ما كان هذا الشيء الذي قرأته للتو؟
هل كانت قطعة من أدب السجون بالفعل؟
فلكثرة ما قرأت في هذا الصنف الأدبي، فأنا لا أعتقد بإمكانية خلق عمل تقليدي وآخر غير تقليدي فيه! فأدب السجون هو كذلك ولا يحتمل الاستيهامات!
في عجالة، إنها حكاية (فرات)، شاب عراقي مسيحي يدرس اللغة الإنجليزية في الجامعة ويواعد زميلته الماجنة (أريج) .. يعيش مع جدته منذ السابعة بعد أن فقد والده في حادث سيارة، والتي مع حكاياتها التي لا تنتهي، فهي تحذّره من تجرئه في انتقاده السافر والدائم والفج للسلطة، وقد أعفي من خدمة التجنيد لأسباب صحية تعود لطفولته، فلم يشارك في الحرب العراقية-الإيرانية آنذاك .. فيستمر في انتقاد السلطة مستغلاً مهاراته الأدبية، حتى يتم القبض عليه ويًزج به في السجن، فيُعذب وتُنتهك حرمة جسده، ثم يتردد عليه الضابط (أحمد) المتعاطف، ويسلّمه خلسه قلم وحفنة من ورق .. الأدوات التي على ما يبدو يستغلها السجين وهو في هذيانه لكيل السباب للسلطة لكن بإعجام .. بحروف خالية من التنقيط، حتى يُعثر عليها فيما بعد كمخطوطة، ويتكّفل بها (طلال) أحد المسئولين في الطغمة العسكرية لفكّ طلاسمها، وقد استشاط الجميع غضباً لما ورد فيها!.
لقد أتممت هذا الكتاب على مضض، وقد أوجز في الأسباب كما يلي:
- افتقاد النص الكامل للترابط .. فالأحداث فوضوية وعشوائية ومبتورة! حدث ما هنا يقطعه آخر هناك لا ربط بينهما!
- الحدث الرئيسي الذي كان يُفترض أن يكون سياسياً وعليه تم الاعتقال .. مفقود!
- وماذا عن السجين؟ حاله وتهمه وآلامه وآماله وكل ما كان يجب أن يعترك في وجدانه خلال تجربته في السجن وبعد إطلاق سراحه!
- إذا عكست الأحداث الظروف المعيشية تحت سطوة حزب البعث الاشتراكي برمزه المجيد وأقواله المأثورة وإنجازاته السبّاقة وحاشيته العمياء، من طرف، وما كان يكيله للشعب المستسلم في قهره من ظلم وقمع وتغييب واستبداد، من طرف آخر .. فهي لم تعكس موقف الشباب الثوري المعارض له، لا سيما وأن السجين كان طالباً جامعياً، وأجواء الأحداث تدور بشكل أكبر في الحياة الجامعية، وقد تم اعتقاله على يد أحد المخبرين الذي كان في الظاهر زميلاً له في الجامعة!
- لم كل هذه البذاءة اللفظية والمؤلف أكاديمي؟ هل كانت ستخدم النص بالفعل؟ قد لا يزال بالإمكان الإشارة إلى الفحش بأدب، هذا إن كان سيخدم النص حقاً!
- كذلك، الإيحاءات الجنسية والمشاهد التصويرية .. هل كان لها من داعٍ؟
- هل التعرّض لقدسية الدين والملائكة وأحوال يوم القيامة، بالكذب والتهكم .. نوع من الأدب السريالي أو الرومانتيكي، أو ما شابه؟! تجرأ فاحش آخر!
- جرعة مفرطة من السوداوية والتهكم وحالة مقيتة من اللامبالاة .. ومرة أخرى ألفاظاً نابية تثير التقزز!
- يأتي السرد في أكثره بالدارجة العراقية التي لا بد وستنغلق على الكثير من أبناء العرب!
أخيراً، لقد ظننت ابتداءً أنه كتاب يروي واقعة حقيقية في أحد سجون العالم العربي الممتدة .. لذا، فقد خاب ظني وضاع وقتي معاً، غير أن قصر العرض مع مهارة القراءة السريعة قد أسعفاني في الفراغ من الكتاب خلال ساعة واحدة، وأنا أحاول تجاوز الخارج من الألفاظ .. ما أمكنني!
وودت لو كتب المؤلف ما كتب بإعجام .. أي بدون تنقيط كما جاء في أحد معاني كلمة (إعجام)!
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
نقلاً عن المفكرة: جاء تسلسل الكتاب (72) ضمن قائمة لا تنتهي من الكتب التي خصصتها لعام 2024، والذي أرجو أن يكون استثنائياً في جودة الكتب التي سأحظى بقراءتها خلاله، وهو الثاني ضمن قراءات شهر يوليو! وعن اقتنائه، فقد حصلت عليه من متجر (بيت الكتب) الإلكتروني للكتب في ديسمبر من العام الماضي، ضمن أكثر من (120) كتاب كانوا حصيلة مشترياتي من تلك الشحنة.
ومن فعاليات الشهر: لا شيء سوى مواصلة القراءة ليلاً نهاراً .. وكأنه حلم تحقق!
ومن الكتب التي قرأتها في هذا الشهر: محمد كريشان يروي: وإليكم التفاصيل
وعلى رف (أدب السجون) في مكتبتي عدد يقارب (60) كتاب .. أذكر منها: (الآن هنا) – تأليف: عبدالرحمن منيف / (الفتاة الأخيرة) – تأليف: نادية مراد / (ثلاث خطوات إلى المشنقة) – تأليف: جان دوست / (الساعة الخامسة والعشرون) – تأليف: قسطنطين جيورجيو / (أسرار الصندوق الأسود) – تأليف: غسان شربل / (موت الأبد السوري) – تأليف: محمد أبي سمرا / (لست وحدك: ذاكرة حرية تتدفق) – تأليف: علي جرادات / (دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب) – تأليف: ربيع جابر / (الخزنة: الحب والحرية) – تأليف: عصمت منصور / (اثنتا عشرة صرخة من الوطن) – تأليف: مينولي سالغادو / (الكتابة والسجن: عالم الكتابة في السجن) – تأليف: كميل أبو حنيش / (سرنامة) – تأليف: عزيز نيسن / (أمير الظل) – تأليف: عبدالله البرغوثي / (ذكريات معتقل) – تأليف: حسين عبدالقادر / (بيت خالتي) – تأليف: د. أحمد خيري العمري / (قسم المحكومين) – تأليف: كيهان خانجاني / (الشوك والقرنفل) – تأليف: يحيى السنوار
تسلسل الكتاب على المدونة: 522
التعليقات