الكتاب
اعترافات تولستوي
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Исповедь - By: Лев Николаевич Толстой
المترجم/المحقق
الأرشمندريت أنطونيوس بشير
دار النشر
دار التنوع الثقافي
الطبعة
(1) 2018
عدد الصفحات
128
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/18/2024
التصنيف
الموضوع
صراع الإيمان بالله بين عقل فيلسوف وقلبه
درجة التقييم

اعترافات تولستوي

هنا يظهر الإيمان بالله في صراع بين عقل فيلسوف وقلبه .. وأيهم؟ إنه (الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي 1828 : 1910) أحد عمالقة الأدب الروسي، وداعية سلام وفيلسوف أخلاقي مؤثر! عارض الكنيسة وأثار الجدل بين أوساط أتباعها، واعتنق فكر المقاومة السلمية كوسيلة لنبذ العنف والدعوة للتسامح في المقابل .. ومن مأثور أقواله: “الجميع يفكر في تغيير العالم، لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه”.

يصف الفيلسوف في ست عشرة فصلاً من هذا الكتاب القصير الغزير، رحلته التي بدأت في ظلام الكفر وكان استهلالاً لنور أيامه التالية! فرغم الطفولة المثالية التي حظي بها في عائلة أرستقراطية، وانخراطه في شبابه في حرب القرم في أوكرانيا بعد تركه دراسته الجامعية، ثم تحوّله للأدب ومقامراته في باريس، فقد عصفت به أزمة نفسية دفعته للبحث وهو مكتئب عن معنى الحياة، فبدأ بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي لم يجد لديها إجابات مقنعة، فمال للاعتقاد بفساد كافة الكنائس المسيحية، لكنه استمر في بحثه حتى استقر في نفسه روح الإيمان، ثم وفي آخر حياته قام بالإعلان عن نفسه كزعيم أخلاقي يرفع شعار اللاعنف أمام الشر ويقاومه سلمياً ما أثار إعجاب الزعيم الروحي المهاتما غاندي .. واستمر هكذا في كفاحه للتوفيق بين معتقداته الروحية وما خلّفته حياته العملية من عاصفة فكرية في عقله، حتى مات ودُفن في مزرعة عائلته بجوار من رحل من أحبته.

ومن السيرة (Исповедь – By: Лев Николаевич Толстой) التي ترجمها الأرشمندريت أنطونيوس بشير، وحصدت رصيد أنجمي الخماسي كاملاً .. أدوّن ما علق في خاطري، وأقتبس شذرات (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):

  • بعد أن يفشل الفيلسوف في الاهتداء إلى ضالته من خلال العلم والفلسفة والمعرفة، أخذ ينشدها في الحياة نفسها وطفق يراقب أقرانه، الذين وجدهم يلجئون لوسائل أربع للهروب من رعبها، أولها (الجهل): “فإن أصحابه لا يدركون ولا يريدون أن يفهموا أن الحياة شر وكل ما فيها باطل وقبض الريح”. ثانيها (الشهوة): “وهي تقضي على أصحابها أنهم بالرغم من معرفتهم أن كل ما في الحياة من اللذيذ والجميل باطل عند التحقيق، يجب أن يغمضوا عيونهم عن رؤية الوحش والجراذين، ويطلبوا في الوقت نفسه كل ما يمكنهم الحصول عليه من عسل الحياة”. ثالثها (القوة والعزم): “وهي تأمر بالقضاء على الحياة بعد معرفة شرها وبطلانها”.. وطريقتهم في هذا: “حبل حول العنق، أو ما يغرقون فيه، أو سكين يقطعون به قلوبهم، أو قطار يقفون في طريقه فيذهب بهم ويريحهم من شقائهم”. رابعها (الضعف): “خلاصتها أن صاحبها مع علمه بشر الحياة وبطلانها فهو يواظب على المحافظة على حياته رغم معرفته أنها عقيمة لا نتيجة وراءها”.
  • يسترجع الفيلسوف عدد من الحوادث التي شهدها خلال ما أسماه “الحالة الجنونية” التي عاشها مدة ست سنوات، لا سيما أثناء إقامته في أوروبا واختلاطه بعلمائها ومفكريها، وأظهرت له مدى ضلال عقيدة التقدم كنظام للحياة. فيقول: “وفي أثناء إقامتي في باريس، أظهر لي منظر إعدام أحد المجرمين ضعف اعتقادي الوهمي بالتقدم، لأنني عندما رأيت رأس الرجل يطير عن جثته، وسمعت الصوت الذي أحدثه سقوط رأسه وجثته في الصندوق المعد لهما، أدركت بكلية كياني وليس بفكري فقط، أنه ما من نظرية بحكمة جميع النظم الموضوعة، والعقائد المقررة القائلة بالتقدم والارتقاء، تستطيع أن تبرر مثل هذا العمل الفظيع، وأدركت أيضاً في أعماق قلبي أنه ولو أجمعت كلمة كل أبناء الإنسان منذ الخليقة إلى الآن، أن مثل هذا العمل ضروري للتقدم، فإني أعرف كل المعرفة أنه غير ضروري، وأنه عمل رديء بذاته، ولذلك يجب علي أن أحكم على ما هو حق وضروري، ليس بما قاله الناس وفعلوه، ولا بما رتبوه من النظم للتقدم، بل بما أشعر بصوابه في أعماق قلبي”.
  • يعتقد الفيلسوف بأن معرفة معنى الحياة الإنسانية معرفة حقة، تعطي معنى للإيمان الحقيقي والكامل .. معرفة تحمل الإنسان على حب الحياة والحفاظ عليها، وما الإيمان وحده إلا “قوة الحياة”. يقول في هذا المعنى: “فالرجل الحي يؤمن بشيء، وبغير الإيمان لا يستطيع بشر أن يعيش في العالم. لأن الذي لا يؤمن بأن في الوجود غاية يعيش لأجلها هو ميت بالحقيقة. فإذا لم ير ولم يفهم بطلان المحدود فهو يؤمن بغير المحدود. وإذا رأى بطلان المحدود وزواله فهو مضطر إلى الإيمان بغير المحدود! في كل حال فالحياة بغير الإيمان مستحيلة”.
  • وفي خاتمة رحلته، يقر الفيلسوف بأن سعيه في إدراك الإله وتوقفه عند حدود عدم الإدراك، لم يكن ضعفاُ منه أو تقصير، إنما جاءت رغبته في إدراك حدود معرفته، والتي سيقرّ بها عدم إمكانية إدراك الإله، فينتهي .. لا لأن الإيمان بالإله يحتمّ عليه قسراً هذا التسليم. يقول: “لأجل هذا لم أسع إلى تفسير كل شيء. لأنني عرفت أن تفسير الكل كان كبداية كل شيء، مخفياً في قلب غير المحدود، ولكنني رغبت في بلوغ المحجة التي تبدأ عندها غير المدركات. ولكن رغبتي في أن يظل غير المدرك كما هو، لم تكن نتيجة لضعف في القوة الفكرية أو قصور في الإدراك، (لأن القوة الفكرية التي ساعدتني على عملي كانت صحيحة سليمة وبدونها لم أقدر أن أفهم شيئاً)، وإنما كانت رغبتي هذه نتيجة لمعرفتي للحدود التي ينتهي عندها فكري. أجل رغبت من صميم قلبي في أن أدرس الأمور بنفسي لأصل إلى غير المدرك فأرى وأفهم أنه غير مدرك وأرجع عنه من تلقاء ذاتي، وليس لأن الرجوع جزء من إيماني محتوم عليّ أن أعمل به من غير درس ولا بحث”.

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل السيرة (142) ضمن (150) كتاب قرأتهم في عام 2024، وهي في الترتيب (12) ضمن (20) كتاب قرأتهم في ديسمبر .. وقد حصلت عليها من معرض للكتاب بإحدى المدن العربية في نفس العام، ضمن (250) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!

ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى ملاحقة الساعات لإتمام قائمة القراءة .. والتي تطول عادة في آخر شهر من كل عام!

ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: سقوط رجل/ حياة الكتب السرية / النوم إلى جوار الكتب / موت عذب جداً / القرية التي كنا فيها / وداعاً لآلام المفاصل / عودة ليليت / كتاب الجيم / اسمها فلسطين / زيارة لمكتبات العالم / نساء رفضن عبادة الرجل / وقائع من حياة فتاة مستعبدة / النوم إلى جوار الكتب / الغيرة والخيانة / في مديح القارئ السيء / On Bullshit

وعلى رف (سيرة ذاتية) في مكتبتي عدد قليل من الإصدارات .. منها ما نشرت على مدونتي!

تسلسل السيرة على المدونة: 592

تاريخ النشر: ديسمبر 23, 2024

عدد القراءات:45 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *