هنا جانب مكشوف، أعور وفضائحي للنفس البشرية .. يتأصل فيه همجية تستمد من الوحوش فنون بطشها، وتترقب منفذاً حتى تفتك بأخوتها في البشرية!
فمن بين تقرير مباشر أعدّه صحفي ألماني جرئ بصحبة مصور ومترجم، لجرائم مروّعة ضحاياها من نساء وفتيات وطفلات استطاع بعضهن الهرب دون غيرهن حيث أدلين بشهاداتهن، وبين صورهن المطبوعة والممزوجة بجمال مذعور .. يسفر وجه قبيح لجماعة إرهابية استوطنت مستنقعات (غابة سامبيسا) شمال شرقي نيجيريا، تسمّت (بوكو حرام)، أو “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”، وعمد أعضائها وعلى رأسهم كبيرهم (أبوبكر شيكاو) إلى تقتيل الرجال واستحياء النساء، ومن ثم تزويجهن أو زجهن في عمليات انتحارية، بحجة الجهاد ضد الكفار، لا يستثنون في هذا المسلم من المسيحي من غيره .. فالكل كافر دونهم! تبدو (ليديا) وهي تتصدرهن على غلاف الكتاب، الفتاة المسيحية ذات السبعة عشر ربيعاً، والتي اختطفها الخاطفون وتكسّرت ساقاها وذراعيها بفعل قنبلة ألقيت أثناء معاركهم الدموية.
ومن المجموعة المأساوية التي جاءت في ترجمة متقنة من النص الأصلي (Die geraubten Mädchen: Boko Haram und der Terror im Herzen Afrikas) واستقطعت ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس في نص وحشي مقتطفات (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
- يقول كبيرهم في أحد خطبه الخبيثة: “أيها الأخوة، عليكم أخذ عبيد لكم. لقد اختطفت فتيات من إحدى المدارس وهنّ يُعانين من التشوش والحيرة، وأنا أقول إننا يجب أن نمنع التعليم الغربي. لقد اختطفت الفتيات. وسوف أبيعهن في السوق بعون الله. فهناك سوق يُباع فيه البشر. يقول الله إنني يجب أن أبيعهم. وهو يأمرني أن أبيعهن. سوف أبيع نساء. أنا أبيع نساء“.
- أما (آجنيس) فتروي حكايتها وفي حجرها طفلها الرضيع (موسى) الذي أنجبته من مغتصبها، إضافة إلى أطفالها الثلاث من زوجها الذي قتله الإرهابيون، والذي كان متزوجاً من أربع نساء رغم كونه مسيحياً، أو كما كان يعمد إلى تغيير دينه كثيراً! وبينما عينا (موسى) الصغير تحملقان في اللاشيء، تصرّح أمه بعدم حبها له وامتناعها عن إرضاعه، مع علمها بألا ذنب له! فتقول: “هربت مع خمسين امرأة أخرى، ولكنني لم أتمكن سوى من بلوغ قرية في الأحراش؛ لأن آلام المخاض داهمتني عندئذ. اهتمت بي إحدى العائلات وساعدتني في وضع الطفل. كانت الولادة مؤلمة للغاية، ولادة الطفل الذي منحني إياه ذاك الرجل. لم يكن أمامي خيار. تعين عليّ الزواج به في الغابة. لقد قتلوا نساء رفضن ذلك. هذا ما رأيته بعيني. في الأسبوع الأول بعد أن اقتادوني إلى هناك. وكانوا قد ساقونا إلى المذبح بالمدينة الأخيرة التي تسبق الغابة، واسمها “جووزا”. هناك كانت خمسون امرأة مسجاة على الأرض وقد اصطففن في خمسة صفوف وأذرعهن مقيدة وراء ظهورهن. ثم ساق مقاتلو بو كو حرام نساء أخريات إلى الداخل. وهن نساء بوكو حرام. كنّ يرتدين نقاباً أسود اللون. قال أحد الأمراء: “انظرن، كيف تقتل النساء نساءً”، حينئذ وقفت امرأة منتقبة وراء كل واحدة من السجينات. صرخت إحدى النساء المقيدات وقالت إنها نادمة، وإنها مستعدة للزواج. ففكوا قيدها وأخرجوها من الساحة. وهكذا تبقى تسع وأربعون امرأة مسجيات هناك. لقد عدوهنّ بالضبط. بينما كنا نحن نراقب ذلك على بعد مائة متر. لم يريدوا أن نقترب أكثر من ذلك حتى لا نتعرف على إحداهنَ وننادي باسمها. ألقى أحد الرجال خطبة ولكننا لم نتمكن من فهمه. ثم أعطى أمره بقتل النساء. شرح الرجال للنساء المنتقبات كيف يستخدمن السكين بشكل أمثل. أستطيع أن أتذكر أن أحدهم انحنى نحو واحدة من النساء وجذب برأسها إلى أسفل، ثم وضع السكين خلف رقبتها. أرادت إحدى النساء المنتقبات أن تقطع الرأس من العنق حتى تموت السجينة أسرع. إلا أن الأمير منع ذلك. وقال إن عليهنَ قطع الرقبة من الخلف. استدارت النساء على الأرض وتأوهن. لم يستغرق الأمر سوى عشر دقائق حتى كانت جميع الرؤوس مقطوعة. ظلت الأجساد تنتفض لفترة طويلة بعد ذلك“.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (104) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهو في الترتيب (4) ضمن ما قرأت في أكتوبر! أما عن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2023 ضمن (400) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: إيروتيكا الشعر الصيني / التدرب على السبيل: نحو حياة ذات معنى / الحب هو الحقيقة الوحيدة / تأملات في شقاء العرب
وعلى رف (سيرة ذاتية) في مكتبتي عدد معقول من الإصدارات .. منها ما نشرت على مدونتي!
تسلسل الكتاب على المدونة: 554
التعليقات