كتاب في السياسة بشكل رئيسي يتطرّق إلى السيرة الذاتية لأحد الزعماء المسلمين القلة المؤثرين محلياً وعالمياً .. وهو الزعيم الماليزي (د. مهاتير محمد).
وفي حين يبتعد الكتاب عن التطرق لحياة الزعيم الشخصية، فإنه يسلّط الضوء بقوة على التحديات التي واجهها في نقل وطنه من مجتمع ريفي خليط الأعراق والأديان، إلى مجتمع ناهض اقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً يتعايش بسلام واحترام متكاملين. تنوعت تلك التحديات لتشمل خطط التنمية والإصلاح والتعليم والتصنيع، ومواجهة الأزمات المالية، والتصدي للمعارضات الداخلية المتمثلة في التيارات الإسلامية على وجه الخصوص، والدولية المتمثلة فيما يسمى بالقوى العظمى كأمريكا وبريطانيا والصهيونية، لا سيما أن الزعيم لم يكن يتحفّظ في إبداء رأيه ضد السياسة الغربية، كدأبه على مواجهة مجرمي الحرب في العراق وفلسطين خلال المحافل الدولية، في جرأة لا ينبغي لها أن تكون لدى أي من زعماء العرب، بطبيعة الحال!.
يعرض الكتاب السيرة السياسية للنمر الأسيوي في ستة عشر فصلاً، تحمل عناوين مختلفة وتتوسع في الشرح والتفصيل، قد حظي معها الكتاب بثلاث نجمات من رصيد أنجمي الخماسي، هي كما يلي:
- من شاب متمرد إلى زعيم أمة
- ماليزيا بالأمس
- قراءة في كف الاقتصاد الأسيوي
- فيروس الطائفية والترياق الماليزي
- نموذج الحاكم المسلم
- التعليم
- البديل الماليزي
- مهاتير محمد للمقاومة العراقية
- خريطة المعارضة الماليزية
- المعارضة الإسلامية
- نفاق الغرب
- اليهود
- ماليزيا غداً
- المهاتيرية نظرية التغيير
- العرب ودرس مهاتير
- مهاتير وجائزة نوبل
… بالإضافة إلى: المقدمة، ملحق: وثائق وشهادات، ملحق: الصور، والمصادر.
ومما ورد في الكتاب عن سر الانقلاب الجذري لمجتمع ريفي إلى حضاري متقدم، أقتبس في نص شامخ (مع كامل الاحترام لحقوق النشر) الآتي: “هل تعلم أن كوالالمبور تعني بيوت أو مدن الطين؟ كيف تحولت إلى ناطحات سحاب؟ لا يختلف اثنان على أن ماليزيا النمر الأسيوي المتألق قدّم أنموذجاً في العمل بجدية، ودأب وانفتاح على تجارب والتعلم من ثقافات الغير .. هذا هو السر وليس أكثر”.
يستخدم الكتاب لغة سلسة تبتعد عن الألفاظ الغريبة والتعبيرات المتكلفة، مما يسهل عملية القراءة وإنهاء الكتاب في زمن قصير نسبياً، غير أنه يشوبه شيء من التكرار بين الفصول، مثل: الاهتمام بالتعليم، الانتقال من مجتمع زراعي إلى صناعي، المجتمع المتعدد إثنياً وعقائدياً.
ختاماً .. إنها سيرة كفاح لزعيم يُعدّ بحد ذاته مدرسة في صدق النية والقول والعمل .. تستحق إدراجها ضمن المناهج الدراسية لشحذ همة جيل المستقبل.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
من الذاكرة: جاء تسلسل الكتاب (58) في قائمة ضمت (85) كتاب قرأتهم عام 2019 تتضمن أربعة كتب لم أتم قراءتها، على الرغم من أن العدد الذي جعلته في موضع تحدٍ للعام كان (80) كتاب فقط! وهو رابع كتاب اقرؤه في شهر سبتمبر من بين ستة كتب.
ومن فعاليات الشهر: قضيت الأيام الأولى منه في زيارة قصيرة إلى مدينة لشبونة عاصمة البرتغال .. احتجت إليها بشدة من أجل الابتعاد والاسترخاء وممارسة القراءة في هدوء .. وفعلت! حيث الشاطئ والشمس والمعزوفات الموسيقية الحية، والممشى تحت قوس النصر في جادة روا أوغستا، وحيوية الحي والسيّاح والساكنين، وأطباق الطعام الأقرب إلى نكهة المطبخ العربي، فضلاً عن ملاقاة بعض الأصدقاء المحليين .. غير أن أزمة الصداع النصفي التي باغتتني على غير ما هو متوقع، اضطرتني إلى قطع الزيارة والعودة إلى الديار بأسرع مما خططت وتمنيت!. لقد كانت تلك الرحلة هي الأخيرة التي قمت بها قبل جائحة كورونا العالمية التي فرضت الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وحظر السفر وموانع مشدّدة أخرى .. علّ الحياة تعود من جديد، وأعود!.
تسلسل الكتاب على المدونة: 171
التعليقات