كتاب في أصله رسالة أكاديمية نالت بها الباحثة درجة (دبلوم الدراسات العليا) من كلية الشريعة بجامعة القرويين في مدينة فاس، والذي تتصدى فيه لجملة من آراء بعض المستشرقين الذين تم تصنيفهم في زمرة “خصوم الإسلام”، وما بذلوا من جهد بحثي ومالي بغرض الطعن في صحته ودس بذور الشك في صدور تابعيه، وبالأخص فيما يتعلق بـ (المرأة المسلمة) لما لها من تأثير بالغ على الأسرة والمجتمع ككل، والذي لا يخفى على أحد بطبيعة الحال، وقد صرّح أحدهم في هذا الاستهداف المقصود بقوله: “إن أكثر العناصر فاعلية في عملية التغيير في العالم الإسلامي، المرأة المتعلمة العاملة خارج البيت”.
لذا، تتطرق الباحثة إلى ثلاثة قضايا رئيسية طالما أثارت شبهات المستشرقين والتي لا تزال قائمة إلى ما شاء الله، وهي تتفرّع إلى عدد من القضايا ذات الصلة! مثل: نظام تعدد الزوجات في الإسلام، واستكثار النبي ﷺ منهن. الحقوق الشرعية التي لم يساو فيها بين الرجل والمرأة، كالطلاق والميراث والقوامة والولاية. حجاب المرأة المسلمة وحقها في التعليم والاختلاط بين الجنسين.
رغم ما سبق، فإن الكتاب لم يكن موضوعياً بالدرجة الكافية، لأسباب يمكن تلخيصها فيما يلي:
- لم يتعرض لأقوال تُصنف على أنها (ادعاءات) أو (أكاذيب) أو (افتراءات) قد يكون جاء بها أولئك المستشرقين، بل أن كل ما عُرض من شبهات على ألسنتهم كان دارجاً، ومما قد يثير تساؤلاتهم المنطقية كأقوام مختلفين ثقافياً وعقائدياً.
- لم يتعرّض سوى لآراء متفرقة عن مستشرقين لم تمثّل أحد سواهم، ولم تكن تعني بالضرورة رأي المجتمع الغربي في العموم.
- لم تكن بعض التبريرات الواردة محل إقناع بالضرورة لأولئك المستشرقين، إذ ليست كل حجة يجدها الشرقيون دامغة، تفعل نفس أفاعيلها مع الغربيين.
- لم تخلُ بعض الحجج من التناقض، كما جاء في إشكالية فهم الحكمة من تعدد زوجاته ﷺ، حيث جاء بعضها بمسوغ احترام المرأة وتوفير الرعاية والأمان والاهتمام مجرداً من أي اعتبارات حسية، في حين جاء بعضها الآخر يؤكد دافع الشهوة لا سيما مع استعراض أحاديث تشي بالحظوة الجنسية.
- لم تخلُ التبريرات من الطعن في حجج المستشرقين المعتمدة على عدد من الأحاديث الضعيفة والاسرائيليات وما لا يصح من التفاسير! غير أن الطعن كان أحرى به أن يوجّه للمدونة الإسلامية التي لا زالت تحتفظ بل وتستشهد وتعيد طباعة تلك المرويات. فبدلاً من لعن ظلمات المستشرقين فلنوقد شعلة الإسلام الصحيح.
- لم تخلُ التبريرات من ديباجة إساءة بعض الرجال/المسلمين للدين الإسلامي من خلال سلوكهم الشاذ والذي لا يُقاس عليه والإسلام منهم براء -وكأنه حيلة لمن لا حيلة له في ذبّ الذنب عن كاهل الإسلام- في حين أن هذا السلوك الشاذ قد يكون ملحوظاً ومتكرراً وسائداً.
- لم يأت التبرير في كامل أوجهه شرعياً، بل استشهد -على سبيل المثال- في تبرير ضرب الزوجة المسلمة (مع الخادم والدابة كما في شرح النووي لصحيح مسلم) برأي العقاد، الذي حظي تاريخياً بامتياز (عدو المرأة)، والذي عدّ من السخف الاعتقاد ببراء معشر النساء من ضروب الإصلاح الكامنة في الضرب!
- لم تأتِ كافة التبريرات والحجج موضوعية كما هو متوقع من بحث أكاديمي، بل كان منها ما هو متلبس عاطفياً.
ختاماً، جاءت النجمة المستحقة للكتاب -على سلم التقييم الخماسي- لنبل الهدف في التصدي للشبهات المفتعلة حول الدين الإسلامي، ودحض ما يتعرض له من إساءة وكذب وافتراء .. ولو أن الأجدر بالتصدي هم أولئك العابثين ممن ينتسبون إليه، والمحسوبين عليه من محدثين ودعاة وشيوخ وكثير من وعاظ السلاطين .. والله المستعان!
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (106) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، وهو في الترتيب (6) ضمن ما قرأت في أكتوبر! أما عن اقتنائه، فقد حصلت عليه من معرض للكتاب في إحدى المدن العربية عام 2023 ضمن (400) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من ذلك المعرض!
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة النهار بالليل في القراءة وحدها .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: إيروتيكا الشعر الصيني / الحب هو الحقيقة الوحيدة / التدرب على السبيل: نحو حياة ذات معنى / المختطفات: شهادات من فتيات بوكو حرام / تأملات في شقاء العرب
وفي مكتبتي .. وعلى رف (الاستشراق) عدد معقول من الإصدارات آخذ في الزيادة، وعلى رف (قضايا المرأة) عدد كبير من الإصدارات كذلك، وعلى رف (الدين الإسلامي) عدد كبير جداً يعود بعضها لمكتبة العائلة العريقة التي انضمت إلى مكتبتي! ومنها جميعاً ما نشرت على مدونتي!
تسلسل الكتاب على المدونة: 556
التعليقات