروح، وهو انهماك لا يعكس بالضرورة إنجازاً حقيقياً، ولا ينتج حباً للذات بل نرجسية! إن هذا الانهماك يخلّق أمراضاً ليس بالإمكان علاجها عن طريق اللقاحات والأجسام المضادة، فهي أمراض نفسية مرتبطة بالتوتر، وناجمة في الحقيقة عن الإيجابية المتمثلة في هوس الإنجاز وفرط الرغبة في تحقيق نسخة أفضل من النفس فالأفضل والأفضل، لا عن السلبية الناجمة -على سبيل المثال- عن منافسة الآخرين بغية التفوق والتميز. بعبارة وجيزة: إن الإنسان الحديث منهك بالإيجابية لا بالسلبية!

يعرض الكتاب الذي جاء في ترجمة متقنة من النص الإنجليزي (The Burnout Society (Translator: Erik Butler) – By: Byung-Chul Han)، المواضيع التالية:

  • السلطة العصبية
  • ما وراء المجتمع التأديبي
  • التأني العميق
  • الحياة النشطة
  • بيداغوجيا الرؤية
  • حالة بارتبلي
  • مجتمع التعب
  • مجتمع الاحتراق النفسي

ومن الكتاب العويص رغم قصره، أستقطع ما علق في ذهني بعد قراءته، وباقتباس في نص حارق (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) وقد استقطع بدوره ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي:

  • يقول المؤلف في (التأني العميق) وهو يشير إلى (مجتمع الإلزام القهري) حيث كل إنسان في معسكر العمل هو سجين وحارس: “يحدث فرط النشاط والعمل الهيستيري والإنتاج كردة فعل على الحياة التي أصبحت عارية وعابرة بشكل جذري. كما يلعب تسريع الحياة المعاصرة أيضاً دوراً في هذا الفقر الوجودي الذي نعاني منه. مجتمع العمل والإنجاز ليس مجتمعاً حراً، فهو يوّلد قيوداً جديدة في نهاية المطاف، فإن جدلية السيد والعبد لا تسفر عن مجتمع يكون فيه كل فرد حراً وقادراً على الترفيه أيضاً”.
  • ثم يقول في (مجتمع الاحتراق النفسي) مشيراً إلى علاقات الإنتاج الرأسمالية التي ترتبط به عملية التحول من (الإكراه الغيري) إلى (الإكراه التلقائي)، ارتباطاً وثيقاً: “في ظل الأنا المثالية، تظهر الأنا الحقيقية كخاسر مقبور في جحيم التوبيخ الذاتي، تشن الأنا حرباً مع نفسها. إن مجتمع الإيجابية الذي يعتبر نفسه خالياً من جميع القيود الغيرية، يصبح متورطاً في قيود ذاتية مدمرة. وتكشف الأمراض النفسية مثل الاحتراق النفسي والاكتئاب والأمراض النموذجية في القرن الحادي والعشرين جميعها سمات عدوانية تلقائية، حيث تستبدل العنف الخارجي بعنف يؤسس ذاتياً، وهو أكثر فتكاً من نظيره؛ لأن ضحية هذا العنف تعتبر نفسها حرة”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (96) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهو في الترتيب (4) ضمن ما قرأت خلال سبتمبر! أما عن اقتنائه، فقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب الإلكتروني في ديسمبر العام الماضي، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: السرقة من المسلمين (الساراسن) / خطاب العنف وعنف الخطاب / أنا والكتب/ اشف جسدك / كون عقلك / الاعتذار

وعلى رف (علم النفس) في مدونتي .. المزيد من الكتب

تسلسل الكتاب على المدونة: 546

تاريخ النشر: سبتمبر 20, 2024

عدد القراءات:108 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *