الكتاب
سوبرمان عربي: عن الله والزواج والرجال الذكوريين وكوارث أخرى
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Superman is an Arab: On God, marriage, macho men and other disastrous inventions - By: Joumana Haddad
المترجم/المحقق
نور الأسعد
دار النشر
دار الساقي
الطبعة
(1) 2014
عدد الصفحات
287
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
02/22/2020
التصنيف
الموضوع
عربية ملحدة تمزق بورتريه السوبرمان العربي .. صغيرة وكبيرة
درجة التقييم

سوبرمان عربي: عن الله والزواج والرجال الذكوريين وكوارث أخرى

كتاب إعصاري آخر بقلم الغاضبة أبداً جمانة، يعصف بأستار المجتمع الشرقي المتواري خلف نصوص ليست بالضرورة مقدّسة، وأعراف أكل عليها الدهر وشرب وهو في ألفيته الثالثة، ليكشف عن وجوه شاخصة في قبحها، تستهدف بكل ما أوتيت من عنف وكيد واضطهاد كيان المرأة العربية، كإنسان في المقام الأول .. مع سبق الإصرار والترصد!. إن جمانة تقول فتوجع! لم لا؟ فهي تنتسب إلى الموجة (النسوية الثالثة) أو كما يُعرف بجيل (ما بعد النسوية)، وهي الموجة التي لا تهين جنس مقابل إعلاء جنس آخر، حيث تناصر المرأة دون معاداة الرجل، بل وإنها تقدّم حجّتها وفق منطق وموضوعية وعلم وحيادية، بعيداً عن أي سيطرة دينية أو عُرفية .. الأمر الذي يوجع الذكوريون بحق حين لا تظهر في الصورة النمطية للنسوية التي يتوخونها في كل حال ومقام .. فارغة العقل عارية الجسد، ترفع فوقه شعار الملكية والحرية .. ليتسنى لهم بطبيعة الحال رجمها بحجارة العار والحرام!.

إنها إذاً جمانة حداد .. تلك التي تطلّ إعلامياً كنار فوق علم! إنها كاتبة وشاعرة وصحفية ومترجمة ومحاضرة وإعلامية وحقوقية بارزة، وأم لشابين تفخر بهما .. جميلة المخبر كما المنظر .. تتقن اللغات وتحاور الأدباء وتبارز الساسة وتستفز الدُعاة وتناضل من أجل كلمة الحق، وتلقى ما تلقى من هجوم ضارٍ ضد دعاوى نسوية وإباحية وإلحادية كذلك!. لقلمها انسيابية رغم قساوته تمزج لحظات قراءة آرائها بالمتعة والإعجاب وشحذ الفكر .. رفضاً أو تأييداً.

تعرض صفحة المحتويات للكتاب الذي حدد عنوانه الفرعي محاوره في (عن الله والزواج والرجال الذكوريين وكوارث أخرى)، عشرة قذائف، بالإضافة إلى كلمة المقدمة التي جاءت بعنوان (لماذا أنا ملحدة؟) والكلمات الختامية في مجموعة جاءت تحت عنوان (أصواتهم الجميلة في رأسي)، أذكرها تباعاً كما يلي:

  1. لماذا هذا الكتاب؟
  2. كيف بدأ كل شيء (بشكل عام)؟
  3. كيف بدأ كل شيء (بالنسبة إليّ)؟
  4. كارثة اسمها الأديان السماوية
  5. كارثة اسمها الخطيئة الأصلية
  6. كارثة اسمها الذكورية
  7. كارثة اسمها صراع الجنسين
  8. كارثة اسمها العفّة
  9. كارثة اسمها الزواج
  10. كارثة اسمها الشيخوخة

ومن الكتاب الذي يظفر بأربع نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، أطرح في الأسطر التالية ما أصاب ذاكرتي من قذائفه أثناء القراءة، وعلى طريقة شهرزاد التي قتلتها من قبل الكاتبة العربية الغاضبة لتخاذلها الذي مجّده قومها، وهي تبدأ كتابها بصورة من ألبوم ذكرياتها .. وكان يا ما كان .. حينما كانت طفلة فطنة، تكره سوبرمان الكاريكاتوري الذي ترفض أن تحيا معه ما لم يخلع رداء الكمال (السوبرية) ويتصرف كرجل حقيقي، له ماله وعليه ما عليه:

  • تتبرأ ابتداءً وهي (في مديح الأنانية) من أي هدف لها للتغيير، فلا يهمها وهي الملحدة أن يلحد المؤمنين، فطوبى لهم أوهامهم .. ولا أن تفرض على الذكوريين احترام المرأة طالما أنها ومعشر الحقوقيين من النساء والرجال على قيد الحياة، ولا بد للحياة أن تحدد المكان والزمان للتصادم فيما بينهم .. ولا يهمها إثبات عملية غسيل المخ التي تعرضت لها المحجّلة في سوادها في محراب المجتمع البطريركي، ولا العارية على أغلفة البلاي بوي في ماخور نفس المجتمع البطريركي .. لا يهمها تغيير العالم بقدر أن تحيا فيه .. فقط كما هي، من غير نفاق ولا رتوش ولا صفقات مساومة!.
  • تسرد سيل من الحقائق في (كارثة اسمها الذكورية) مع شيء من الإحصائيات العالمية الصادمة، منها: من بين كل ثلاث نساء تتعرض واحدة للعنف الجسدي أو الجنسي، لا سيما من قبل الأزواج. 50% من النساء المغتصبات هنّ قاصرات ما دون سن السادسة عشرة. 30% من النساء خضن تجربتهن الجنسية تحت الإكراه. 140 مليون فتاة تعرضت أعضائهن التناسلية لعمليات تشويه. 60 مليون فتاة قاصرة نزفن ليلة زفافهن. تسجل عملية الإتجار بالبشر سنوياً 4 مليون فتاة، تتعرض 60% منهن للاعتداء الجنسي قبل صفقة التجارة. تنضم مليون فتاة سنوية لمهنة الدعارة. تتعرض واحدة من اثنتين لملامسات أو ايحاءات أو تحرشات جنسية في ميدان العمل. 90% من قضايا التحرش الجنسي تتم من قبل رجال ضد نساء. تقضي 20 ألف امرأة نحبها سنوياً في جرائم الشرف، تتنوع أسبابها، بين التعرض للاغتصاب، الزواج القسري، اختيار زوج المستقبل، ارتداء ملابس لا تتفق وتقاليد المجتمع.

ومن الكتاب الذي لا بد وأن يثير حفيظة العرب من ذوي النعرة الذكورية -مع ما قد يثير- أقتبس في نص ناري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) ما ورد في تبرير الكاتبة عن رفضها فكرة السوبرمان، فهي تطالب برجال حقيقيين بما هم عليه من نقاط ضعف كما نقاط القوة .. بزلاتهم وخجلهم وعيوبهم، من غير هويّات زائفة تتصنّع القوة التي لا تُقهر والعقل البارع الفكر، بعقلية لا تعتقد التفوق على المرأة في قول أو عمل، بنفسية لا تُصاب بالحرج حين تطلب منها العون: “رجال لا تتحدد هويتهم بناء على مقاييس قضيبهم ومدى كثافة الشعر على صدورهم، رجال لا يعرّفون أنفسهم وفقاً لأدائهم في السرير أو حسابهم في المصرف، رجال يولونك آذاناً صاغية عوضاً عن محاولة إنقاذك بكل عجرفة وفوقية، رجال لا يشعرون بالمهانة أو بنقص في رجولتهم إذا خذلهم انتصابهم بين الفينة والأخرى، رجال يناقشون مصلحتنا بالتشاور معنا عوضاً عن إخبارنا بكل عنجهية: (دعي الأمر لي)، رجال يعتبروننا شريكات لهم لا ضحايا أو مهام أو جوائز، رجال يطلعوننا على مشكلاتهم ويشاركوننا همومهم بدل الإصرار على حلها بأنفسهم” .. في كلمة مختصرة: إنها تبحث عن رجال حقيقيين لا تعتور رجولتهم النقص وهم يخوضون محاولات الاستدلال على الطريق الصحيح، بدل ادعاء العلم الكامل الشامل من باب إحاطتهم بكل شيء علماً “مجازفين تالياً بإضاعة طريقهم في أغلب الأحيان”.

وللكاتبة الثائرة على مكتبتي الغرّاء إلى جانب هذا الكتاب، كتب أخرى، هي: (هكذا قتلتُ شهرزاد: اعترافات امرأة عربية غاضبة / بنت الخياطة / الجنس الثالث) .. أما كتاب (صحبة لصوص النار: حوارات مع كتّاب عالميين)، فقد بحثت عنه كثيراً في نسخته الورقية ولم أجده!.

أقول: وبعد قتل شهرزاد، يأتي الدور على سوبرمان .. وإني لأرجو أن يطال التقتيل كل أسطورة أو أيقونة أو صنم أو مضرب مثل، صنعه البشر لخدمة مصلحة فئة على حساب أخرى .. فليس هناك ذئب في المدينة يتربص بكل ليلى، وليست ليلى على ذاك القدر من البراءة حدّ السفه .. وليس الأمير الوسيم حلم النساء ولا هو الحل السحري لاضطهاد سندريللا من قِبل أختاها وأمهما وهن نساء بطبيعة الحال .. ولا زوجة الأب تلك شريرة بغيضة تسمّم بياض الثلج غيرة وحسداً، ولا قُبلة الأمير الآخر هي ترياقها ولا إكسير الحياة من قبل ومن بعد .. ولا تحتاج أي فتاة لأن تُقبّل كل الضفادع حتى تعثر على ضفدع روحها .. وغيرها من أساطير الأولين التي لا تزال تعبّر عن ثقافات تعمل بمنهجية منذ الأزل على تسييد الرجل وتشييء المرأة، في شريعة غاب يسودها قانون الذكورة بامتياز!.

وأخيراً أقول: إن الكاتبة التي قد يؤخذ على كتابها -بالإضافة إلى الطعن في سوبرّية الرجل العربي- ازدراء الأديان من منطلق الإلحادية التي تعتنقها، وبلوغ الحد في التطاول على الذات الإلهية والمؤمنين به، إلا أنها لم تدّخر وسيلة في التعبير عن موقفها ضد اللامساواة الممنهجة بين الجنسين .. بين الموضوعية والجدية، الفكاهة والاستهزاء، الغضب والاستفزاز .. انتهاءً بشاعرية القصائد .. وحُق لها في كل ذلك!

وأختم بالدعوى الحكيمة التي طالبت بها الكاتبة، والتي على الرغم من فاعليتها في إخماد الكارثة المفتعلة في صراع الجنسين، فهي فطرية في القول والفعل كفطرة الإنسان في طبيعته .. إذ أنه: “حان لنا أن نتجاوز القشور ونصل إلى الجوهر .. حان لنا أن نحتفي بقوة الأنوثة المختلفة في بعض نواحيها ومنابعها وطاقاتها عن قوة الذكورة، ولكن التي لا تقل عن الثانية غنىً وفاعلية”.

شكراً جمانة .. وفي انتظار مزيدك.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (9) في قائمة احتوت على (105) كتاب قرأتهم عام 2020 تتضمن تسعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (100) كتاب فقط! وهو خامس كتاب اقرأه في شهر فبراير من بين ستة كتب .. وقد حصلت عليه من مكتبة جملون الإلكترونية في ديسمبر عام 2019 ضمن (35) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي في تلك الشحنة.

لقد كان 2020 عام الوباء الذي جاء من أعراضه الجانبية (ملازمة الدار وقراءة أكثر من مائة كتاب)! لم يكن عاماً عادياً وحسب .. بل كان عاماً مليئاً بالكمامات والكتب.

وفي هذا العام، دأبت على كتابة بعض من يوميات القراءة .. وعن هذا الكتاب، فقد قرأته في شهر (فبراير)، والذي كان من فعالياته كما دوّنت حينها:

يبدأ الفايروس بالتوحش ويبدأ الحجر الصحي مع نهاية الشهر“.

تسلسل الكتاب على المدونة: 195

تاريخ النشر: مايو 19, 2022

عدد القراءات:789 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *