الكتاب
زيارة لمكتبات العالم: أشهر مكتبات بيع الكتب
المؤلف
الكتاب باللغة الأصلية
Librerías - By: Jorge Carrión
المترجم/المحقق
ريم داوود
دار النشر
العربي للنشر والتوزيع
الطبعة
(1) 2018
عدد الصفحات
336
النوع
ورقي
تاريخ القراءة
12/22/2024
التصنيف
الموضوع
مكتبات العالم بين دفتي كتاب
درجة التقييم

زيارة لمكتبات العالم: أشهر مكتبات بيع الكتب

إضافة إلى العنوان الذي يصف الكتاب بدقة، تعبّر العبارة على غلافه الأول “العالم مكتبة والمكتبة عالم” أوجز تعبير وأجزله .. فالمؤلف الذي وجد أن الطريقة التي تربط قصة ما بالأدب فتنسجم في أجوائه، تبدو وكأنها تشبه “ارتباط مكتبة واحدة بكل المكتبات الموجودة، ووجدت، بل وربما التي ستوجد مستقبلاً أيضاً” .. وهو رغم تصنيفه “المجاز والمرسل والمتجانس” كأبلغ التعبيرات اللغوية، إلا أنه يقرر ولوج جميع المكتبات، الماضية والحاضرة والتي ستنشأ مستقبلاً، مباشرة وبوضوح ودون مجاز! وهو إذ يباشر الولوج، يؤكد بأن التجول في أي مكتبة لا يتطلب جواز سفر، فهي تقرّب العالم وتضعه بين يديه، وتبطئّ له الزمن، وتخصّه بامتياز مختلف من الحرية، وتجعل تجواله ضرباً مختلفاً من السياحة .. أو حسب تعبيره “تصبح السياحة نوعاً مختلفاً من القراءة”.

لقد وجد المؤلف نفسه يجول في مكتبات مختلفة حول العالم، كالذي يمهر أوراقاً رسمية بأختامها، فأصبح كالذي جمع في حوزته وثائق تشهد على مثوله في كل تلك المكتبات أثناء خط رحلته على الطريق الدولي، حيث أكثرها أهمية وجودة وعراقة وجاذبية وعالمية .. (في مكتبات مثل “جرين آبلز بوكس” (كُتُب التفاح الأخضر) في “سان فرانسيسكو”، و “لا بالينا بيانكا” (الحوت الأبيض) في مدينة “ميريدا” الفنزويلية، و “روبنسون كروزو في “إسطنبول”، و “لا لوبا” (العدسة المكبرة) في “مونتفيدو”، وفي “إيكوم دي “باج ” ( رغوة الصفحات) بـ “باريس”، وفي “بوك لاونج” (صالة الكتب في كيب تاون”، وفي “إيتيرنا كادينسيا” في “بوينس آيرس”، و “لا رافاييل البيرتي” بـ ” مدريد “، وفي “كاسا تومادا” (البيت المحتل) في “بوجوتا”، وفي “ميتاليس بيسادوس” (المعادن الثقيلة في “سانتياجو دي تشيلي”، وفي دانتي وديكارت” في “نابولي”، وفي “جون ساندو بوكس” في “لندن”، وفي “ليتيرانتا” في “بالما دي مايوركا”).

إنه فعلاً كتاب يصحبه ضجة كبرى تفتعلها المكتبات .. مكتبات القرون السابقة ومكتبات الماضي القديم والحديث منها، تصحبهم جميعاً دور النشر والكتّاب والباعة والقراء والعناوين والإصدارات والتواريخ والمعالم والمدن والآثار والأشياء والأحداث .. والتي يتطفل عليها أجمعين دون استثناء، مكتبات العالم الافتراضي وكتبه الرقمية!

وبين مقدمتين وخاتمة، يفصّل الكاتب الإسباني مسار رحلاته المكوكية في فضاء المكتبات، وهو إضافة إلى مؤلفاته الأدبية والروائية، أستاذ جامعي، يدرّس الأدب ويقدم برامج أكاديمية في الكتابة الإبداعية، إضافة إلى مقالاته التي ينشرها في جريدة نيويورك تايمز، وجرائد أخرى معروفة في أمريكا اللاتينية .. وقد حصل كتابه هذا على جائزة (ألاجراما)، إضافة إلى ترجمته لأكثر من عشر لغات. والمسار هو كما يلي:

  1. دائماً رحلة
  2. أثينا: بداية محتملة
  3. أقدم المكتبات في العالم
  4. شكسبير وشركاه
  5. مكتبة شرقية
  6. أمريكا (1): من الساحل للساحل
  7. أمريكا (2): من الشمال إلى الجنوب
  8. باريس دون أساطيرها
  9. سلاسل المكتبات
  10. كتب ومكتبات في الطرف القصي من العالم
  11. العرض يجب أن يستمر
  12. المكتبات اليومية

يؤخذ على الكتاب حشو قدر هائل من المعلومات التي يبدو أنها ضجّت في فكر الكاتب وقلبه ففاضت عنهما بين دفتي كتاب محدود رغم صفحاته التي تجاوزت الثلاثمائة، فضلاً عن التداخل والعشوائية في ترتيبها كما تبدو من خلال بعض الأجزاء .. ولو أفرد الكاتب لكل جزء كتاب خاص، لكان أكثر تشويقاً من غير أن ينتقص من جودته شيئاً.

كذلك، ورغم جمالها، تبدو الصور التي التقطها وعرضها ضبابية! قد يكون ذلك راجع لعدم عرضها ملونة كما هي، كما أنها لا تحظى بتعريف ما يجعلها مبهمة لدى القارئ، وإن كان بالإمكان تخمينها في سياق الجزء الذي وقعت فيه!

في العموم، هو كتاب ثري موسوعي .. يحاكي بشكل أو بآخر مؤلفات الكاتب الأرجنتيني-الكندي ألبرتو مانغويل.

ومن مسار تلك الرحلات التي جاءت في ترجمة لا بأس بها من النصّ الأصلي (Librerías – By: Jorge Carrión)، ونال بها الكتاب ثلاثاً من رصيد أنجمي الخماسي، أدوّن ما راق لي، وأقتبس في نص ثري (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) إضافة إلى ما سبق من اقتباسات:

  • بعد أن يتساءل المؤلف عن الهيئة التي كانت عليها مكتبات القرن الثامن عشر، يعرض ما قدّمه الكاتب الأمريكي (هنري بتروسكي) من تاريخ تفصيلي عن الطريقة التي تطور فيها ترتيب الكتب فوق الرفوف! فالبائع في ذلك الوقت يُرى جالساً خلف منضدة واسعة وهو محاط بأكداس ضخمة من المجموعات الورقية، غير مغلفة، ومشدودة كل على حدة بخيوط، تربض جميعاً داخل صناديق خشبية. يستمر في حديثه (أقدم المكتبات في العالم) ويقول: “يمكن رؤية ذلك فيما جاءنا من مكتبة “تيميل أوف ذا ميورس”، التي تعد إحدى أجمل مكتبات القرن الثامن عشر، والتي كانت تقع في “فينسبري سكوير” في “لندن”. أدارها “جيمس لاكنجتن”، الذي كان يرفض التخلص من الكتب غير المباعة، ويعمد إلى بيعها بأثمان أقل من سعرها الأصلي، وهو ما يتفق مع مبادئه التي دونها كالتالي: (الكتب هي مفاتيح المعرفة والعقل والسعادة، ويحق لكل فرد أيا كان وضعه الاقتصادي، أو طبقته الاجتماعية، أو جنسه، أن يحصل عليها بثمن زهيد)”.
  • وبينما يتجول في (مكتبة شرقية) ويتراءى له ابتداءً سؤال حول ماهية الشرق والغرب الذي يعود به لأزمنة موغلة في التاريخ، تراه يشبّه مدينة أسطنبول المختلفة في طرفيها -وهو يستعين بعالمه المفضّل من المكتبات- بدكاكين السوق الشعبي ومحلات الميدان. ثم يقول بعد جولة يشدّه فيها الفضول نحو تاريخ الإمبراطورية العثمانية، وتركيا الحديثة، وحروب الوطنيين الأتراك، والمسألة الأرمنية وما تعلق بها من ثورات ومذابح: “هناك وفرة في كتب إنكار الحقائق في “تركيا”، والكتب المعادية للسامية في “مصر”، والإصدارات المعادية للإسلام في “إسرائيل”. داخل مكتبة “مدبولي” في ميدان “طلعت حرب” بالقاهرة، رأيتُ ثلاث نسخ لـ “بروتوكولات حكماء صهيون”. رأيت فيها أيضاً الأعمال الكاملة لـ “نجيب محفوظ”، الكاتب المصري الوحيد الذي ضاهى “شتاين” و “بولز”، ونجح في أن يصبح نقطة جذب سياحي خلال حياته، بصفته زبونا لقهوة “الفيشاوي” أو “مقهى المرايا” كما نعرفه”. ثم تراه يعرّج على فلسطين ومدنها، بين إغلاق وتخصصات وتحفظّات، فيقول: “في “سيفير في سيفيل”، المكتبة التي أنشئت في “القدس” عام 1975، لبيع الكتب الإنجليزية، والتي أغلقت أبوابها خلال الانتفاضة، وفي مكتبة “تامر” في شارع “يافا” والتي تبيع كتباً عبرية فقط، وفي غيرها من المنشآت ذات الأبعاد السياسية والتاريخية، تشكل المكتبات غير المتخصصة صورة مصغرة للمجتمع الأكبر والأوسع الأقليات المتطرفة موجودة على رفوف قليلة. لكن نظرتي تظل قاصرة، لأن معظم المكتبات التي دخلتها كانت في “القدس”، بينما لم أقم بزيارة إلا عدد ضئيل من المكتبات في “تل أبيب”، وهي المدينة الأقل تديناً وبالتالي فهي الأكثر تسامحاً”.
  • يخصّ الكاتب خاتمة كتابه للحديث عن (المكتبات الافتراضية)، التي يظهر فيها توجّه أصحاب المكتبات الحاليين نحو الرقمية، وبكونهم في نهاية الأمر أرباب أعمال ويتخذون من مكتباتهم مشاريع تجارية للتكسب المادي، في حين تنتابه الحسرة وهو يصف صالات المكتبات التي لطالما رآها أسطورية تجمع الأشباه في حميمية، بين صداقة ومناظرة وحوار وتبادل علاقات، مع كونها مراكز ثقافية في المقام الأول. يقول بعد أن يفرّق بين (القارئ الفائق) الذي يختصّ بعدد محدود من الأعمال يعكف عليها، وبين (القارئ الشامل) الذي يطلق لنفسه العنان بين إصدارات لا حد لها: “يرتبط أسلوبنا في القراءة، بطريقة وثيقة ومعقدة، بالشاشات ولوحات المفاتيح، والكتب التي صارت تُنتج بأعداد متزايدة، والمعلومات السمعية والبصرية ومنصات المعرفة. يرتبط أيضاً بالتوسع والانتشار، مع ما لهما من أبعاد سياسية. انعدام القدرة على التركيز في قراءة نص واحد، يتم تعويضه عن طريق ضوء الشاشة الساطع كما تجلب بالتبعية، تحرراً من السلطات المسيطرة على نطاق القراءة، وتزيل هالة القدسية عن نشاط مر بمراحل متعددة من التطور، ما يؤهله الآن ليصبح أمراً طبيعياً، فالقراءة لا تختلف في شيء عن المشي وعن التنفس، ونحن نقوم بها دون تفكير”.

 

المقطع الفني على الرابط

 

= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =

نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (الأخير) ضمن (150) كتاب قرأتهم في عام 2024، وهو (العشرين) ضمن ما قرأت في ديسمبر .. وقد حصلت عليه من متجر (جملون) للكتب في يوليو من عام 2021 ضمن (20) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة. لقد قصدت أن أختم قائمة القراءة للعام بكتاب يعني بالكتب .. وقد فعلت، وجعلت ختامه مسك!

لقد كان عاماً مثمراً كما رجوت في بدايته .. في جودة الكتب التي حظيت بقراءتها خلاله، وفي الأوقات التي جلبت لي مزيداً من الفائدة والمتعة وأنا أقطعها في مطالعة الكتب، وفي رحاب مكتبتي التي بمجرد النظر إلى أرففها المتراصة، تبثّ كل معنى حميم في وجداني.

وعلى رف (المكتبات) في مكتبتي، الكثير من الإصدارات التي لا تنفك تتزايد .. والتي نشرت بعضها على مدونتي!

تسلسل الكتاب على المدونة: 600

تاريخ النشر: ديسمبر 23, 2024

عدد القراءات:94 قراءة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *