الكتاب
عزيزي العالم: فتاة سورية تروي الحرب وتُطالب بالسلام
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Dear World: A Syrian Girl's Story of War and Plea for Peace – By: Bana Alabed
المترجم/المحقق
ناتالي الخوري
دار النشر
نوفل / هاشيت أنطوان
الطبعة
(1) 2019
عدد الصفحات
195
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
11/11/2024
التصنيف
الموضوع
طفلة تخاطب العالم ويستجيب
درجة التقييم

عزيزي العالم: فتاة سورية تروي الحرب وتُطالب بالسلام

هنا تبدو الصغيرة (بانة) ذات الثمانية أعوام تتحدث -بما لا يطيق الكبار- عن أهوال الحرب الدائرة في وطنها الممزق بفعلها .. ما كان لها أن تشهدها وما كان للكبار أن يحملوا فظائعها .. في حين تبقى الروح المحبة للحياة بسلام، سمْتها، تحيط بها نفحات الأمل المتطلعة نحو مستقبل أكثر أماناً وحرية!

إنها الطفلة السورية التي بعثت بنعومة أظفارها رسالة إلى العالم تناشده منحها السلام .. من خلال تغريدة أسمعت الملايين وأشعلت تعاطفهم ولبّى بعدها من لبّى النداء .. فانتقلت وعائلتها والكثير من جيرانهم وأهل المدينة المنكوبة إلى الأراضي التركية، وهي تحمل ذكريات مؤلمة عن مشاهد قصف وقتل ودمار ودخان، وموت لم ينفك يتربّص بهم مع كل زفرة نفس!  فتقرر اطلاع العالم من جديد على تلك الذكريات بوقائعها المرعبة التي حصدت أكثر من نصف مليون سوري، وخلّفت أكثر بكثير من الجرحى .. وما تخللها من لحظات سعيدة لم تبرح مخيلتها، والتي خففت من وطأة الحرب في حينها وويلاته، وقد ضمنّتها ألبوماً يعرض تلك المساحة من الذكرى بصور حميمية تبعث على التبسّم تارة وعلى التقطيب تارات أُخر .. على أمل أن تحفّز كل من استطاع، تقديم المساعدة لمن يحتاج إليها، .. وهي تهديها إلى “كل طفل عانى ويعاني من الحرب” .. أو كما قالت لطمأنته: “لست وحدك”

بانة إضافة إلى مهارتها في الكتابة كما صرّحت في افتتاحية كتابها .. ساعدتها والدتها في سرد يومياتها، وناشرتها في نشرها باللغة الإنجليزية ..

فتجدها تنقل ابتداءً صفة السعادة الفطرية التي تلازمها، حيث تخبرها والدتها بولادتها والابتسامة تغطي وجهها الصغير ..

ثم تعبّر عن حبها الكبير لوطنها الذي ودّت أن تعيش فيه ولا تبرحه أبداً .. ووالدها الذي غيّبه عناصر المخابرات يوماً كاملاً فلم تقو على نسيانه، وما لبث أن عاد حتى اندلعت الحرب .. والقصف الذي بدأ يتوالى حتى باتت وأهلها وأهل المدينة يتعرفون على أنواع القنابل وطرق التصرف حيالها لحظة إلقاءها .. غير أن عيد الفطر الذي حلّ عليهم في تلك الأجواء قد لطّف أمزجتهم ودفعهم للتصرف بشكل طبيعي .. أما عيد الأضحى، فقد شهد قصفاً متزايداً ما دعا جديها للقرار آسفين مغادرة الوطن .. فتقول ها هنا بأنه لم يعد هناك مكاناً آمناً .. وقد كرهت الحرب من أعماق قلبها ..

وفي تركيا تنجب والدتها لها ولأخيها أخاً -رغم أنها تمنت بصدق أختاً- يسمّونه (نور)، أو كما تراه والدتها (شعلة نور في حياتهم) باتوا في أمس الحاجة إليها ..

ثم وبعد مدة يعودون إلى سوريا لا سيما مع أخبار تحسّن الأوضاع، وتشعر بانة بأن العودة إلى المدرسة كان أفضل ما خبرته فترة توقف القصف .. المدرسة التي أنشأتها والدتها برفقة صديقاتها، لأطفال الحي .. فرغم موت الكثيرين من ضمنهم صديقتها ياسمين، فقد كان على الباقي مواكبة التعليم من أجل نهضة بلادهم التي تنتظر عطائهم حين يكبرون، وليتعلموا كذلك إيقاف الحرب .. لم لا؟

يحلّ رمضان من جديد، وتستمر المناورات بين الجيش السوري الحر وجيش النظام فائق السلاح والعتاد! وفي لحظة امتزجت بالضيق ذرعاً من الحصار، وتحت وابل مستمر من القصف والموت والقلق والألم، تستشعر بانة ضرورة أن يفعل أحدهم شئياً، فتقرر أن تفعل هي، وتغرّد من حلب إلى العالم كافة قائلة: “أنا بحاجة إلى السلام” .. فتُفاجئ الصغيرة وعائلتها بتجاوب العالم .. ثم شيئاً فشيئاً، تطلق البطلة الصغيرة هاشتاغ تحرص على استخدامه باستمرار من أجل إبقاء العالم على اطلاع بما يجري في وطنها، ومن قلب الحدث ..

وبعد منشورات التحذير الساقطة عليهم والمهددة بإخلاء المنطقة والوعيد بالدمار الشامل الذي سيحلّ عليهم أجمعين ما لم ينتهوا، ومع توالي القصف ودمار منزلهم وانتقالهم لآخر متسخ تكرهه، وغياب والدها وعمها للبحث الدؤوب عن الماء، وحادثة تفجّر قنبلة أمام سيارة والدها التي تصيبه بشظايا تدميه .. تهرع بانة من جديد إلى العالم تترجاه لمد يد العون فوراً وقبل فوات الأوان، قائلة: “أرجوكم! أنقذونا الآن وفوراً” .. فيأتي العون من تركيا، وفي ندية للنظام السوري الذي غضب من تلك المحادثات مع العالم ومطالبتها بالسلام .. فتستقل أولاً هي وعائلتها والكثير من أهل المدينة الباصات، لتقلّهم من مدينة لأخرى على الحدود التركية .. ثم وعلى متن طائرة إلى تركيا .. حيث الأمان، حتى هذه اللحظة.

ومن السيرة التي جاءت في ترجمة متقنة من نصّها الأصلي (Dear World: A Syrian Girl’s Story of War and Plea for Peace – By: Bana Alabed) أدوّن ما علق في خاطري بعد القراءة .. بعيداً عمّا ورد من أهوال مضت .. علّها بلا رجعة، وأقتبس في نص حر (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

بينما تتمنى بانة وهي تُطفئ شموع عيد ميلادها الثامن، بألا تسمع صوت قذيفة وألا تراها مجدداً، وأن يتوقف البشر عن قتل بعضهم بعضاً ليعمّ العالم السلام .. وأن تتعلم وتكبر وترتاد الجامعة وأن “أعود وأعيش في حلب ذات يوم” كما قالت حينها .. وأن تحظى كذلك بـ (شقيقة) … تكتب والدتها بدورها ما تتمناه لها قائلة: “سوف نظل نشتاق إلى سوريا. ما انفكيت تسألين كل يوم، متى يمكننا العودة. آمل بأن يأتي هذا اليوم، فنرى بلاداً قد أعيد بناؤها وشعباً قد عاد إلى الحياة. بيد أن ذلك قد يستغرق وقتاً طويلاً، طويلاً جداً .. ربما تكونين قد أنجبت لي أحفاداً، حينئذ سأروي لهم القصص عن الحرب وعن مدى شجاعة والدتهم وجرأتها، وكيف أبَتِ الاستسلام وكيف جَعَلَت من مساعدتها الغير واجبها الوحيد الأوحد .. وكيف نشرت رسالة أملٍ وسلام! سوف أخبرهم بأن والدتهم بطلة وأنت حقاً كذلك يا بانة بطلة .. وأنا فخورة جداً بأن أكون والدتك. أحبك يا بن بن، أكثر مما قد تتخيلين يوماً ….. مع خالص حبّي (ماما)”.

وفي كلمة أخيرة: يستحق هذا الكتاب أن يضمّن مناهج الأطفال التعليمية، كنموذج في الكتابة الإبداعية المبكرة من ناحية .. ومن ناحية أخرى كنموذج حي في رفض الظلم ومقاومته وفضح أباطرته، والسعي نحو نيل الحقوق .. في أي عمر كان وبأي وسيلة كانت .. ومهما كلف الثمن.

 

تم نشر مقالة عن الكتاب في جريدة الشرق

المراجعة الصوتية للكتاب

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (118) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهو ثالث ما قرأت في نوفمبر .. وقد حصلت عليه من متجر بيت الكتب في ديسمبر 2023، ضمن (120) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة!

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: العشق / ملوك الهرجلة / أهل الكتابة والقراءة / مائة نصيحة لحياة سعيدة / الاكتئاب: أسبابه وطرق علاجه / داخل المكتبة .. خارج العالم / من كتبي: اعترافات قارئة عادية / لا سلام لفلسطين: الحرب الطويلة ضد غزة

وعلى رف (سيرة ذاتية) في مكتبتي عدد جيد من الإصدارات .. منها ما نشرت على مدونتي!

تسلسل الكتاب على المدونة: 568

تاريخ النشر: نوفمبر 22, 2024

عدد القراءات:328 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *