الكتاب
القرية التي كنا فيها
المؤلف
دار النشر
دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2023
عدد الصفحات
190
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/20/2024
التصنيف
الموضوع
ديوان أنيق لفصيح العرب
درجة التقييم

القرية التي كنا فيها

ديوان عذب بين مدح وغزل وحب للوطن يكتنفه شجن .. يبدو فيه الشاعر كالذي يخلق أبياتاً تنساب كرقة الندى على صفحات خد الحبيبة، يخدشه شيء من غزل جسور، ليعرض من هنالك أبيات أخرى ترثي الوطن الكبير وتحييه في آن، وهو لا يغفل في خضم ما جادت به قريحته من فنّ مقفّى، مداعبة الصديق بأبيات جاءت في مناسبات متفرقة.

فمن هو هذا الشاعر؟

إنه (محمد ياسين صالح) الذي يعرّفه موقعه على شبكة المعلومات بأنه (مذيع وصحافي في قناة الجزيرة، حاصل على بكالوريوس في اللسانيات وماجستير في الترجمة ولُقب “فصيح العرب” في برنامج فصاحة) .. وبأن برنامجه الحالي (تأملات) يُعد ضمن البرامج الأعلى مشاهدة على شاشة القناة، والذي في كل مقدمة له يقول:

إزاء الغيم تنهمرُ الحروفُ

لها نغَمٌ يحسُّ به الشّغوفُ

يرى فيها غصوناً باسقاتٍ

على أطرافها تدنو القطوفُ

فإنْ لبثَتْ مقاليدُ المعاني

مسطّرةً تنوءُ بها الرّفوفُ

فتحنا في صميم العلمِ باباً

فقال الدّهرُ: قد جاز الوقوفُ

وهو إذ يبرع في الشعر نصّاً وترتيلاً، يصرّح بأن كتابة الشعر في الأساس تأتي لقول ما لا يُقال، ولخوض معارك تُحرر دولاً على خارطة اللغة بعد أن تدور رحاها في ساحة الكلمات، ولإعطاء الشعر فرصته ليكتبه ولتخبره اللغة حينها بأنه هيهات لا يملكها إلا بقدر ما تتملك هي منه! من ناحية أخرى، والناقد (علي المسعودي) يقدّم لديوانه الأنيق، يجده كمن يلتقط تارة من كلام الناس العرضي فيردّه لهم مرتباً، وتارة من المعاني الأصيلة أطيبها كالذي مرّ بأرض لم يطئها من قبله أحداً، غير أن الملمح الآخر الذي يتراءى للناقد في الشاعر هو الشعر الذي يتنشّقه ويعيشه ويرويه “به يحب وبه يغضب وإليه يهرب من ضيق مفاجئ أو حزن مباغت”. ومن المفارقات أن يحمل الديوان قصيدة كتبها الشاعر اعتزازاً بصديقه الناقد الذي سعى لمعرفته، فأضاف لعقله أبعاداً فكرية ولذاكرته الياسمين. فتراه يقول في حقه:

يممت وجهي للندى والجودِ

ولكل فعلٍ رائع محمودِ

فلقيت لافتةّ عليها اخوةٌ

قد سطروا فيها علي المسعودي

ومن الديوان الذي أهداه الشاعر لساعات الطفولة التي قضاها -على غفلة من أمره- متمنياً أن يكبر، ونال ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي، أقتبس أبياتاً راقت لي (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) إضافة إلى ما سبق:

  • يقول في خواتيم قصيدة (قرأ الصغار بيانهم) التي تصف صغار العرب في ذلهم يتلون بيان تنازلهم، والمسرى يحتوشه كيان زائل:

ودعوا لوعدِ الله طفلاً جاءهُ

من سورة الإسراء وعدٌ حاصلُ

لتُمكننّ وتنصرنّ وتعلون

ويتبرنّ الخائنُ المتخاذلُ

  • ويأخذ منه الشوق مأخذاً في قصيدة (أحنّ إلى دمشق) وعودته المرجوة:

أطلّ ندىً تعاقره الورودُ

أغيبُ سدىً تخاتله الوعودُ

أحنُّ إلى دمشقَ ولستُ أدري

أعودُ لأرضها أم لا أعودُ

  • أما عن (بغداد) التي جعل منها وجع القصيدة، والنهران قاموسان يجري في مجراهما السخاء، فيقول:

يتساءل الماضون أنى صرخةٌ

عادت إلينا بعد طول فراقِ

قيل أسألوا قاموس كل فضيلة

من أين أصل العز؟ قال: عراقي

  • وفي (الأعياد) التي تأتي ممتدة في رفقة الصديق الصدوق، يقول:

إذا كانت الأعياد يوماً وليلة … فصحبتك العيد الذي ليس ينقضي

  • وعن مهذبة (تهذي بها) روحه، فيردع طرفه تهذيبها، يقول:

أمسكتُ أقلامي لأكتب ذي بها

أفدي التي روحي غدت تهذي بها

إن أقبلَتْ والشوق يلمعُ في دمي

يرتدُّ عنها الطرْفُ من تهذيبها

  • وعن ثلاث نِعم يداوين الجراح، يمسي عليهن ويُصبح، يقول في قصيدة (اغتباق واصطباح):

بحسبي في اغتباقي واصطباحي

ثلاث كالدواء على الجراح

مكحّلة وكأس بابلي

ونافذة تطل على الصباح

  • وفي مدحه ﷺ يقول في خواتيم (وكل قصيدة فيك اعتلاء):

 رسولَ الله جئتك ملء قلبي  

على إثر الذين هُدُوا وجاؤوا 

رجالٌ صدقوك بكلّ رأيٍ

لهم “نعمٌ” إذا للنّاس “لاءُ

وقد ضاعوا قبيل هداك حتى

إذا ما جئتهم بالنور ضاؤوا

وطال البغي بينهمُ دهورا

فلمّا جئت بالتوحيد فاؤوا

لهم فخرٌ بشرعك وانتماءٌ

إذا ما عُدّ فخرٌ وانتماءُ

رسولَ الله فاتحتي سلامٌ 

وتسليمٌ وقافيتي ثناءُ

خلعت على بدايتها ردائي

فهل لي عند آخرها ارتداءُ

فأعلو في سماء الشعر نجماً

وكلُّ قصيدةٍ فيك اعتلاءُ

وللأشياءِ لا بدَّ انتهاءٌ

وما للشوق في صدري انتهاءُ

  • وفي رحابه جل جلاله، يكتب قصيدة (في الغدو والآصال):

ظلِّي وظلُّ النخل والأطوالِ

سجدت لربٍ واحدٍ متعالي

سجدت له عند الغُدو مطيعةً

ومطيعةً سجدت لدى الآصالِ

يا من له عنت الوجوه تولّني

وأظلني إذ لا تحينَ ظلالِ

بالفضل لا بالعدل عاملني إذا

ما ساء في يوم التغابن حالي

فخرُ المفاخر أنني لك مسلمٌ

ولقد مننت به بغير سؤالِ

فأجب دُعائي إذ سألتك جنةً

ليست تبلغني لها أعمالي

 ختاماً، وبدوري أقول: لست ممن يكتب الشعر، وودت لو .. غير أني عادة ما استحضر من ذاكرتي ما يُسعف منها مواقف أواجهها في اللحظة! وفي هذا المقام، أجدني أردد مع شاعر النيل حافظ إبراهيم ما جاء في تساؤلات اللغة العربية: (أنا البحر في أحشائه الدر كامن … فهل سألوا الغواص عن صدفاتي)؟

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الديوان (145) ضمن (150) كتاب قرأتهم في عام 2024، وهو في الترتيب (15) ضمن (20) كتاب قرأتهم في ديسمبر .. وقد حصلت عليه من (مكتبة ألف) خلال الشهر، مع سبعة كتب آخرين!

ملاحظة: لم أعثر على قصيدة تحكي عن (تلك القرية التي كانوا فيها) والتي احتلت عنوان الكتاب! فهل سقطت سهواً؟ أم أنها ذُكرت عرضاً في ثنايا قصيدة ما؟ أم أن للعنوان مغزى آخر لا بالضرورة عنوان لقصيدة؟

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى ملاحقة الساعات لإتمام قائمة القراءة .. والتي تطول عادة في آخر شهر من كل عام!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: سقوط رجل/ حياة الكتب السرية / النوم إلى جوار الكتب / وداعاً لآلام المفاصل / عودة ليليت / كتاب الجيم / اسمها فلسطين / زيارة لمكتبات العالم / نساء رفضن عبادة الرجل / وقائع من حياة فتاة مستعبدة / النوم إلى جوار الكتب / الغيرة والخيانة / في مديح القارئ السيء / On Bullshit

وعلى رف (شعر ونصوص أدبية) في مكتبتي عدد جيد من الإصدارات، منها يعود لمكتبة العائلة العتيقة .. ومنها ما نشرت على مدونتي!

تسلسل الديوان على المدونة: 595

تاريخ النشر: ديسمبر 23, 2024

عدد القراءات:126 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *