ليليت .. بين تمردها وندم صانعها
ليليت .. امرأة الأساطير المتمردة، وابنة الحاضر التي جعلته واقعاً .. أو كذلك تحاول!
إنه بالأحرى ديوان .. ينقسم إلى ثلاثة أقسام تحكي كلها (عودة ليليت)، يظهر القسم الأول في شكل (قصيدة)، والثاني في شكل (مشهد درامي)، والثالث في شكل (نصّ) .. وهو الديوان الذي تسطر أبياته جمانة حداد، الشاعرة والكاتبة والصحفية والمترجمة والمحاضرة والإعلامية والحقوقية .. والتي عُرفت بنضالها لنيل الحقوق، رغم ما تلقى من ردود أفعال ضارية، تمسّها على شكل تُهم نسوية وإباحية وإلحادية كذلك!
وعلى الرغم من التراكيب اللغوية التي استخدمتها الشاعرة وبالغت في صعوبة إيصال المعنى المراد من النص، فقد نال الديوان نجمة من رصيد أنجمي الخماسي، وذلك لفكرته الأسطورية القائمة على التمرد لأجل الحق بغض النظر عن مقام المتمرِد ومقام المتمَرَد عليه .. وقد جاء التمرد هنا ضد الصانع الذي صنع أول ما صنع (ليليت Lilith) فجاءت عكس ما هوى وتمردت عليه وعلى مصنوعه الذكر، فلم تخضع لا للصانع ولا للمصنوع .. فما كان من ذلك الصانع الذي ظهر شبقاً ومتحيزاً ثم نادماً إلا أن صنع أخرى -وقد أتقن صنعته هذه المرة- فكانت كما صنع وخضعت لهما! وبالطبع، لم يغفل عن أمر خدّامه بالبحث عن ضّرتها ليليت، المتمردة الهاربة العاصية .. وإحضارها أمامه صاغرة!
تذكر الشاعرة في مقدمة ديوانها أن ليليت جاء ذكرها في “الميثولوجيات السومرية والبابلية والآشورية والكنعانية، كما في العهد القديم والتلمود”، فتقتبس من سفر إشعياء، الإصحاح 34: “لا يبقى هناك من الأشراف من يدعى للملك وجميع أمرائه ينقرضون. ويطلع الشوك في قصورها والقراص والعوسج في حصونها وتكون مأوى لبنات آوى ومسرحا لبنات النعام. وتلاقي وحوش القفر الضباع ويصيح الأشعر بصاحبه، وهناك تقر ليليت وتجد لنفسها مكاناً مريحاً”
قد يأتي الديوان ككل كإسقاط لأمنية ليليت التي ودت لو أن المصنوع الذكري لم يتخذها نداً له، وندم إذ فعل، فيعيشان معاً كطبيعة واحدة .. لذا، وهي رغم طبيعتها المحبة والمسالمة، أبت إلا أن تبقي على تمردها، وتأكل الحنظل لأجله .. ولا تتوب أبداً!
ومن الديوان الذي تهديه الشاعرة “إلى النساء السبع اللواتي يقمن فيّ”، أقتبس (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) جانباً من حوار الرجال السبع (العشيق، الأب، الابن، الزوج، المعلم، الأخ، الصديق)، المتحلقين فوق خشبة المسرح، يرتدون السواد، ويطلون من الحلقة المضيئة على فتحة تتطاير منها ألسنة اللهب .. إنها فتحة تطل على جهنم، أو (بيت ليليت):
الأخ: تلد نفسها إلى ما لا نهاية من دون أن تتكرر
الابن: هي سر نفسها ولا تعرفه
العشيق: ليست سراً .. هي خدعة
الأب: ليست خدعة .. هي كبرياء
الابن: ليست كبرياء .. هي سجن
الزوج: ليست سجناً .. هي طغيان
المعلم: ليست طغياناً .. هي فوز
الأخ: ليست فوزا .. هي جموح
الصديق: ليست جموحاً .. هي الفرصة
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الديوان (147) ضمن (150) كتاب قرأتهم في عام 2024، وهو في الترتيب (17) ضمن (20) كتاب قرأتهم في ديسمبر!
وللشاعرة قرأت هذه الشهر أيضاً ديوان آخر بعنوان (كتاب الجيم) .. كما قرأت لها مسبقاً: هكذا قتلتُ شهرزاد: اعترافات امرأة عربية غاضبة / سوبرمان عربي: عن الله والزواج والرجال الذكوريين وكوارث أخرى …. وعلى مكتبتي إصدارات أخرى لها لم أقرأها بعد.
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى ملاحقة الساعات لإتمام قائمة القراءة .. والتي تطول عادة في آخر شهر من كل عام!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: سقوط رجل/ حياة الكتب السرية / النوم إلى جوار الكتب / اسمها فلسطين / زيارة لمكتبات العالم / نساء رفضن عبادة الرجل / وقائع من حياة فتاة مستعبدة / النوم إلى جوار الكتب / الغيرة والخيانة / في مديح القارئ السيء / On Bullshit
وعلى رف (شعر ونصوص أدبية) في مكتبتي عدد جيد من الإصدارات، منها يعود لمكتبة العائلة العتيقة .. ومنها ما نشرت على مدونتي!
تسلسل الديوان على المدونة: 597
التعليقات