الكتاب
كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها
المؤلف
دار النشر
سلسلة (كيف تـ)
الطبعة
(3) 2021
عدد الصفحات
147
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
06/20/2024
التصنيف
الموضوع
عذاب الأمومة في عذوبتها
درجة التقييم

كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها

كتاب يسرد خواطر عذبة عن الأمومة، في لغة تبدو فلسفية رغم شجونها .. وانبعاثاتها الحميمة كعاطفة جيّاشة، في النفس وفي الآلام وفي مشيج المشاعر المختلطة، وفي معاينة الموت من طرف والتمسك بالحياة من طرف آخر .. أو كما عبرت الكاتبة عن كل ذلك بـ (الأشباح) كتعبير أكثر صدقاً وبلاغة!

إنها أشباح الأمومة التي تراءت للكاتبة .. في تصدعّات غير مرئية تشرخ أشياء بداخلها .. وفي بلبلة عمل المؤسسات المعنية بأهميتها، توعوية كانت أو معارضة .. وفي ترددات صيحات النسوية .. وفي ظلال الرعب المحيطة بمحاولات الفطام، ومن قبلها مع الجنين المخفي .. وفي تلك الأم المخفية وراء حجاب، أسود كان أو فرِح مزركش، لأجل صورة لطفلها متفرّدة .. وفي الأم الأخرى المستبعدة من ألبوم العائلة، لهجرتها أو لاستعفافها بعد سفورها .. وفي القدرة على النظر إلى أمهات الآخرين كما النظر إلى أمهاتنا أنفسنا ……..!

تتحدث الكاتبة من زوايا ثلاث، هي:

  1. عن الأمومة والعنف
  2. كيف تجد أمك في صورتها؟ الأمومة والفوتوغرافية
  3. يوميات

….. ومنها، أدوّن ما علق في روحي بعد القراءة، وباقتباس في نص عذب (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • عندما تتصارع الذاتين .. ذات الأم وذات طفلها، لا بد وأن ينتصر (الديناصور)! تقتبس الكاتبة من رأي ابنها في هذا المخلوق العملاق، حين تصوّر الذنب المتصدّع من ذاك الصراع .. فتقول في (الذنب): الأم التي لا تشعر بالذنب تجاه أطفالها، هي تلك التي أتاها ملاك في لحظة الولادة وشق صدرها .. استأصل النقطة السوداء التي هي منبع الشر، حرّرها من هويتها السابقة وشفاها من العدمية أو الطموح .. تماماً كما يحدث مع الأنبياء في عملية تجهيزهم للنبوّة“.
  • وعودة على تلك الأم التي تم اقصاؤها من ألبوم العائلة، سواء باختيارها أو بفعل فاعل .. الألبوم الذي يلتقط تاريخ العائلة في أجمل لحظاته، تعبّر الكاتبة عن خيبتها في (الأم المستبعدة من ألبوم العائلة) قائلة: لا أستطيع أن أتخيل قريبتي التي قصت ركبتيها الجميلتين الجذابتين خوفاً من الفتنة! كيف تنظر إلى الصورة وهي تعرف أنها كانت هناك وأنها من طردت نفسها من ذاكرة الألبوم؟ كيف سترى طفلتها في الصورة جالسة هكذا في الفراغ بدون الركبتين اللتين كانت تجلس عليهما؟“.
  • غير أن الكاتبة عندما تلقي (نظرة إلى أمهات الأرشيف)، تبصر صوراً أيقونية .. كالتي خصّت أماً أمريكية احتضنت طفليها المتضورين جوعاً بيأس وهم يهاجرون تحت وطأة الكساد الاقتصادي .. وأخرى لأم يابانية تحمم طفلتها المحتضرة جرّاء تسممها بالزئبق .. وأمهات أرجنتينيات يتظاهرن ضد الديكتاتورية التي أخفت أبنائهن قسراً .. وأمهات سوريات ركبن الموج يبحثن لأطفالهن عن العدالة على شواطئ البحار الأوروبية .. و صور الأمهات الفلسطينيات تحت الاحتلال: أم تحضن شجرة زيتون حتى لا يقطعوها، تقف بين أطفالها وجنود الجيش الإسرائيلي، تمسك بصورة ابنها الشهيد أو تنوح على أطلال بيتها الذي تم تسويته بالأرض“.
  • وهي تكتب يومياتها، تسترجع الكاتبة حكمة الروائي الفرنسي ميلان كونديرا، في استرجاع الماضي كوسيلة مضمونة لحفاظ الإنسان على أناه! وقد حثّها الروائي المصري إبراهيم صنع الله حين زار بوسطن عام 1999 حيث تقيم، بتدوين أحلامها أثناء حملها آنذاك .. ففعلت، لكنها أضافت أحلامها إلى يومياتها فيما بعد! تكتب في يومياتها عن تلك الحكمة وهي مثقلة بهم مرض ابنها الذي مس نفسه الصغيرة: أنه من أجل أن تحافظ الأنا على حجمها، يجب سقاية الذكريات كما تسقى الزهور، وهذه السقاية تقتضي اتصالاً منتظماً بشهود الماضي. فكرت أن موت الأم هو قطع للاتصال بأول شاهدة على الماضي، على الولادة. وأن ذلك لا يعني أننا نعيش في العالم بأنا ناقصة، بل ثقيلة. لأن هناك فعلاً آخر لم يتكلم عنه كونديرا … أننا نأكل الذكرى. الموت أرحم من المرض النفسي، أنت لا تستطيع أن تمتلك ذكرى شخص يفقد علاقته بالعالم أمامك يوماً بعد يوم“.

وكخاتمة .. إنها أشباح رغم أهوالها، حرّضت لأن تجود بخواطر وتأملات نابعة من أعماق الروح، كما فعلت بالكاتبة الشاعرة.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (61) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو في الترتيب (6) ضمن قراءات شهر يونيو. وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب أقيم الشهر الماضي بإحدى المدن العربية، ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض.

ومن فعاليات الشهر: القراءة فقط ولا شيء سواها .. وذلك عظيم.

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: قناع بلون السماء / لماذا نقرأ الفلاسفة العرب؟ / سبعة أصناف من الأشخاص تجدهم في المكتبات / بين الجزر والمد / الحياة مهنة تافهة

وعلى رفي (الأدب العربي) و (أدب المرأة) في مكتبتي عدد يقارب (430) كتاب، منها ما هو قديم انتقل لمكتبتي من مكتبة العائلة العريقة .. أذكر منها: (البدائع والطرائف) – تأليف: جبران خليل جبران / (لزوم ما لا يلزم) – تأليف: أبو العلاء المعري / (النظرات والعبرات) – تأليف: مصطفى لطفي المنفلوطي / (حديث المساء) – تأليف: أدهم شرقاوى / (سأخون وطني: هذيان في الرعب والحرية) – تأليف: محمد الماغوط / (من لغو الصيف) – تأليف: طه حسين / (الأدب الصغير والأدب الكبير) – تأليف: عبد الله بن المقفع / (اهتزازات الروح: عشرة بحوث في أدب العرب وفكرهم) – تأليف: د. عيسى العاكوب / (وحي القلم) – تأليف: مصطفى صادق الرافعي / (أحوال وقضايا المرأة المسلمة في دراسات المستشرقين) – تأليف: أم كلثوم أكزناي / (الندم على الأمومة) – تأليف: ستيفاني توماس / (الكاتبات والوحدة) – تأليف: نورا ناجي / (المبدأ الأنثوي الأبدي: أسرار الطبيعة المقدسة) – تأليف: جوزيف كامبل / (نساء في غرفة فرجينيا وولف: قراءة نقدية وثقافية) – تأليف: د. سعاد العنزي / (المرأة الثالثة: ديمومة الأنثوي وثورته) – تأليف: جيل ليبوفيتسكي / (شهرزاد ترحل للغرب) – تأليف: فاطمة المرنيسي / (حان أوان النهوض: كيف لتمكين المرأة أن يغير العالم) – تأليف: ميليندا غيتس / (نادي المتمردات) – تأليف: حمدي خليفة / (عن المرأة والدين والأخلاق) – تأليف: د. نوال السعداوي

تسلسل الكتاب على المدونة: 511

تاريخ النشر: يونيو 22, 2024

عدد القراءات:202 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *