كتاب غير تقليدي في التحفيز على التفكير خارج الصندوق، لا لمجابهة معضلات الحياة اليومية وحسب، بل لابتكار أفضل الحلول وشحذ طاقة العقل على مهارات الابداع والابتكار والتحدي والتحفيز!
وهكذا ينبغي لعملية التعليم الحديث أن تكون! فليس التعليم عملية ترتكز على مجرد النقل والتلقي والتلقين، بل لا بد لها أن تسمح بشحذ عملية التفكير على نحو أكثر فعالية، وإيجاد روابط وصلات مباشرة وغير مباشرة بين سيل الأفكار المتدفقة عن أمر ما وما يرتبط بها من معاني، بعقلية يستفزها الشك وتحرص على دوام التطور، وهو التحفيز الذي لا بد وأن يسهم في تحسين جودة الحياة ككل وتعزيز رفاهية الصحة العقلية. فمن بين ما يعرض في الحياة من ألغاز -غير رياضية بالضرورة- لا بد من استخدام نماذج تفكير متنوعة وإيجاد حلول بديلة، بدلاً من الاعتماد على أنماط تفكير ثابتة وحلول نمطية جاهزة!
لذا، يعمد أستاذ الرياضيات الأمريكي الدؤوب من خلال محاضراته الجامعية الديناميكية، على تحريض أدمغة طلابه وتحفيزها لتفعيل طرق تفكير فعّالة، وابتكار أكثر الحلول عملية وإبداعية تجاه مشكلات وفّر لها دلائل ومعطيات وبدائل وخيارات، تتطلب تمحيصاً، وتعتمد على نقد منطقي وعاطفي معاً لواقع تلك المشكلات قيد البحث، والتي رغم أنها تنطوي على فشل قد يتكرر، فهي تنتهي باستخلاص رؤى عميقة ومتعددة! وهو في هذا الكتاب، يحرّض عقل قارئه بنفس الألعاب العقلية، مضافاً إليه تحريضاً من منظور مختلف، كقراءة فصل طُبع عن قصد بالمقلوب، وآخر طُبع عكسياً، تقرأه المرآة بشكل صحيح.
ومن الكتاب الذي عرض طرق غير نمطية في التفكير، وجاء في ترجمة متقنة من نصه الأصلي (Making Up Your Own Mind: Thinking Effectively through Creative Puzzle-Solving – By: Edward Burger)، ونال اثنتان من رصيد أنجمي الخماسي .. أدوّن ما راق لي وأقتبس في نص لمّاح (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
- يعتقد الأستاذ في (متعة التعلم) أن فكرة اتخاذ قرار طويل الأمد في سن السابعة عشرة هو أمر معضل، حيث العقول لم تكتمل فيزيائياً ولا ينبغي لها أن تلتزم بقرارات مستقبلية منذ ذلك الوقت المبكر. فيقول: “يجب أن نبقى طيلة حياتنا متقبلين أن تحملنا الرحلات الفكرية لاتجاهات جديدة وغير متوقعة. إن الفكرة في التعليم الفعال والهادف هو أن يسمح للفرد بتطوير نفسه بأن يكمل نموه وبالتالي يتغير. هذا التغير الذاتي ليس بالعينة النمطية المغيرة لمسار الحمض النووي الوراثي للإنسان والتي تجعله شخصا آخر، ولكنه إصلاح تدريجي يتكون من تحسينات غامضة على نحو ربما يكون من الصعب قياسه على المدى القصير“.
- ثم في حديثه عن (التدريب) حول طرق التفكير الفعّال، يسرد مجموعة من (المحفزات) التي ستؤتي أكلها -في نظره- ما إذا تمت تجربتها بصبر واجتهاد، عند مواجهة كافة المسائل، صغيرة وكبيرة، جادة وتافهة. منها: “افهم بعمق. ابدأ بالسهل. ألق الضوء على الأشياء المحددة. افشل بفاعلية. افشل بسرعة. افشل مرة أخرى. افشل عن قصد. ابتكر أسئلة. كن سقراط نفسك. اطرح أسئلة بديهية. اسأل عن شيء آخر. سر مع تيار الأفكار. اسع في كل الطرق. تبنّ الشك. لا تتوقف مطلقاً. تقبّل التغيير”.
ختاماً، إنه كتاب تحفيزي نحو طرق تفكير أكثر مرونة وأوسع خيالاً وأكثر إبداعاً، موجه لا لفئة الطلاب وحدهم، بل للحرفيين والرياضيين والفنانين والقادة ورجال الأعمال .. ولكل من حرص على طلب العلم مدى الحياة!
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (97) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهو في الترتيب (5) ضمن ما قرأت خلال سبتمبر! أما عن اقتنائه، فقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب الإلكتروني في ديسمبر العام الماضي، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!
على الهامش: لم اقرأ كافة التحديات واكتفيت بالتركيز على بعض منها. والكتاب قد يُصنف ضمن الكتب العلمية وكذلك تطوير الذات.
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: السرقة من المسلمين (الساراسن) / أنا والكتب / خطاب العنف وعنف الخطاب / مجتمع الاحتراق النفسي / اشف جسدك / كون عقلك / الاعتذار
وعلى رف (العلم) في مدونتي .. المزيد من الكتب
تسلسل الكتاب على المدونة: 547
التعليقات