♥
وفي يونيو من عام 2024
أي بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف على افتتاح مدونتي
أصبحت مدونتي تضم مراجعات كتابية
عن 500 كتاب
♥
مع خالص الشكر لأصدقاء الكتب على الدعم والمتابعة
♥
اقرأ
لا
لأنني
زاهدة
في
الحياة
لكن
لأن
حياة
واحدة
لا
تكفيني
♥
فكر سابق لأوانه في تصور الإله، جاء خلاف الاعتقاد الديني المتطرف الذي كان سائداً في العصر الذي عاش فيه الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا .. وهو موضوع الكتاب .. فليس الإله لديه سوى حب محض وليس الإنسان لديه إلا نفخة روحه!
ففي التقديم الذي جاء بقلم المترجم وبعنوان: (ما معنى أن يكون المرء اليوم سبينوزياً؟)، فإن هذا الكتاب الذي وضعه الكاتب والصحفي وعالم الاجتماع الفرنسي (فريدريك لونوار 1962)، لا يقدم تحليلاً أكاديمياً جافاً لفلسفة سبينوزا، بل يعرض درساً فلسفياً أخلاقياً (إيتيقي) مستخلصاً من نسق فلسفته، لا سيما في ارتباطه بحياة الإنسان الفردية والاجتماعية والسياسية. والمترجم إذ يطرح السؤال الآنف، فذلك لما لمساهمة سبينوزا في تاريخ الفلسفة من تأثير عظيم، ولما يقتضيه طبيعة حال الواقع المعاش من ضرورة البحث عن الدروس الدينية والأخلاقية والسياسية ضمن مناهل الفكر الإنساني، التي لا ينضب معينها بانقضاء المرحلة التاريخية التي احتضنتها، بل إنها تبقى حاضرة أمام الأسئلة الجوهرية التي يفرضها الوجود الحالي والمتعلق بمصير أبنائه.
ومع تعرّض سبينوزا للملاحقة واتهامه ومحاولة قتله إضافة إلى مصادرة كتبه، فقد أخذ المؤلف على عاتقه إيصال “رسالة سبينوزا الأزلية إلى الإنسانية” .. فهي في نظره أشبه برسالة المسيح الأزلية التي جاءت تخاطب العقل البشري، دون وساطة ودون علامات! فالعقل البشري كما أقرّ الفيلسوف ديكارت هو “أعدل الأشياء قسمة بين البشر”، وأنه جدير بتوجيه البشر نحو الحقائق الأزلية ما تم استخدامه بشكل سليم .. “الحقائق التي تستطيع وحدها إتاحة الغبطة التامة والبهجة المطلقة”. لذا، يسلّط المؤلف الضوء على أهم المفاهيم والبراهين والقضايا وما تخلل سيرة سبينوزا في مراحل حياته الخاصة، التي من خلاها تتجلى رسالته الإنسانية، ويتجلّى المعنى المقصود في العنوان الذي اختاره المؤلف ليصف رسالته .. إذ يقول عنه: “ظل وفياً لحب الحقيقة، مفضّلاً حرية التفكير على طمأنينة العائلة والطائفة وعلى الانسياق للفكر السائد. لقد كان ضحية أبشع الانتهاكات! تم التنكّر له من قبل أهله وعاش تحت التهديد المتواصل، ولكنه بقي وفياً دائما للخط الموجه لمسيرته. كان عرضة للكراهية ولكنه لم يكره أبداً. تعرض للغدر ولكنه لم يغدر أبداً. تعرض للسخرية ولكنه لم يستخف بأحد قط. تم شتمه في كثير من الأحيان ولكن رده كان دائماً هو الاحترام. عاش دائماً باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أفكاره”.
عليه، يأتي هذا الكتاب كمنهج لفهم تجربة العيش المشترك بشكل أعمق، ولمقاومة التقهقر الذي تشهده ديمقراطيات العالم الحديث وقد أخذت بالتملّص من المبادئ التي تأسست عليها، وللتصدي لأشكال التطرف الديني والسياسي المرافقين لها .. وهو كذلك كمنهج للحكمة، يتكفّل بتخليص الإنسان من ظروف البؤس والحزن والاضطراب وإبداله بحياة سليمة وسعيدة .. وهو يشرح “كيف تمكّن معلم الحكمة (سبينوزا) من إهداء البشر أفضل طريق ممكن إلى الخلاص”.
فمن هو إذاً (باروخ سبينوزا 1632 : 1677)؟ هو أهم فلاسفة القرن السابع عشر، الذي وُلد في مدينة أمستردام في هولندا لعائلة يهودية تعود في أصولها إلى البرتغال، وقد هاجرت بعد تعرّضها للاضطهاد الديني في شبه الجزيرة الإيبيرية. وبينما تولّى والده -التاجر، المتعصّب لعقيدته- مناصب دينية في أوساط المجتمع اليهودي، ورغم دراسته للتلمود واللغة العبرية، فقد تعرّض سبينوزا للنبذ من الجالية اليهودية بل والطرد من قبل عائلته في نهاية المطاف، وذلك لاعتناقه أفكاراً تعارض الفكر الديني اليهودي، لا سيما في تصوّره عن الإله الذي وجده يكمن في الكون.
ينقسم فهرس الكتاب إلى جزئيين رئيسيين يفصّلان مواضيعهما في سبعة فصول على حدة، ويتفوق الكتاب بأن يحصد رصيد أنجمي الخماسي كاملاً .. والفهرس كما يلي:
وبينما يبدأ الكتاب بصفحة (تقديم)، يليها صفحة (مدخل الفيلسوف – المعجزة)، يختتم بصفحة (خاتمة: عظمة المذهي السبينوزي وحدوده، مع (تذييل مراسلات مع «روبير مسراحي») .. ثم بصفحة (بيبليوغرافيا)، ثم بصفحة (شروح لكتاب الإيتيقا)، ثم بصفحة (كتب حول سبينوزا) .. وينتهي تماماً بصفحتي (فهرست الأعلام) و (المصطلحات).
ومنه، أدوّن ما علق في ذهني وروحي بعد القراءة، وباقتباس في نص روحاني (مع كامل الاحترام لحقوق النشر):
ختاماً .. وبينما يقرّ الفيلسوف الإغريقي أرسطو بأهمية التأمل الإلهي -الذي هو النشاط الأكمل للعقل البشري- في تحقيق السعادة القصوى، فإن سبينوزا قد ذهب إلى أبعد من حدود ذلك النشاط التأملي، ليقرّ “أن ما يكمن فيه خيرنا الأسمى وبهجتنا .. هو المعرفة ومحبة الله”.
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (17) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً بحق في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها فيه، وهو الكتاب (5) في شهر فبراير .. وقد حصلت عليه من متجر (بيت الكتب) الإلكتروني للكتب العربية في ديسمبر من العام الماضي، ضمن (122) كتاب تقريباً كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.
وعلى رف (المنطق والفلسفة) في مكتبتي، يصطف الكثير الكثير من الكتب .. أذكر منها: (دين الفطرة) تأليف: جان جاك روسو / (فلسفة الوحدة) تأليف: لارس سفيندسون / (التأملات) تأليف: ماركوس أوريليوس / (ابن رشد المقلق) تأليف: جان باتيست برونيه / (لصوص الله: إنقاذ اليوتوبيا الإسلامية) تأليف: عبدالرزاق جبران / (تاريخ فلاسفة الإسلام) تأليف: محمد جمعة / (جمهورية أفلاطون) تأليف: حنا خبّاز / (دلالة الحائرين) تأليف: موسى بن ميمون القرطبي الأندلسي / (مقدمة إلى فلسفة الرياضيات) تأليف: برتراند راسل/ (تاريخ الشك) تأليف: جينيفر مايكل / (All About Greek Philosophy) تأليف: Don Domonkos
من فعاليات الشهر: لا شيء جديد سوى أنني لا زلت أترقّب شحنة الكتب التي طلبتها من متجر نيل وفرات للكتب، والتي ستحمل لي أكثر من ستين كتاب.
تسلسل الكتاب على المدونة: 467
تاريخ النشر: فبراير 24, 2024
عدد القراءات:338 قراءة
التعليقات