كتاب لا يتجاوز المائة صفحة يستعرض عدداً من الأسئلة التي تأخذ طابع حالات ومواقف وخبرات إنسانية تعرّض لها أصحابها في حياتهم الشخصية، عُرضت على المؤلف د. طارق الحبيب الذي قام بمعالجتها نفسياً وعلمياً وإنسانياً كذلك، من خلال رده المختصر المفيد عليها. رغم هذا، فإن الكتاب لا يخلو من الرتابة في بعض جوانبه، غير أنه من الممكن اعتباره جيد إجمالاً.
عليه، استحق الكتاب نجمتين من رصيد أنجمي الخماسي والذي أسرد من خلاله ما علق في ذهني بعد القراءة، وباقتباس بلون النفس المكلومة (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) كما يلي:
- الطالبة المسلمة التي تحب السيد المسيح والبابا معه: قد تعاني من هوس أو اضطراب في الشخصية، وعلاجها يتم عن طريق رفع القيمة الذاتية للطالبة، واستبدال الرمز الخاطئ برموز أخرى في الدين والأخلاق، ومع بعض العقاقير إن تطلب الأمر. وأقول: لا يمنع هذا من حب السيد المسيح كنبي كريم واحترام البابا في رمزيته لدين سماوي مبجّل.
- يخاف من مجتمع النساء والتي تسبب له إحداهن مغص معوي وزغللة عين: يعلّق د. الحبيب بالعموم مشيراً إلى أصل المشكلة في أن “التربية التي تعتمد على التعنيف والنقد اللاذع تسبب الخوف الاجتماعي بكل درجاته وأشكاله”.
- وعن الأسباب العلمية للانفعال وطرق ضبطه: يؤكد د. الحبيب أن “المشاعر المتأججة غير المنضبطة والانفعال الأهوج السلبي يستهلك الطاقة الإيجابية الموجهة بعقلانية عملية. التعبير لا يعني السب أو تبادل الشتائم، إن التعبير بمعناه الصحيح هو مناسبة ردة الفعل للفعل الأصلي في القوة والتأثير وتحقيق الهدف. وعلى الرغم من مظهر القوة الذي يتلبّس المنفعل، إلا أنه في الحقيقية يدل على هشاشة الشخصية، إذ أن “الانفعال السلبي هو حيلة دفاعية لا شعورية يعتمدها البعض للتنصل من المسئولية العملية الايجابية. هو في ظاهره قوي ولكن باطنه معنى الضعف والخذلان، وهو يفتقد الموضوعية وردة الفعل المؤثرة والمحكمة”. يستطرد د. الحبيب بعد ذلك في عرض بعض الطرق لإحكام الانفعال، منها: الاسترخاء، عدم التعاطي مع الأمور بصورة شخصية، أن تكون ردة الفعل ارتقائية لا تشنجية ولا فورية.
- الطفلة التي بدأت بالتأتأة في الحادية عشرة من عمرها بعد أن كانت سليمة! الأسباب والعلاج: يعالج التأتأة أخصائي النطق والتي هي عبارة عن تقطّع أو تردد أو توقف عن الكلام مع اضطرابات جسدية كالاحمرار أو التعرّق، غير أن جذورها عادة ما تكون نفسية. ومن الأسباب ما يكون: التوبيخ والإحباط. أما الأعراض فمنها ما يأخذ شكل: الشعور بالقلق والخوف، الانسحاب اجتماعياً، اهتزاز الثقة بالنفس. وعن طرق العلاج فعديدة، منها: التدريب والتشجيع على النطق السليم، التروي، السماح للطفلة بإبداء الرأي.
….. وهناك أيضاً:
- الأبنة التي تغيرت معاملتها لوالدها بعد الزواج وصلت إلى حدّ التلفظ بألفاظ غير لائقة، والمنّ عليه في البذل، ومنع أبنائها الخمس من التواصل معه.
- الأب الذي يسئ معاملة أكبر أبنائه وزوجه وأولاده -خلاف معاملته لأبنائه الآخرين وأولادهم- رغم أنه لا يبخل عليه بشي، بل أنه أنجب “له أول أحفاد في حياته” ويعمل في نفس مجاله ويسكن قريباً منه.
- الطفل ذو العامين الذي يقلد أخته ذات السبعة أعوام في وضع المكياج وتمشيط الشعر “ويقوم بالحركات الناعمة تثير استغراب من حوله”.
- الطفل ذو العشرة أعوام الذي يضرب أخاه الصغير بقسوة من وراء والديه، وينكر حين المواجهة وكذلك الصغير الذي يكون قد “هدده وأخافه كي يمتنع عن الكلام”. وقد اعتاد رسم صور مرعبة لأفراد يتقاتلون ويُقتلون.
- الطفلة ذات الثمانية أعوام المفرطة في الحركة، والتي باتت عدوانية مع الجميع وتلجأ إلى استخدام أسلوب الضرب معهم، ومشكلتها مع والدها الذي يعاملها بجفاف، والتي لاحظتها والدتها مؤخراً “تقوم بعمل حركة تشبه العادة السرية”.
- الفتاة ذات السابعة عشرة عاماً التي تعرضت لتحرش جنسي طفيف من عمّها حين كانت في التاسعة من عمرها والذي فيما بعد استقام وتزوج وأنجب، والتي لا تريد فضحه لكنها أصبحت الآن تميل إليه وتغار من زوجته، و “هو يتصرف كأن شيئاً لم يكن”.
- الزوج الذي خان زوجته مع الخادمة واعترف لها بأن ما كان ليس بسبب تقصير منها بل بلحظة إغواء منه، الأمر الذي لم تستطع الزوجة غفرانه حتى بعد مرور سنتين عليه، فهي لا زالت تشتعل غضباً وتفكر “في الانتقام أو الانتحار”.
- الزوجة التي تعمل وتعيل أسرتها منذ أربعة أعوام بينما زوجها عاطل عن العمل، واللذان تفاقمت بينهما الخلافات الزوجية والتي قد تؤثر سلباً على الأبناء، والتي تخشى أن يصبح أبنائهما “الذكور مثله إذا كان هو مثالهم”.
… وهنالك المزيد!.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (9) كما دوّنت ضمن قائمة من كتب قرأتهم في عام 2017، غير أن ذاكرتي لا تسعفني، ولا حتى مفكرتي القديمة بما تحويه من ملاحظات، ولا مسودات التدوين في حينها، من تعيين إجمالي عدد الكتب التي قرأتها في هذا العام بالتحديد! ملاحظة: أجد بخط يدي على هامش مفكرة العام عبارة: (33 كتاب) .. لا أعتقد أنها ملاحظة دقيقة.
لكنني لا زلت أذكر تماماً الأعوام الثلاث التي قضيتها في تحصيل دراساتي العليا في المملكة المتحدة، والأعوام التي تلتها وأنا منهمكة بجد في عملي المهني الذي لا يمتّ بصلة لهواية القراءة لا من قريب ولا من بعيد .. الدراسة التي استحوذت على حياتي حينها، والعمل الذي كان يستنفد القدر الأكبر من وقتي وطاقتي، بحيث لا يتبقى للقراءة في نهاية اليوم سوى القليل من الوقت والتركيز .. ولله الحمد دائماً وأبداً.
تسلسل الكتاب على المدونة: 65
التعليقات